العملة الرقمية هي شكل من أشكال العملة المتوفرة فقط في شكل رقمي أو إلكتروني، وتسمى أيضًا بالنقود الرقمية، أو النقود الإلكترونية، أو العملة الإلكترونية، أو النقد السيبراني. والعملات الرقمية هي عملات لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة لأنها موجودة فقط في شكل إلكتروني. كما أن الوصول اليها لا يتطلب وسطاء وغالبًا ما يكون التعامل بها أرخص طريقة لتداول العملات. وتعتبر العملات الرقمية المظلة الرئيسية التي تضم جميع أشكال العملات الأخرى سواء الإلكترونية أو الافتراضية أو الرقمية القانونية أو المستقرة أو المشفرة. وبغض النظر عن المسميات الأخرى التي يمكن إطلاقها عليها يبقى الطابع الرسمي لتلك العملات أنها متاحة بشكل رقمي وليس لها وجود مادي (فيزيائي) ملموس، بالرغم من أن لها بعض الخصائص المماثلة للعملات القانونية المادية. وجميع العملات المشفرة هي فئة أصول جديدة (عملات رقمية)، ولكن ليست كل العملات الرقمية هي عملات مشفرة.
العملات المشفرة تستند إلى نظام مشفر ومعقد، والحصول عليها يكون من خلال تقنية سلاسل الكتل blockchain وعبر عملية التعدين Mining ، أي استخراج العملة المشفرة من خلال مسائل خوارزمية معقدة، ولحلِّ هذه المسائل هنالك حاجة إلى أجهزة كومبيوتر متخصصة بالتعدين، ذات قدرات خارقة، كما تحتاج طاقة كهربائية كبيرة، لأن حل هذه المسائل يحتاج إلى الكثير من الكهرباء.
يخلط الكثيرون بين العملات الرقمية الرسمية المركزية، والعملات الرقمية المشفرة غير المركزية. فالعملات الرقمية الرسمية المركزية هي نسخ الكترونية للعملات الوطنية الورقية، وهي عملات جاهزة للحصول عليها، ولا تحتاج إلى التعدين، وليست مشفرة، وترتبِطُ هذهِ العملات بالبنوك المركزية، وهي شبيهة تماماً بالعملات الورقية، ومن أمثلتها "اليوان الرقمي" و"الدولار الرملي" لجزر الباهاما. في حين أن العملات الرقمية المشفرة هي عملات غير جاهزة للحصول عليها بسهولة، وغير مرتبطة بالبنوك، وليست مركزية، ومن الأمثلة عليها "البتكوين" و"إيثيريوم" وغيرهما من العملات المشفرة.
أظهرت إحصائيات شركة "تريبل إيه" وهي بوابة دفع بالعملات المشفرة، أن إجمالي مستخدمي العملات المشفرة في الأردن بلغ 129 ألف مستخدم. ووصل عدد مستخدمي العملات المشفرة أو الرقمية في الهند الى أكثر من 100 مليون مستخدم، وجاءت الولايات المتحدة بالمرتبة الثانية على مستوى العالم بأكثر من 27 مليون مستخدم. وعربياً، حازت مصر على أكبر عدد من مستخدمي العملات المشفرة بأكثر من 1.7 مليون شخص، وبعدها المغرب في المرتبة الثانية عربيًا بـ 878.1 ألف مستخدم، ثم السعودية في المرتبة الثالثة بـ 452.7 ألف مستخدم.
كما أظهرت الإحصائيات، أن عملة «البيتكوين» شكلت 66% من إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة، وبلغت القيمة الإجمالية لسوق العملات المشفرة، بتاريخ 6 سبتمبر /أيلول 2023 حوالي 1.18 تريليون دولار. ويبلغ حجم السيولة في العالم حوالي 90.4 ترليون دولار أميركي، ما يعني ان نسبة العملات المشفرة الى اجمالي السيولة العالمية لا تتجاوز 1.3% فقط.
بالمقابل، فان العملات الرقمية للبنوك المركزية CBDCs هي شكل من أشكال العملة الرقمية الصادرة عن البنك المركزي لبلد ما. وهي تشبه العملات المشفرة، إلا أن قيمتها ثابتة من قبل البنك المركزي وتعادل العملة الورقية وتعتبر رمزاً للسيادة الوطنية للبلاد. وتعمل العديد من البلدان على تطوير العملات الرقمية لبنوكها المركزية، وقد قام عدد قليل جداً من الدول لا يتجاوز أربعة دول باصدار عملتها الرقمية الرسمية، ما يعني أن البنوك المركزي متأخرة جداً في إصدار عملاتها الرقمية.
إن قبول العملات الافتراضية المشفرة على نطاق واسع قد يشكل بديلا لأموال البنوك المركزية، ما قد يقلل الحاجة الى النقد اللازم لإجراء المعاملات الناتجة عن الدخل الاسمي وما يقلل من حجم ميزانيات البنك المركزي وقدرتها في التأثير على أسعار الفائدة قصيرة الأجل والاقتصاد الحقيقي.
لنتخيل الزمن بعد 10 – 20 عاماً، فكل التعاملات ستكون رقمية وكامل عمليات الدفع ستكون الكترونية ومن خلال الحسابات الالكترونية والمحافظ الالكترونية والعملات الرقمية الرسمية والرقمية المشفرة. ولأن العالم بطور التحول للاقتصاد الرقمي وبشكل كبير، فلا بد من الاسراع في اصدار العملات الرقمية الرسمية من قبل البنوك المركزية، ولا بد أيضا من تنظيم عمليات التعامل بكافة أشكال العملات الرقمية سواء أكانت رسمية أم غير رسمية، مشفرة ام غير مشفرة.
إن اعتراف الدول بالعملات المشفرة كالبيتكوين وغيرها كوسيلة للتبادل والدفع لتسوية المعاملات التجارية يقلل من حصة العملات الوطنية في التعاملات التجارية العالمية، وهذا من شأنه الاخلال بوظيفة النقود الرئيسة طالما أن هذا النوع من الاصول أو العملات غير منظم ومراقب رسمياً من قبل البنوك المركزية. فإصدار المزيد من العملات الرقمية المشفرة يفاقم من صعوبة التحكم بعرض النقد (السيولة) في الاقتصاد وبالتالي التحكم بمعدلات التضخم، وقد تؤدي زيادة التعامل بالعملات المشفرة الى توسيع الفجوة بين الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد المالي.
ومن بين المخاطر على المتعاملين والاقتصاد، تقلب الأسعار، حيث تشهد العملات المشفرة، وخاصة غير المستقرة، قفزات كبيرة في قيمتها خلال فترات زمنية قصيرة. وهذا يعني أن المستثمرين قد يتعرضون لخسائر كبيرة. وقد تواجه العملات الرقمية اختراقات إلكترونية، ما قد يعرض أموال المتعاملين بها للخطر. ومن جانب أخر، قد توفر العملات الرقمية المشفرة اذا ما تم تنظيم أسواقها الى توفير مصادر تمويل جديدة للاقتصاد وللمشروعات الاقتصادية المختلفة.