logo
عقارات

زلزال تركيا.. هل يمثل جرس إنذار لعيوب البناء بأميركا؟

زلزال تركيا.. هل يمثل جرس إنذار لعيوب البناء بأميركا؟
تاريخ النشر:12 فبراير 2023, 11:28 ص

في الوقت الذي يدرس فيه المهندسون المتخصصون، الزلزالين اللذين ضربا تركيا وسوريا يوم الإثنين الماضي، صار واضحا أن أحد الأسباب الرئيسية لما حدث من دمار، هو تصميم معماري شائع في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وأجزاء أخرى من الولايات المتحدة.

 الخرسانة غير المطيلة

ووفق تحليل نشرته صحيفة "لوس أنجليس تايمز" فإن عيوب البنايات من الخرسانة، وهي قصفة وغير مطيلة (لا تقبل التمدد)، شائعة في أنحاء كاليفورينا (الولاية الذهبية)، مع وجود العديد من المباني التي لم يتم تقييمها أو تعديلها، والمعرضة لخطر الانهيار حال حدوث زلزال قوي، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

 وربما يفترض سكان الولاية أن المباني لديهم أفضل من تلك في تركيا، ولكن كاليفورينا لم تتعرض، لأكثر من قرن من الزمان، لزلزال شديد بقوة 7.8 درجة، والذي دمر معظم مدينة سان فرانسيسكو، في عام 1906.

سوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتمكن مهندسو التشييد، من إعداد تقرير شامل عن المباني التي تضررت، أو دمرت في تركيا وسوريا. لكن العديد من الخبراء، الذين فحصوا الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالمباني المهدمة، قالوا إن الخلل الأساسي كان واضحا: فقد كانت تلك المباني من الخرسانة، غير المطيلة، وكانت تحتوي على مكون غير مناسب من قضبان حديد التسليح، التي تجعل الخرسانة هشة، وتندفع إلى خارج الأعمدة حال اهتزازها.

وقال مهندس إنشائي من مؤسسة "مياماتو إنترناشونال" في بيان: "المباني السكنية بالمنطقة هي في الغالب من الخرسانة الهشة، وهي معرضة بقوة للاهتزازات التي تحدثها الزلازل".

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، انتشرت المباني ذات الهياكل الخرسانية، وهي مصطفة في العديد من أشهر شوارع لوس أنجليس، ولكن عيوبها القاتلة ظهرت على نطاق دولي، في أعقاب زلزال سيلمار عام 1971. وأصيب المسؤولون بالذهول عندما تعرض "مركز أوليف فيو الطبي"، والذي كان آنذاك بناء حديثا من خمسة طوابق، لأضرار بالغة جراء هذا الزلزال.

وأفادت محاكاة نفذتها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بأن من  الممكن أن يؤدي زلزال بقوة 7.8 درجة في جنوب كاليفورنيا إلى انهيار 50 من المباني الخرسانية، بشكل جزئي أو كلي، مع وجود حوالي 7500 شخص داخلها.

 المباني لن تصمد

 ويقول أستاذ علوم الأرض بجامعة جنوب كاليفورنيا، جيمس دولان،: "لدينا آلاف من هذه المباني في أنحاء كاليفورنيا، حيث يعيش عشرات الآلاف من سكان الولاية، وحيث يعملون"، مضيفا أنهم يدركون أن "المباني لن تصمد أمام الزلازل.. ندرك ما سيحدث لها حينما تهتز في زلزال قوي".

 وأظهرت مثل هذه المباني الخرسانية هشاشة، إثر وقوع زلازل في أنحاء متفرقة من العالم، وبينها المكسيك ونيوزيلندا.

 لقد كانت العيوب جسيمة، لدرجة سارع معها المسؤولون بحظر إنشاء المباني من الخرسانة غير المطيلة في أعقاب زلزال سيلمار، كما قاموا بتحديث الحد الأدنى من شروط البناء، حتى يضمنوا أن تكون الهياكل الخرسانية التي أقيمت في الثمانينيات وما بعدها، مطيلة - أو مرنة – حال حدوث اهتزاز. ولكن لم تطلب الحكومات في أي بقعة من العالم، على مدار عقود، تحديث المباني القديمة.

إجراء تعديلات

 ولم يطلب العديد من الحكومات  المحلية في أميركا، إجرء تقييم للمباني الخرسانية أو تعديلها، وبينها في المدن الأكثر ازدحاما بالسكان في كاليفورنيا، مثل سان خوسيه وسان فرانسيسكو ولونج بيتش. وأصدرت ثلاث مدن (لوس أنجليس وسانتا مونيكا وويست هوليوود) أوامر بإجراء تعديلات. لكن الموعد النهائي لإجراء ذلك لا يزال أمامه وقت طويل، وهو في أربعينيات القرن الحالي.

وأثنى مهندسو الإنشاءات على صدور أوامر التعديل الملزمة، والتي صدرت عقب تحقيق نشرته مجلة  التايمز في عام 2013، ألقى الضوء على إخفاق مسؤولي المدينة في التصرف، وأبدوا قلقا بالغا لعدم اتخاذ المدن الأخرى نفس الخطوات.

وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في عام 2008، إن الهياكل الخرسانية هي أحد نوعين من البناء "يرجح بقوة أنه يتسبب في مقتل الناس حال وقوع زلزال". أما النوع الثاني، فهو المباني بدون أعمدة خرسانية، بما فيها مباني الطوب القديمة.

وحذر مهندس الإنشاء كيت مياموتو، المدير التنفيذي لمؤسسة مياموتو إنترناشونال، في مقابلة، من أن التقاعس عن طلب عمليات التعديل في المباني الخرسانية من شأنه أن يكلف كاليفورنيا حياة الكثيرين.

 وأوضح أنه إذا لم تتحرك المدن الأخرى، "فإن هذا الضعف السياسي، سوف يودي بحياة الناس"، ويعمل مياموتو أيضا مفوضا للسلامة من الزلازل في كاليفورنيا، ولكنه أوضح أن تصريحاته ليست لها علاقة باللجنة.

 انهيارات كارثية

 كانت المباني الخرسانية في لوس أنجليس تعرضت لانهيارات كارثية، إثر زلزال سليمار الذي ضرب المنطقة بقوة 6.6 درجة في عام 1971، وأيضا زلزال نورثريدج ، بقوة 6.7 دجة في عام 1994.

 وبحسب الخبر جيمس دولان، هناك سبب آخر يجعل المباني عرضة للانهيار، وهو عدم وجود وصلات مناسبة بين الأعمدة الرأسية والأرضيات الأفقية، والتي تنكسر حال حدوث اهتزاز.

وهناك عوامل أخرى ساهمت في الانهيارات التي حدثت في مواقع أخرى كثيرة، وبينها الفساد في عمليات التفتيش الخاصة بالسلامة، والإهمال، وعدم كفاءة عمل التصميمات.

وتقول بعض المدن في كاليفورنيا، إنها بصدد استكشاف عمليات تعديل لنوع مختلف من الهياكل المعيبة: وهو المباني السكنية ذات "الطوابق الناعمة"، وهي مبان ذات طوابق أرضية غالبا، ما تكون أقل سمكا مقارنة بباقي الطوابق، وتصلح للاستخدام كمرآب للسيارات. وأدى انهيار واحد من مثل هذه المجمعات في زلزال نورثريدج إلى مقتل 16 شخصا.

وقبل عقد من الزمان، صارت سان فرانسيسكو واحدة من أولى المدن، التي تطلب إجراء تعديلات تحديثية لمباني الطوابق الناعمة، وقد تم إجراء تعديلات لحوالي 90% من إجمالي 5000 مبنى يشملها مرسوم المدينة. ورغم ذلك، لم تصدر المدينة مطالب بإجراء تعديلات المباني الخرسانية، والتي يتراوح عددها هناك ما بين 2000 و3000.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC