قفزت أسعار المساكن، وارتفعت معدلات فائدة الرهن العقاري بسرعة، بالتزامن مع احتمال اتجاه الاقتصاد نحو الركود. لذلك قرر إريك لانسر وأليسون مانفريدا شراء منزل.
واجه المشترون تحديات متباينة وقوية أدت إلى تباطؤ سوق الإسكان، لكن ملايين المنازل لا تزال تشهد تغيراً في مالكيها هذا العام، ويرى بعض المشترين أن البحث الآن عن منزل أفضل من التعامل مع حروب العطاءات وشراء المنازل دون تفقدها، التي كانت السمة الغالبة على السوق المحموم العام الماضي.
لم يستغرق السيد لانسر والسيدة مانفريدا سوى بضعة أسابيع خلال سبتمبر للعثور على المنزل الذي يريدانه في ضاحية والثام في بوسطن. ظل العقار الحديث معروضًا في السوق منذ شهور، وخفض البائع السعر عدة مرات، وعرض الزوجان سعر نهائي قبله المالك على الفور.
قال لانسر: "مزايا السعر المنخفض كانت أكثر أهمية بالنسبة لنا من ارتفاع معدل الفائدة".
بلغ معدل فائدة الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عامًا الذي تفاوضا عليه 4.5%، وهو أعلى من المعدل الذي كانوا سيدفعونه قبل عام، لكن ذلك لم يمنعمهما من إتمام الصفقة والبقاء في بيتهم المُستأجر في بوسطن، حيث توقعا زيادة المالك قيمة الإيجار للمرة الثانية خلال عدة سنوات.
تراجع المبيعات
يتباطأ السوق على اختلاف المناطق ونوعية المنزل، ويتوقع الاقتصاديون استمرار ذلك التباطؤ، حيث انخفضت مبيعات المنازل المملوكة سابقًا بنحو 24 % في سبتمبر على أساس سنوي، إلى المستوى السنوي المعدل موسمياً البالغ 4.71 مليون، ليسجل أضعف مستوى منذ ذروة الوباء.
دفعت أسعار الفائدة المرتفعة العديد من المشترين خارج السوق، حيث تضاعف متوسط معدل الفائدة الثابتة على الرهن العقاري لمدة 30 عامًا هذا العام إلى نحو 7%، بزيادة 2% خلال الشهرين الماضيين.
يرى المشترون الذين يتحملون تكاليف الرهن العقاري المرتفعة أن السوق أصبح أكثر هدوءً. فقد دفع العديد من المشترين العام الماضي أكثر بكثير من الأسعار المطلوبة وتنازلوا عن الضمانات الشائعة، مثل خيار الخروج من الصفقة إذا حدث خطأ ما أثناء الفحص أو بخصوص الموافقة على الرهن العقاري. يقول وكلاء العقارات إن بإمكانهم أخذ وقتهم الآن، والاستناد إلى سعر معقول وإبقاء جميع وسائل الحماية.
الطبقة الوسطى
استنزف الأميركيون الكثير من المدخرات خلال الجائحة، ويقول المسؤولون التنفيذيون في البنوك إن المستهلكين الأميركيين بحالة جيدة من الناحية المالية، رغم معدل التضخم الأعلى منذ عقود. ولكن الأمر يتطلب نوعًا معينًا من المشترين ليتمكنوا من شراء منزل في عام 2022.
يبدو أن الأشخاص من الطبقة المتوسطة هم الأكثر استعدادًا للشراء في ظروف السوق الحالية، وفقًا لمايك فراتانتوني، كبير الاقتصاديين في اتحاد المصرفيين للرهن العقاري، وهي مجموعة تجارية، الذي قال أنهم أقل تأثراً بالتضخم من الشريحة الدنيا من المشترين، وأقل تأثرًا أيضاً بانخفاض أسعار الأسهم والسندات من الشريحة الأعلى.
انخفضت طلبات شراء العقارات باستخدام قروض عقارية بأرصدة تتراوح بين 300 ألف دولار و510 آلاف دولار في سبتمبر على أساس سنوي، مقارنة بطلبات الرهن العقاري الأكبر والأصغر، وفقًا مؤشر الشراء "إم بي إيه" MBA. (يحصل الشخص الذي يدفع 20% مقدماً من سعر المنازل متوسطة القيمة على رهن عقاري بقيمة308 آلاف دولار).
ارتفاع مؤلم
تتمثل إحدى النقاط المضيئة نسبيًا بالسوق في تحول طلب الناس من المناطق باهظة الثمن إلى شراء منازل في مناطق أرخص، وفقًا لسام خاطر، كبير الاقتصاديين في شركة "فريدي ماك" الذي يقول: "إن الارتفاع في أسعار الفائدة مؤلم، لكن السوق الذي تنتقل إليه لا يزال في متناول الجميع".
وأظهر تحليل خاطر أن المشتريات بين الأشخاص الذين ينتقلون من المناطق المكتظة بالسكان إلى أخرى قد انخفضت بمقدار النصف، مقارنة بالمشتريات بين الأشخاص الذين ينتقلون داخل نفس المنطقة.
انتقل جيفري زيجيسكي وآشلي كالابريس إلى ويست هارتفورد في كونيتيكت هذا الصيف على بعد ساعة من ستربريدغ في ماساتشوستس ، ليكونا أقرب إلى العائلة، حيث باع الزوجان منزلهما القديم واشتريا منزلًا جديدًا بسعر أقل من سعر العرض للبيع.
أراد الزوجان الحصول على قرض عقاري مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، وحصلوا بالفعل على رهنًا عقاريًا قابلًا للتعديل بسعر ثابت خلال السنوات العشر الأولى بمعدل فائدة 4.625% والذي يقدم معدل فائدة أقل من الرهن العقاري بفائدة ثابتة في السنوات القليلة الأولى، وقد شكل ذلك النوع من الرهن العقاري الحصة الأكبر من طلبات الرهن العقاري الأسبوع الماضي منذ عام 2008، وفقًا لـ"إم بي إيه".
الانتظار لن يفيد
قال زيجيسكي: "الانتظار لن يفيدنا شيئًا على المدى الطويل".
المشترون الذين يستخدمون قروضًا بدفعة مقدمة منخفضة، مثل القروض التي تقدمها وزارة شؤون قدامى المحاربين ووكالة تمويل الإسكان الفيدرالية، أكثر قدرة أيضًا على المنافسة مع المشترين الآخرين هذا العام، حيث جاءت نحو 27% من عمليات تثبيت معدلات الفائدة على الرهن العقاري في سبتمبر جاءت من برامج قروض وكالة تمويل الإسكان الفيدرالية أو وزارة شؤون قدامى المحاربين، بارتفاع من 19% في يناير، وفقًا لمزود برمجيات وبيانات الرهن العقاري، "بلاك نايت"،.
أما العام الماضي، فقد تجاهل البائعون هؤلاء المشترين وفضلوا قبول العروض من عدد كبير من الأشخاص الذين يدفعون نقدًا، أو يسددون دفعات مقدمة كبيرة.
دفعات مقدمة
لا يزال هناك الكثير من المشترين يستخدمون النقود ويدفعون دفعة مقدمة أكبر. حيث دفع نحو ربع المشترين جميع الأموال نقدًا في الأشهر الأخيرة، بحصة مساوية لما كانت عليه قبل عام، لكنهم يفعلون ذلك الآن للتحكم بالتكاليف.
عندما اشترى ديفيس كالي منزله في إنغليوود بكولورادو هذا الصيف، قرر دفع دفعة مقدمة بنسبة 30% ما سهل عليه تحمّل القسط الشهري لقرض الرهن العقاري، الذي كان بمعدل فائدة 5.375 %، كما جعل الأقساط قريبة من تكلفة الإيجار.
تشارك والداه معه حتى لا يضطر إلى بيع استثماراته بخسارة، حيث اشترى المنزل بقيمة 600 ألف دولار، أقل 15 ألف دولار من السعر المطلوب.
قال كالي: "لقد حالفني الحظ لأنني حصلت على ما كنت أريده".