إستراتيجيات التواصل الأساسية للتوسع في سوق تنافسية

تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) محوراً أساسياً في المشهد الاقتصادي لأي دولة. وحتى منتصف عام 2022، كانت دولة الإمارات موطناً لحوالي 557 ألف شركة صغيرة ومتوسطة، أسهمت بأكثر من 63.5% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. والآن، يُرجح أن يتوسع هذا التأثير المهم، إذ تشير التوقعات إلى أن عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة قد يرتفع إلى مليون شركة بحلول عام 2030. من هنا، وفي ضوء دورها الحيوي، سيكون من المفيد الغوص في بعض إستراتيجيات التواصل الأساسية التي يمكن أن تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على ترسيخ حضورها في السوق بفاعلية.

أهمية فهم السوق

عززت الإمارات مكانتها كدولة رائدة في تبني التكنولوجيا الرقمية، من خلال إدخال العديد من المبادرات والتغييرات على المستوى الوطني. ووفقاً لدراسة «الحالة الرقمية في الإمارات العربية المتحدة» لعام 2024 من «داتا ريبورتال» (Data Reportal)، تشهد الدولة تحولاً رقمياً عميقاً.

 فمع تعداد سكاني يقارب 10 ملايين نسمة، يستخدم حوالي 97% من السكان الإنترنت. وقد ارتفع معدل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي إلى 112%، حيث يمتلك العديد منهم أكثر من حساب. وعلاوة على ذلك، يصل معدل الاتصال عبر الهواتف المحمولة إلى 219.4%، مما يحدد مجتمعاً رقمياً بالكامل ومشاركاً بنشاط.

الرقمنة هي الأهم

من الضروري ليس فقط أن تمتلك العلامات التجارية حضوراً عبر الإنترنت، ولكن أيضاً، أن تحتل مرتبة عالية في نتائج البحث عبر الإنترنت لطلبات العملاء المختلفة. نظراً لأن معظم المستهلكين لن يكونوا على دراية باسم الشركة، فإنه من المهم للشركات التركيز على الظهور في عمليات البحث عن الكلمات الرئيسة الأكثر تكراراً في صناعتها. إن إعطاء الأولوية لتحسين محركات البحث (search engine optimization) أو (SEO)، كجزء من إستراتيجيتك التسويقية، أمر ضروري. سيظل المتخصصون في مجال الاتصالات، والذين يبتكرون إستراتيجيات التواصل مع عناصر التسويق الرقمي، متقدمين على منافسيهم، مما يضمن حصول أعمالهم على المزيد من الظهور المرئي، وبالتالي العملاء المحتملين.

استغلال وسائل التواصل الاجتماعي

غالباً ما يقلل الكثير من الناس من قوة وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن للتحديثات المنتظمة لهذه القنوات، أن تقدم للعملاء المحتملين رؤى متعددة حول خبرة العلامة التجارية والنقاط التي يمكنها المساعدة على حلها. وفقاً لدراسة أجرتها "ديماند ميتريك" (Demand Metric)، يفكر 60% من العملاء في الاستفسار عن منتج وشرائه بعد قراءة محتوى يشرح عنه، مما يبرز التأثير الكبير للمحتوى الجيد في دفع قرارات المستهلك.

الاستفادة من البيانات

غيّر تطور الذكاء الاصطناعي (AI) كيفية مراقبة الشركات لمنافسيها والتكيف مع تغيرات السوق، من بين أمور أخرى. وفي هذا السياق، تمكّن أدوات الذكاء الاصطناعي المسوّقين من تحليل مجموعات البيانات الضخمة، وتحديد الاتجاهات الرئيسة، والتنبؤ بسلوك العملاء. هذه الميزة التكنولوجية يمكن أن تساعد العلامات التجارية على تخصيص إستراتيجياتها التسويقية، من خلال تقديم رسائل مصممة بعناية لا تقتصر فقط على جذب الانتباه، بل تلبي أيضاً احتياجات جمهورها المستهدف. ويمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تسعى إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، أن تحقق فوائد كبيرة من خلال دمج هذه التكنولوجيا في عملياتها. بالنسبة إلى أولئك الذين يشعرون بالقلق إزاء تعقيد دمج الذكاء الاصطناعي، فإن المفتاح هو «البدء» بشكل بسيط.

 أهمية الترويج التنفيذي للشركات الناشئة المتوسعة

في سوق الشركات الناشئة شديدة التنافسية، يوفر الترويج التنفيذي ميزة فريدة للشركات المتوسعة. من خلال مشاركة الأفكار والخبرات باستمرار عبر الإنترنت، أو من خلال قنوات أخرى، لا يبني المديرون علامتهم الشخصية فحسب، بل يعززون أيضاً مصداقية شركاتهم. وهذا يضعهم في موقع قادة صناعيين موثوق بهم، مما يعزز العلاقات القوية مع العملاء وأصحاب المصلحة.

وفقاً لبحث من «ستاتيستيك براين» (Statistic Brain)، يفشل حوالي 25% من الشركات الناشئة في عامها الأول، وترتفع النسبة إلى 36% بحلول العام الثاني، وأكثر من 70% بحلول العام العاشر. تعاني شركات ناشئة عديدة من ضعف الرؤية والثقة، إذ غالباً ما يظل العملاء المحتملون غير مدركين لوجودها، وتكون نقاط الاتصال الرئيسة للعلامة التجارية غير متطورة. يلعب المؤسسون والمديرون التنفيذيون دوراً حيوياً في سدّ هذه الفجوة، من خلال التفاعل المهني النشط والظهور. إن التركيز فقط على العمليات أو المبيعات في السنوات الأولى يمكن أن يحد من النمو، إذ يحتاج العملاء إلى فهم واضح للعلامة التجارية. وفي العصر الرقمي اليوم، يُعد الحضور القوي عبر الإنترنت أمراً حاسماً للحصول على ميزة في سوق مشبع ودفع النجاح على المدى الطويل.

نهج متعدد الجوانب

يتطلب توسيع نطاق شركة ناشئة في السوق التنافسية اليوم، اتباع نهج متعدد الجوانب. من خلال المحافظة على القدرة على التكيف واحتضان الأدوات الرقمية بشكل إستراتيجي، يمكن للشركات الناشئة التغلب على التحديات الشائعة، وحجز مكانها في سوق مزدحمة بشكل متزايد. إن التركيز على بناء الثقة، والمحافظة على الظهور، واستغلال التكنولوجيا المبتكرة هي مكونات رئيسة لضمان النجاح على المدى الطويل، والمرونة في بيئة الأعمال الديناميكية.