يسعى قطاع التشييد والبناء المصري للتوسع في أسواق دول الخليج العربي خلال عام 2025، لا سيما في الإمارات والسعودية، مستفيداً من الطفرة الكبيرة في معدلات النمو العمراني في كلا البلدين.
ورغم أن التوسعات العمرانية التي تنفذها دول الخليج العربي تعد من الأسباب الرئيسة لهذا التوجه، إلا أن هناك عوامل أخرى، بحسب تصريحات رئيس لجنة التشييد والبناء في جمعية رجال الأعمال المصرية، فتح الله فوزي، لـ«إرم بزنس».
وأشار إلى أن الشركات المصرية تسعى للحصول على حصة من عائدات هذه الاستثمارات العملاقة، في ظل الفرص المتزايدة في المنطقة.
أوضح رئيس لجنة التشييد والبناء في جمعية رجال الأعمال المصرية، أنه خلال العشر سنوات الأخيرة، تمكن قطاع العقارات المصري من اكتساب خبرات كبيرة تؤهله لاختراق أسواق جديدة، ومنها أسواق دول الخليج.
كما أشار إلى أن الشركات المصرية تسعى أيضاً إلى البحث عن مصادر تدفقات نقدية جديدة لتمويل مشروعاتها القائمة، خاصة في ظل تفاقم أزمة الدولار.
وفي السعودية، انعكس النمو في القطاع العقاري على القروض العقارية التي منحتها البنوك التجارية للأفراد والشركات في نهاية الربع الثاني من العام الجاري، حيث ارتفعت بنسبة 11.4% لتصل إلى 814 مليار ريال (نحو 216.66 دولار أميركي)، ما يمثل 29.6% من إجمالي الائتمان المصرفي وفق مشروع الموازنة للعام المقبل. وأوضح فوزي أن هذه الزيادة تعكس بشكل رئيس رغبة الحكومة في زيادة تملك المواطنين للمساكن.
وفي الإمارات، أشار تقرير صادر عن «سي بي آر إي» إلى أن القطاع العقاري واصل تحقيق مستويات قياسية جديدة في أحجام المعاملات خلال الربع الثالث من العام الجاري.
وقد تصدرت إمارة دبي المشهد العقاري من حيث المبيعات السكنية التي بلغت أكثر من 120 مليار درهم، مع نمو بنسبة 30% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتوقع التقرير نمواً ملحوظاً للقطاع العقاري في أبوظبي في العام المقبل 2025، بفضل اكتمال عدد من المشاريع العقارية في أنحاء الإمارة، وفقاً لوكالة أنباء الإمارات (وام).
في المقابل، عانى قطاع التشييد والبناء المصري، وبخاصة شركات التطوير العقاري، من أزمة الدولار التي تفاقمت منذ الربع الأخير من العام الماضي حتى بداية مارس 2024، حيث تخطى سعر الدولار مستوى 70 جنيهاً في السوق الموازي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار مواد البناء، خاصة الحديد الذي لامس سعره 60 ألف جنيه، وهذا أثر بشكل كبير في معدلات تنفيذ المشروعات، بالإضافة إلى انخفاض التدفقات النقدية للشركات.
وتراجع سعر الدولار مع تدخل البنك المركزي المصري في الأسبوع الأول من مارس الماضي، بتحريك سعر الفائدة 600 نقطة أساس ليختفي السوق الموازي للدولار ويتراجع سعره إلى أقل من 50 جنيهاً في البنوك.
وأكد فوزي أن الشركات المصرية قامت بتوفير مصادر جديدة للتدفقات النقدية، سواء من خلال تسويق مشروعاتها القائمة في مصر أو البحث عن فرص استثمارية جديدة في القطاع العقاري الخليجي.
فيما قالت عبير عصام عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصري ورئيس مجلس إدارة مجموعة «عمار» العقارية لـ«إرم بزنس» إن مصر تسعى لزيادة مبيعات الوحدات العقارية إلى الأجانب، في إطار مساعيها لزيادة مصادر النقد الأجنبي، مشيرة إلى أن الشركات المصرية قد توسعت في هذا المجال منذ الأعوام الثلاثة الماضية.
أضافت أن التوجه لم يعد مقتصراً على التسويق فقط، بل امتد إلى البحث عن فرص استثمارية، خاصة في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وأوضحت قائلة: «لدينا فرع لشركتنا في مدينة دبي، ونحن ندرس حالياً إحدى الفرص الاستثمارية في القطاع الترفيهي».
وترى عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصري، أن التوجه نحو دول الخليج أو ليبيا يأتي كنوع من التحوط، بهدف تحقيق التوازن في تدفقات الدولار، أو لمواجهة احتمالية الركود التي قد يواجهها القطاع في إحدى الأسواق.
وخلال شهر نوفمبر الماضي، بحثت 35 شركة من قطاع التشييد والبناء المصري، بما في ذلك المكاتب الهندسية الاستشارية وشركات التطوير العقاري، فرص الاستثمار في السوق السعودي، بحسب ما صرح به فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء في جمعية رجال الأعمال المصريين.
ويعترف فوزي بأن القطاع العقاري في دول الخليج أكثر تنظيماً من نظيره المصري، وهو ما قد يجعل بعض الشركات غير قادرة على دخول هذا السوق الجديد، حيث تفضل العديد من الشركات العمل في السوق المصري.
بحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، فإن قطاع التشييد والبناء يتجاوز حصته 18% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي تصريحات لـ«إرم بزنس»، يقول محمد البستاني، مؤسس جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية ورئيس مجلس إدارة شركة البستاني للتنمية العقارية، إن القواعد المنظمة للسوق في مصر أكثر مرونة، حيث تسمح للشركات بالبيع قبل التنفيذ. وأضاف أن معدل العائد على الاستثمار في مصر يعد أعلى مقارنة بالقطاع العقاري في دول الخليج.
وخلال السنوات العشر الماضية، توسعت مصر في المشروعات العقارية العملاقة في العاصمة الإدارية شرق القاهرة، التي تتجاوز مساحتها 223 ألف فدان، كما عملت على بناء مدينة العلمين الجديدة على ساحل البحر المتوسط، في إطار زيادة رقعة العمران إلى 14% من مساحة مصر الحالية.
وفي العامين الأخيرين، ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه، مما أوجد ضغوطاً كبيرة على شركات التطوير العقاري، ما أجبرها على البحث عن مصادر جديدة للتدفقات النقدية لاستكمال مشروعاتها.