تحولت شركة «تسلا» من رائدة في الابتكار في عالم السيارات إلى مواجهة خطر فقدان أهميتها، مما يضعها في مسار مشابه للعديد من شركات تصنيع السيارات الأخرى. ومع اقتراب إطلاق «روبوتاكسي» الجديد، يبدو أن هذه الفرصة قد تكون الأخيرة لإيلون ماسك لإثبات أن «تسلا» لا تزال أكثر من مجرد مصنع سيارات.
بحسب تقرير لموقع «بارونز»، استطاعت «تسلا» أن تحافظ على زخمها بفضل رؤية ماسك الطموحة، الذي كان دائماً يسبق منافسيه بخطوات. فقد كان من أوائل من آمنوا بإمكانات السيارات الكهربائية في وقت كان فيه الكثيرون يشككون في نجاح هذا التوجه.
ماسك لم يقتصر على تقديم سيارات كهربائية، بل استطاع أن يقنع المستثمرين بأن «تسلا» قد تكون النسخة الخاصة بالسيارات من شركة «أبل»، من خلال إنشاء نظام بيئي متكامل يشمل تقنيات القيادة الذاتية، الألواح الشمسية، وبطاريات تخزين الطاقة. وبحلول عام 2021، تجاوزت قيمة «تسلا» التريليون دولار، متفوقة على عمالقة التكنولوجيا مثل «إنفيديا»، التي حققت هذا الإنجاز بعد عام.
لكن، مع مرور الوقت، بدأ تقدم «تسلا» في مجال السيارات الكهربائية يتقلص، مما أثر على جاذبيتها في السوق. اليوم، تواجه «تسلا» منافسة شديدة من شركات رائدة مثل «فورد» و«جنرال موتورز» في الولايات المتحدة، و«فولكس فاجن» و«بي إم دبليو» في أوروبا، و«بي واي دي» و«نيو» و«تويوتا» في آسيا، التي تقدم جميعها سيارات كهربائية متطورة، بما في ذلك النماذج الهجينة التي لا تركز «تسلا» على تطويرها.
وأضاف التقرير أن التكنولوجيا المتقدمة التي كانت تتميز بها «تسلا» أصبحت متاحة في سيارات أخرى، تتراوح من «مرسيدس إي كيو إي» الفاخرة إلى «شيفروليه إيكونوكس» الأكثر اقتصادية. وحتى الابتكارات في مجال القيادة الذاتية، التي كانت تُعتبر سمة حصرية لـ«تسلا»، تشهد تطوراً ملحوظاً من شركات مثل «وايمو» التابعة لـ«ألفابيت».
ومع تراجع نمو قطاع السيارات الكهربائية عالمياً، انخفضت أسهم «تسلا» بنحو 40% من أعلى مستوياتها، رغم أنها لا تزال تحظى بتقييم مرتفع يصل إلى 90 ضعف تقديرات الأرباح للـ12 شهراً المقبلة، مما يضعها في صفوف الشركات التقنية الكبرى. يبقى التساؤل قائماً: هل ستتمكن الأسهم من استعادة مستوياتها السابقة، أم ستواصل الانزلاق نحو الأسفل؟.
وفقاً للتقرير، قد تأتي إجابة هذا السؤال في العاشر من أكتوبر، حين يقف ماسك أمام المستثمرين في فعالية «روبوتاكسي» في هوليوود، كاليفورنيا. هذه الفعالية تهدف إلى تسليط الضوء على التكنولوجيا التي يمكن أن تمنح «تسلا» القدرة على المنافسة مجدداً. وسيكون على ماسك إقناع المستثمرين بأن «تسلا» لا تزال مركزاً للابتكار وتستحق مكانتها بين عمالقة التكنولوجيا مثل «أبل» و«أمازون» و«ألفابت».
ينقسم المحللون حول رؤية ماسك الطموحة لتكنولوجيا القيادة الذاتية. على عكس المنافسين الذين يستخدمون مستشعرات متعددة، تعتمد «تسلا» فقط على الكاميرات البصرية والشبكات العصبية العميقة. وفي حين أن هذه المقاربة واجهت شكوكاً، يصر ماسك على أنها طريق قابل للتطبيق نحو تحقيق الاستقلالية الكاملة في القيادة.
ومع ذلك، لم تقدم «تسلا» بعد صفقات ملموسة أو بيانات مقارنة بإحصائيات السلامة الخاصة بـ«وايمو»، والتي تركز على تقليص كبير في الإصابات الناتجة عن الحوادث. كما تُظهر التحسينات التدريجية في برنامج القيادة الذاتية الكامل (FSD) لدى«تسلا» وعوداً.
منذ الإعلان عن فعالية «روبوتاكسي» في أبريل، ارتفعت أسهم «تسلا» بنحو 50%، رغم أنها لا تزال أقل بكثير من أعلى مستوياتها على الإطلاق. ولتلبية توقعات المستثمرين، قد لا يحتاج ماسك إلى تقديم «روبوتاكسي» فعلي فقط، ولكن أيضاً إلى جدول زمني واضح لتوفير الخدمة واستراتيجية لاستثمار تقنية القيادة الذاتية لـ«تسلا». كما يتكهن بعض المراقبين بأن ماسك قد يكشف عن تفاصيل حول مركبة بأسعار معقولة، تصل إلى أقل من 30,000 دولار، مما سيزيد من جاذبية «تسلا» للسوق ويعزز المبيعات.
واستعرض التقرير التحديات المتزايدة التي تواجهها «تسلا»، بما في ذلك تراجع المبيعات في الولايات المتحدة بنحو 10% على أساس سنوي، وزيادة المنافسة من السيارات الهجينة. لكن على الرغم من هذه العقبات، لا تزال السيارات الكهربائية والمركبات الهجينة تستحوذ على حصة أكبر من السوق، حيث تمثل حوالي 19% من إجمالي المبيعات في الولايات المتحدة.
مع مجموعة متنوعة من الابتكارات تشمل تخزين الطاقة، والذكاء الاصطناعي، والروبوتات المتقدمة، أكد التقرير أنه لا يمكن نسيان أن «تسلا» هي شركة كبيرة جداً، إذ تمتلك أكبر شبكة من محطات الشحن السريع في أميركا الشمالية، ولديها وحدة تخزين طاقة كبيرة ومتزايدة تقدم بطاريات تخزين للمنازل والمرافق، والتي تعزز من فائدة مولدات الطاقة الشمسية والريحية.
إلى جانب ذلك، تمتلك «تسلا» قاعدة واسعة من المستخدمين، حيث يدفع مئات الآلاف منهم 99 دولاراً شهرياً للاستفادة من تقنيات مساعدة السائق التي تقدم وظائف متعددة. كما أن لديها أعمالاً ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تشمل روبوتات تم تدريبها على حواسيب طورتها الشركة. ويجذب قطاع تخزين الطاقة في «تسلا» اهتماماً متزايداً، إلا أن بعض المحللين يرون أنه يُعتبر عنصراً ذا قيمة منخفضة ضمن استراتيجية نمو الشركة.
وختاماً، أكد التقرير أن القيمة المستقبلية لـ«تسلا» قد تعتمد على أداء قطاعات أعمالها المختلفة، إذ قد تقدر قيمة قطاع السيارات بحوالي 600 مليار دولار بحلول عام 2030، بينما قد يضيف تخزين الطاقة 600 مليار دولار أخرى.
وتبقى القيمة المحتملة لأعمال «روبوتاكسي»، التي تُقدر بنحو 400 مليار دولار، غير مؤكدة لكنها واعدة.