52 مليار دولار إيرادات الإمارات من السياحة.. والآتي أفضل

حققت دولة الإمارات قفزة كبيرة في تصنيف إيرادات السياحة العالمية، حيث ارتقت من المركز الثالث عشر إلى المركز السادس بإجمالي إيرادات قدرها 220 مليار درهم (60 مليار دولار) في عام 2023، فيما تشير التوقعات إلى مزيد من النمو خلال السنوات المقبلة.

تسجيل هذا الرقم إلى إيرادات السياحة، والذي كشف عنه مؤشر السياحة العالمي لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في مايو 2024، وضع الإمارات جنباً إلى جنب مع دول بارزة مثل الولايات المتحدة وإسبانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا التي احتلت المراكز الخمسة الأولى على التوالي. وفي الوقت ذاته، تصدرت الولايات المتحدة قائمة إيرادات السياحة العالمية في 2023 بتسجيلها 176 مليار دولار.

وقد ارتقت الإمارات 7 مراكز في التصنيف العالمي لتحتل المركز رقم 18 في مؤشر التنمية السياحية والسفر 2024 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وإضافة إلى ذلك، احتلت المرتبة الأولى عالمياً في مجال البنية التحتية للنقل الجوي، والمرتبة الثانية في البنية التحتية للخدمات.

سياح من كل الفئات

على مدى سنوات، شهدت دولة الإمارات إقبالاً كبيراً من رجال الأعمال والسياح على حد سواء للاستمتاع في تجارب فريدة في عالم من ناطحات السحاب الشاهقة، والكثبان الرملية القرمزية، والهندسة المعمارية المستقبلية، والتجارب الفاخرة، فضلاً عن التنوع الثقافي النابض بالحياة. وكانت الدولة قد شهدت تحولاً اقتصادياً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث أعادت تشكيل اقتصادها لتصبح مركزاً عالمياً رئيسًا للأعمال، وذلك بدعم من سلسلة من المبادرات الإستراتيجية، بما في ذلك تسهيل إجراءات تأسيس الشركات التجارية، وتوسيع نطاق الملكية للأجانب، وإصلاحات في إجراءات منح التأشيرات، وتطوير الأنظمة والقوانين، والتي اجتذبت جميعها عمالة عالية الكفاءة من جميع أنحاء العالم.

أما قطاع السياحة في الإمارات نفسه، فقد حقق نمواً كبيراً في العام الماضي بلغت نسبته 26% على أساس سنوي، حيث تجاوز فعلياً مستويات ما قبل الجائحة بنسبة 14%، لتصل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى 11.7%. وتواصل الإمارات، هذا العام، جهودها لاستقبال المزيد من السياح من جميع أنحاء العالم، حيث تعمل حملات سياحية عديدة في مختلف البلدان على استهداف الإمارات كإحدى الوجهات السياحية الرئيسة لديها. وإضافة إلى ذلك، أطلقت الإمارات الإصدار الرابع من حملتها السياحية السنوية تحت عنوان "أجمل شتاء في العالم" تحت شعار "قصص لا تُنسى"، والتي تسعى إلى تعزيز الاستثمار في مشاريع السياحة الداخلية ودعم نمو الإيرادات في قطاعات السفر والضيافة والطيران، وبالتالي رفع مساهمتها في الاقتصاد الوطني.

 الإشغال الفندقي

بدوره، أظهر قطاع الضيافة في الإمارات نمواً ملحوظاً في الربع الأول من 2024، وهو ما يبدو واضحاً من ارتفاع معدلات الإشغال والإيرادات لكل غرفة متاحة، حيث شهدت أبوظبي زيادة بنسبة 22% في عدد نزلاء الفنادق ليصل إلى 1.3 مليون زائر سنوياً. وفي الوقت ذاته، شهدت دبي قفزة سنوية بنسبة 10.9% لتصل إلى 5.18 مليون زائر في الربع الأول، لتسجل ارتفاعاً بنسبة 9.1% عن مستويات ما قبل الجائحة. كما سجلت دبي 6.68 مليون زائر لليلة واحدة بين يناير وأبريل 2024؛ ما يعكس نمواً بنسبة 11% على أساس سنوي. وهذا يمثل 38.95% من إجمالي 17.15 مليون زائر لليلة واحدة في 2023.

مستقبل واعد

تشير التوقعات إلى مستقبل مشرق لقطاع الضيافة في دولة الإمارات، حيث من المقدر أن تتجاوز إيرادات القطاع 7 مليارات دولار بحلول 2026. وتشهد الدولة إقبالاً متزايداً من المستثمرين العقاريين بعد إلغاء شرط الدفعة الأولى 50% التي كانت مطلوبة سابقاً للاستثمارات العقارية المؤهلة للحصول على تأشيرة الإقامة الذهبية لمدة 10 سنوات. وعلى صعيد آخر، تعتزم دول مجلس التعاون الخليجي إطلاق تأشيرة سياحية موحدة بحلول نهاية العام، والتي ستتيح لحاملي التأشيرة حرية السفر بين كافة دول المجلس الست، وهي الإمارات والسعودية وقطر وعُمان والكويت والبحرين.

ضمن رؤية طموحة تهدف إلى دفع قطاع السياحة إلى آفاق أرحب، تسعى دولة الإمارات إلى استقطاب استثمارات بقيمة 100 مليار درهم واستقبال 40 مليون نزيل فندقي سنوياً بحلول 2031. وبناء على هذه التطلعات، من المتوقع أن يُسهم قطاع السياحة بشكل أكبر في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، حيث تشير التقديرات إلى بلوغ مساهمته نحو 450 مليار درهم. وعلاوة على ذلك، يُقدر أن يبلغ قطاع السياحة وحده 64 مليار دولار في الاقتصاد الإماراتي خلال 2024.

 نمو قوي في مختلف القطاعات

على صعيد تجارة التجزئة، يوشك "مول دبي"، الذي يُعد ركيزة أساسية في قطاع تجارة التجزئة بالمدينة، أن يشهد مرحلة نمو كبيرة. فقد أعلنت شركة "إعمار العقارية" عن تنفيذ توسعة إستراتيجية بقيمة 1.5 مليار درهم (نحو 400 مليون دولار). وسيوفر هذا التطوير 240 وجهة جديدة للبيع بالتجزئة تشمل العلامات التجارية الفاخرة، إلى جانب خيارات متنوعة للطعام والشراب. وإضافة إلى ذلك، بدأ العمل في مشروع مطار آل مكتوم الدولي الجديد الذي تبلغ تكلفته نحو 35 مليار دولار. وعند اكتماله، من المتوقع أن تستقطب دبي وحدها 150 مليون مسافر سنوياً. ولا شك في أن هذا الأمر سيحفز النمو في قطاع البنية التحتية نتيجة للطلب المتزايد على العقارات والمستشفيات والمدارس والمكاتب.

تُعد دولة الإمارات أيضاً إحدى أسرع الوجهات نمواً في مجال السياحة العلاجية بفضل بنيتها التحتية المتطورة وتقديمها مجموعة متنوعة من الخدمات العالية الجودة والتزامها التام بأعلى معايير سلامة المرضى. وفي إطار تعزيز هذا القطاع، قامت السلطات المختصة بإدخال تأشيرات علاجية للمرضى الراغبين في الحصول على الرعاية الصحية في الإمارات. وتتمتع دولة الإمارات بميزة إضافية تتمثل في موقعها الجغرافي الإستراتيجي الواقع على مفترق طرق أوروبا وآسيا وأفريقيا. وتشير تقديرات خبراء الصناعة إلى أن ما يقارب 6 إلى 7 آلاف سائح طبي يسافرون عبر مطارات دبي يومياً في أثناء تنقلهم لتلقي العلاج في دول مثل الهند وألمانيا وسنغافورة. ويتوقع المحللون أن تصل نفقات الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 124 مليار دولار بحلول 2028. كما تتوقع غرفة تجارة وصناعة دبي تحقيق نمو سنوي قوي بنسبة 7.5% لقطاع الرعاية الصحية في الإمارات، ليصل إلى 10.7 مليار دولار بحلول 2025. ومن المأمول أن يواكب هذا التوسع ارتفاعٌ في الإنفاق على الرعاية الصحية، إذ تشير التوقعات إلى زيادة تصل إلى 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2026، وصولاً إلى 5.1% بحلول 2029.