logo
مقالات الرأي

الشركات العائلية: عماد الاقتصاد الإماراتي الجديد في مرحلة ما بعد النفط

الشركات العائلية: عماد الاقتصاد الإماراتي الجديد في مرحلة ما بعد النفط
مركز دبي للشركات العائلية، غرفة تجارة دبي، 8 يناير 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:18 أكتوبر 2024, 01:25 م

في ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتمحور حول الانتقال نحو نموذج اقتصادي متنوع وتقليل الاعتماد على النفط، تبرز الشركات العائلية كلاعب رئيس في تنويع مصادر الدخل، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.

لطالما كان النفط القوة الدافعة الرئيسة للنمو الاقتصادي في دولة الإمارات، ومع ذلك، فإن الاعتماد الكبير على هذا المورد الطبيعي يطرح تحديات كبيرة في ظل الجهود العالمية المتزايدة للانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، في ظل هذا التحول العالمي، أصبح من الضروري أن تعيد الإمارات صياغة نموذجها الاقتصادي، إذ تلعب الشركات العائلية دوراً محورياً في هذه العملية.

أخبار ذات صلة

الشركات العائلية في الإمارات والسعودية الأقوى بالمنطقة

الشركات العائلية في الإمارات والسعودية الأقوى بالمنطقة

وتُسهم الشركات العائلية، التي تمتد عبر أجيال متعددة، بنحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، ويصبح هذا الرقم أكثر أهمية إذا ما قارناه بانخفاض حصة عائدات النفط، وفي أبوظبي، عاصمة البلاد ومركزها النفطي، تهيمن الشركات العائلية على القطاع الخاص غير النفطي، الذي يشكل الآن ما يقرب من 43% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة.

وتتميز الشركات العائلية بالمرونة والاستقرار الملحوظين، ففي ظل التقلبات الشديدة في أسعار النفط خلال العقد الماضي، أظهرت هذه الشركات قدرة كبيرة على التكيف والنمو، ويعزى هذا الاستقرار إلى رؤيتها الإستراتيجية طويلة الأمد، التي تختلف بشكل كبير عن النظرة القصيرة المدى التي غالباً ما تتحكم في الشركات العامة.

ومع ذلك، لم يكن هذا التحول خالياً من التحديات، فقد بَنَت كثير من الشركات العائلية أعمالها بوصفها خدمات مساندة لصناعة النفط، ومع تراجع هذا القطاع، اضطرت هذه الشركات إلى تغيير اتجاهها، والتنوع والابتكار بوتيرة غير مسبوقة.

وتعدُّ رؤية الإمارات 2030، التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز الاقتصاد المعرفي، بمنزلة البوصلة الإستراتيجية لكثير من الشركات العائلية، وتستثمر هذه الشركات بكثافة في مجالات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والتصنيع المتقدم، وهي مجالات بعيدة عن نقاط قوتها التقليدية.

يتجسّد هذا التحول بوضوح في الجيل الصاعد من قادة الشركات العائلية، إذ يقودون، بما يتميزون به من انفتاح على العالم وتطلع نحو المستقبل مؤسساتهم نحو التحول إلى الرقمنة والاستدامة، فمن الشائع أن يشهد المرء أبناء الجيل الثالث من العائلات التجارية وهم يطلقون مشاريع تكنولوجية مبتكرة، بينما تقود أحد رواد قطاع البناء مبادرات خضراء رائدة.

ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، فالتخطيط لخلافة القيادة في الشركات العائلية لا يزال قضية حاسمة، إذ إن ثلث هذه الشركات فقط لديها خطط رسمية في هذا الصدد، ويصبح هذا الأمر أكثر إلحاحاً في ظل التحولات الاقتصادية الجذرية الحالية، وستكون القدرة على نقل ليس فقط الثروة، بل أيضاً الرؤية وقابلية التكيف اللازمة لعصر ما بعد النفط، أمراً بالغ الأهمية.

وتبرز الحوكمة بوصفها أحد أبرز الجوانب التي تحتاج إلى تطوير، وعلى الرغم من أن مزيداً من الشركات العائلية الإماراتية تنشئ مجالس إدارة رسمية، فإن قلة منها تضم مديرين مستقلين، لقد نجح هذا النهج الانغلاقي خلال سنوات طفرة النفط، ولكن تعقيدات الاقتصاد الجديد تتطلب أفكاراً وخبرات متنوعة.

أخبار ذات صلة

الأسواق الناشئة حتى 2035: السعودية والإمارات تقودان المشهد الاقتصادي

الأسواق الناشئة حتى 2035: السعودية والإمارات تقودان المشهد الاقتصادي

ويواجه تمويل الشركات العائلية تحديات جديدة في ظل التغيرات الاقتصادية الحالية، مع تراجع قيمة الأصول المرتبطة بالنفط، تبحث هذه الشركات عن مصادر تمويل بديلة لتعزيز نموها، وتعدُّ الاستثمارات الخاصة ورأس المال المغامر من الخيارات المطروحة، ولكنها تتطلب دراسة متأنية.

تدرك حكومة دولة الإمارات الدور المحوري الذي تلعبه الشركات العائلية في هذه المرحلة الانتقالية، وقد أطلقت كثيراً من المبادرات الداعمة لها، ومن بين هذه المبادرات، قانون الشركات العائلية الذي يوفر إطاراً للحوكمة والتخطيط للخلافة، ومبادرة توازن الاقتصادية التي تهدف إلى زيادة المحتوى المحلي في المشتريات، ما يعود بفوائد كبيرة على كثير من الموردين العائليين.

ومن المتوقع أن يشكل التفاعل بين تراجع النفط وصعود الشركات العائلية مستقبل الاقتصاد الإماراتي، ومع تراجع أهمية قطاع الهيدروكربونات، فإن هذه الشركات في وضع يؤهلها لأن تكون الركائز الجديدة للرخاء الوطني.

ومع ذلك، فإن نجاح هذا التحول سيتطلب من الشركات العائلية الموازنة بين نقاط قوتها التقليدية، مثل الصبر والمرونة والمعرفة بالسوق المحلية، وبين المرونة والابتكار اللذين يفرضهما الاقتصاد العالمي.

بالنسبة للشركات العائلية التي تتمكن من تحقيق هذا التوازن، ستكون الفرص هائلة، إذ ستتمكن ليس فقط من الحفاظ على تراثها، بل وإعادة صياغته، لتصبح رمزاً للنهضة الاقتصادية الإماراتية.

واليوم، مع التقليل من الاعتماد على النفط، تدخل الشركات العائلية الإماراتية مرحلة جديدة من النمو والتطور، فبعد أن كانت ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، أصبحت الآن في طليعة القوى الدافعة وراء بناء اقتصاد متنوع ومستدام، وبدعم من الحكومة، تسعى هذه الشركات جاهدة للاستفادة من الفرص المتاحة في قطاعات مثل التكنولوجيا والخدمات اللوجستية والسياحة، لتؤكد ريادتها في المنطقة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC