logo
عقارات

ضريبة القصور.. كيف تؤثر على سوق العقارات في أميركا؟

ضريبة القصور.. كيف تؤثر على سوق العقارات في أميركا؟
أحد القصور الفاخرة في بيل إير، كاليفورنيا، والتي تضم الكثير من العقارات الراقية.المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:24 أكتوبر 2024, 05:02 م

مع سعي الحكومات المحلية في الولايات المتحدة إلى إيجاد مصادر إضافية للإيرادات، تزداد شعبية ضريبة القصور، التي غالباً ما تكون موضع جدل في أسواق العقارات.

وتستهدف هذه الضريبة عادة المعاملات العقارية الفاخرة، ما يثير نقاشات بين خبراء العقارات الذين يرون أنها تعرقل النشاط في السوق.

ويؤثر فرض ضريبة على القصور بشكل خاص على مبيعات العقارات في المدن الكبرى، مثل: نيويورك، ولوس أنجلوس، وسان فرانسيسكو، ويكشف عن علاقة معقدة بين السياسات العامة، والضرائب، وسوق الإسكان في أميركا، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».

ضريبة القصور

تُدفع ضريبة القصور عادةً لمرة واحدة، وتُفرض عند إتمام عملية شراء العقار. ورغم أن المصطلح يوحي بأن الأغنياء فقط هم من يتحملونها، إلا أن تلك الضريبة في مدن، مثل نيويورك، تنطبق أيضاً على عقارات ليست بالضرورة فاخرة، وفقاً للمعايير المحلية.

على سبيل المثال، تم فرض ضريبة القصور في نيويورك العام 1989، حيث يدفع المشتري 1% على أي عملية شراء تزيد على مليون دولار. ومع مرور الوقت، وارتفاع قيمة العقارات، تأثر قطاع أوسع من المشترين بهذه الضريبة.

وفي العام 2019، أضافت مدينة نيويورك ضريبة قصور إضافية على العقارات التي تزيد قيمتها على مليوني دولار، مع زيادة نسبة الضريبة تدريجياً للعقارات ذات القيم الأعلى. وتصل الضريبة، حالياً، إلى 3.9% على العقارات التي تتجاوز قيمتها 25 مليون دولار.

تأثيرات سلبية

أوضح التقرير أن ضريبة القصور قد تتسبب في تأثيرات سلبية قصيرة المدى تُعطّل المعاملات العقارية. ففي العديد من الحالات، تؤدي تلك الضريبة إلى زيادة مفاجئة في المبيعات قبل دخول الضريبة حيز التنفيذ، يتبع ذلك تباطؤ في السوق. وقد ظهر هذا النمط في لوس أنجلوس عندما تم تنفيذ ضريبة العقارات الفاخرة (Measure ULA) الموجهة لتمويل الإسكان الميسر.

وتُطبّق هذه الضريبة بنسبة 4% على العقارات السكنية والتجارية التي تزيد قيمتها على 5 ملايين دولار، و5.5% على العقارات التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار.

وفي الشهر الأول بعد دخول تلك الضريبة حيز التنفيذ، شهدت لوس أنجلوس انخفاضاً حاداً في عدد المبيعات العقارية التي تزيد على 5 ملايين دولار. ففي مارس 2023، تم تسجيل 90 عملية بيع، بينما انخفض العدد في أبريل إلى 4 فقط. ويعكس هذا الانخفاض الحاد زيادة مفاجئة في المبيعات لإتمام الصفقات قبل سريان الضريبة، تلاه تباطؤ كبير مع تردد البائعين في طرح عقاراتهم في السوق.

تعزيز الإيرادات

رغم التداعيات التي تسببها ضرائب القصور، تُعد هذه التدابير أدوات ضرورية لتعزيز الإيرادات، بهدف معالجة قضايا اجتماعية أوسع، مثل نقص الإسكان الميسور. ففي لوس أنجلوس، على سبيل المثال، كان من المتوقع أن يجمع قانون (Measure ULA) ما يقرب من مليار دولار سنوياً لدعم مبادرات الإسكان. ومع ذلك، كانت الإيرادات الفعلية المحققة في الأشهر الأولى أقل بكثير من التوقعات. فمنذ أبريل وحتى أوائل أكتوبر 2023، حققت الضريبة حوالي 403 ملايين دولار من 623 صفقة، وهو مبلغ يقل كثيراً عن التقديرات السابقة.

وعلى الرغم من ذلك، تُخصص غالبية الإيرادات التي تُجمع من ضريبة القصور للخدمات العامة الحيوية. في نيويورك، تُستخدم ضريبة القصور لتمويل هيئة النقل الحضرية (MTA). في العام 2023، جمعت الهيئة 345.1 مليون دولار من الضريبة، ما ساهم بتمويل مشاريع رأسمالية، وتحسينات في البنية التحتية.

أما في سان فرانسيسكو، فتُستخدم الأموال التي يتم جمعها من خلال ضريبة (Proposition I)، التي ضاعفت معدل ضريبة نقل الملكية على المبيعات التي تتجاوز 10 ملايين دولار، لمعالجة قضايا الإعفاءات من الإيجارات في حالات الطوارئ، وبرامج الإسكان الميسر.

وبين عامي 2021 و2024، أفادت لجنة الإشراف على صندوق استقرار الإسكان في سان فرانسيسكو بجمع 324 مليون دولار، مع تخصيص 203 ملايين دولار لمشاريع الإسكان الميسر، وبرامج الإعفاءات من الإيجارات في حالات الطوارئ.

الأسواق تستعيد نشاطها

أشار التقرير إلى أنه مع مرور الوقت، تتكيف الأسواق عادةً مع تطبيق ضرائب القصور. ورغم حدوث انخفاض مبدئي في مبيعات العقارات الفاخرة، إلا أن هذه الأسواق تستعيد نشاطها تدريجياً. ففي لوس أنجلوس، بدأ عدد المبيعات التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين دولار في الارتفاع مرة أخرى بحلول منتصف عام 2024.

وفي يوليو 2024، تم تسجيل 25 عملية بيع لعقارات تزيد قيمتها على 5 ملايين دولار، ما يمثل أكثر من ضعف العدد المسجل في يوليو 2023، على الرغم من أنه لا يزال أقل قليلاً مقارنة بشهر يوليو 2022.

أما في نيويورك، فقد شهدت زيادة ضريبة القصور، في العام 2019، نمطاً مشابهاً. ففي الشهر الذي سبق رفع الضريبة، ارتفع عدد مبيعات مانهاتن التي تتجاوز قيمتها 2 مليون دولار إلى 661، وهو ما يقرب من ضعف إجمالي المبيعات في الشهر السابق. ومع ذلك، انخفضت المبيعات بشكل حاد في الشهر الأول بعد الزيادة إلى 164 عملية. وبحلول نهاية العام، استقرت السوق، حيث تجاوزت مبيعات ديسمبر 2019 تلك التي تمت في ديسمبر 2018.

التلاعب بالأسعار

وفق التقرير، فإن أحد الآثار الرئيسة لضرائب القصور هو التلاعب في أسعار العقارات لتفادي تجاوز حدود الضرائب، وهذا الأمر شائع بشكل خاص في أسواق مثل نيويورك، حيث يتفاوض المشترون والبائعون غالباً على تحديد الأسعار لتكون أقل قليلاً من مليون دولار لتجنب الضريبة.

نتيجة لذلك، أشار وكلاء العقارات إلى أن إدراج العقارات بأسعار مثل 995,000 دولار أو 998,000 دولار أصبح إستراتيجية شائعة لجذب المشترين الذين يسعون إلى تفادي الضريبة. ويعكس هذا التلاعب التغييرات التي يمكن أن تفرضها الضرائب، حتى وإن كان التأثير المالي ضئيلاً نسبياً.

اتجاهات اقتصادية وسياسية

أفاد التقرير بأن تحقيق إيرادات مرتفعة نتيجة فرض ضريبة القصور في مدن، مثل: نيويورك، ولوس أنجلوس، وسان فرانسيسكو، مدفوع باتجاهات اقتصادية وسياسية أوسع. ومع تراجع قيم العقارات التجارية، وانخفاض التمويل الحكومي، تواجه الحكومات المحلية ضغوطاً متزايدة للبحث عن مصادر دخل جديدة. 

وتُعد ضريبة القصور، التي تستهدف، في المقام الأول، الأثرياء، حلاً مقبولاً سياسياً، خاصة عندما يُخصص الدخل لقضايا شعبية، مثل: الإسكان الميسر، والنقل العام.

ومع ذلك، لا يخلو تطبيق تلك الضريبة من التحديات، حيث يمكن للاضطراب في سوق العقارات أن يجعل من الصعب التنبؤ بكمية الإيرادات التي سيتم جمعها. 

وتُظهر الإيرادات الأقل من المتوقع التي جُمعت من ضريبة (Measure ULA) في لوس أنجلوس هذا التحدي. وبالمثل، تتأرجح الإيرادات التي تُجمع من خلال ضريبة (Proposition I) في سان فرانسيسكو بناءً على ظروف السوق.

ورغم الجدل الذي يحيط بها، أصبحت ضريبة القصور عنصراً أساساً في أسواق العقارات الفاخرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ولها تأثيرات قصيرة وطويلة الأجل على صفقات العقارات، حيث إنه غالباً ما يتبع التقلبات المصاحبة لتطبيقها استقرار في السوق.

ومع تخطيط المزيد من المدن الأميركية لتطبيق أو توسيع فرض ضريبة القصور، يتوقع التقرير أن يستمر الجدل حول فعاليتها وعدالتها، مؤكداً ضرورة أن توازن الحكومات بعناية بين الحاجة إلى الإيرادات وتأثيرها المحتمل على أسواق العقارات، مع معالجة التحديات الاقتصادية الأوسع التي تدفع إلى المطالبة بمثل هذه الضرائب في المقام الأول.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC