logo
تكنولوجيا

"إنفيديا" تنتفض.. وزخم الذكاء الاصطناعي لم ينتهِ بعد

"إنفيديا" تنتفض.. وزخم الذكاء الاصطناعي لم ينتهِ بعد
زوار لجناح "إنفيديا" ضمن مؤتمر "هانغتشو أبسارا" في مقاطعة تشجيانغ الصينية يوم 31 أكتوبر 2023. المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:20 أغسطس 2024, 09:35 ص

قبل أسبوع فقط ضلّت شركة "إنفيديا" الطريق لتدخل سوقاً هابطةً باعثة علامات استفهام حول ديمومة الزخم السريع الذي أنتجه الذكاء الاصطناعي فجأة في تعاملات "وول ستريت"، بعدما أبهرت العالم منذ فترة ليست بالبعيدة بإزاحتها "مايكروسوفت" عن عرش الشركات الأعلى قيمة في العالم.

لكن عملاق صناعة الذكاء الاصطناعي حققت عودة لافتة حين أنهت الأسبوع الماضي بأفضل أداء أسبوعي في نحو عام، أعادت به الزخم إلى أسهمها، وأسهم قطاع التكنولوجيا المنكشف على الذكاء الاصطناعي. 

حتى جلسة الـ9 من أغسطس الجاري كان السهم هبط 19% في شهر اتسم بخسارة الشركة جزءاً مهماً من قيمتها السوقية ضمن موجة هبوط طغت على "وول ستريت"، لكن سرعان ما عاد إلى الانتعاش الأسبوع الماضي مدعوماً بتقرير إيجابي من "بنك أوف أميركا"، ليختتم تداولات الأسبوع على ارتفاع كبير بـ18.9% شكل أفضل أداء للشركة في نحو عام، منذ الصعود الصاروخي خلال الأسبوع المنتهي في الـ26 من مايو من العام الماضي. 

وجاءت جلسة أمس الاثنين، تأكيداً من "إنفيديا" لمسار التعافي بعد تسجيلها رابع أفضل أداء على مؤشر "إس آند بي 500" بارتفاع بلغ 4.4%.

كما يبدو أن هذه العودة أنعشت آمال المتفائلين بعصر الذكاء الاصطناعي، إذ يدور الحديث حالياً بين الخبراء حول زخم جديد، على رأسهم محللو "ويدبوش سيكيوريتيز" (Wedbush Securities) الذين حاولوا في رسالة حديثة للمستثمرين تبديد المخاوف حول الإنفاق الكبير للشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتأثيره في نمو الإيرادات والأرباح، وفق ما نقله موقع "ماركت ووتش".

رحلة الصعود

استطاعت "إنفيديا" في فترة قصيرة جداً لفت الأنظار إليها، ففي البدء تفوقت على "غوغل"، ثم سرعان ما أزاحت "آبل" عن طريقها، لتُنزل "مايكروسوفت" لاحقاً من عرش الشركات العملاقة، وتصبح الشركة الأكثر قيمة في العالم فور انتهاء جلسة الـ18 من يونيو الماضي.

في الـ5 من يونيو، كان سعر سهم صانعة الرقائق ومقرها كاليفورنيا، حطم لتوه رقماً قياسياً جديداً بوصوله إلى 122 دولاراً، فأدخل الشركة حينذاك وللمرة الأولى إلى نادي ثلاثة التريليونات دولار، ووضعها جنباً إلى جنب مع عمالقة التكنولوجيا اللامعين، مثل: "مايكروسوفت" و"آبل". لكن أداء "إنفيديا" المذهل لم يتوقف عند هذه العتبة.

بعد بضعة أيام، تجاوزت "إنفيديا" صانعة "آيفون" وغدت ثاني أكبر شركة في العالم، لتحقق في الـ18 من يونيو إنجازاً آخر أكثر إثارة للدهشة، حين أصبحت الأكثر قيمة في أسواق المال جميعها.

ارتفع سهم "إنفيديا" في "وول ستريت" آنذاك 3.5%، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند نحو 136 دولاراً، وقفزت القيمة السوقية للشركة نتيجة لذلك بنحو 113 مليار دولار في يوم واحد فقط، ما وضعها عند تقييم سوقي قدره 3.34 تريليون دولار، متفوقة على "مايكروسوفت" التي بلغت قيمتها في اليوم ذاته نحو 3.32 تريليون دولار.

كانت "إنفيديا" قبل عام واحد فقط تجاوزت للتو عتبة التريليون دولار، فيما كانت قيمة سهمها قبل ثماني سنوات، تشكل أقل من 1٪ من سعره الحالي.

أكدت هذه الزيادة الفريدة في القيمة السوقية، الإمكانات الهائلة التي لا يزال المستثمرون يرونها في مستقبل "إنفيديا". فنشاط الشركة يتركز في صناعة رقائق الكمبيوتر الحيوية لبرامج الذكاء الاصطناعي، والتي أدى الطلب المتزايد عليها إلى تعزيز مبيعات "إنفيديا" وبالتالي زيادة أرباحها في السنوات الأخيرة. وقد ارتفعت إيراداتها أكثر من ثلاثة أضعاف في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.

وفيما يعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الأرباح يمكن أن تتعاظم بشكل أكبر - تلك النظرة الغارقة في التفاؤل حول مستقبل الشركة التي كانت محرك موجة الصعود الصاروخي لسهمها - يرى آخرون أن القيمة التي وصلت إليها مبالغ فيها.

لكن، ما مفاتيح هذا النجاح الباهر؟

عصر البيانات والذكاء الاصطناعي

قبل أكثر من 30 عاماً، بدأت "إنفيديا" مسيرتها كشركة تصنع رقائق لتطوير ألعاب الفيديو. أخذ الطلب على وحدات معالجة الرسومات الخاصة بها في التزايد لتطوير وظائف عرض مقاطع الفيديو والصور والرسوم المتحركة، وباتت مثالية لألعاب الفيديو شديدة المتطلبات.

ظل هذا العمل الرئيس للشركة فترة طويلة، إلى أن اكتشفت أن وحداتها لمعالجة الرسومات يمكن أن تكون لها استخدامات أيضاً في مهام أخرى تتطلب جهداً كبيراً، مثل تسريع أداء حوسبة أجهزة الكمبيوتر، أي وحدات المعالجة المركزية.

حظيت وحدات المعالجة من "إنفيديا" باهتمام واسع من العمالقة على غرار "غوغل" و"مايكروسوفت" و"أمازون" بغية تشغيل مراكز البيانات الضخمة الخاصة بها، ولحقت بها في ما بعد شركات تعدين العملات المشفرة.

في الوقت ذاته، بدأ المهندسون استخدام رقائقها لخدمة أنشطة الذكاء الاصطناعي، نظراً لأن الرياضيات اللازمة لبناء أنظمة معقدة تتناسب وطريقة عمل رقائق الرسومات.

اليوم، يتم استخدام وحدات معالجة الرسومات الأكثر تقدماً من "إنفيديا"، مثل ما يطلق عليه (H100)، في إنشاء أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً. فـ"إنفيديا" التي كانت شركة تكنولوجيا أقل شهرة من بقية الشركات العملاقة، سرعان ما برزت إلى الواجهة مع إطلاق "شات جي بي تي" (ChatGPT)، وهو نظام ذكاء اصطناعي شهير طورته شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، التي تستخدم معالجاتها.

ميزة التفوق

أدركت "إنفيديا" أن أشباه الموصلات المصممة لمعالجة الرسومات، كانت مفيدة أيضاً في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي. لتبدأ ذلك السباق قبل البقية؛ ما منحها ميزة على منافسيها الكبار مثل "إنتل" (Intel) و"إي إم دي" (AMD).

انطلقت الشركات الأخرى في رحلة اللحاق بـ"إنفيديا" عبر تسريع وتيرتها، فيما تضخ الآن استثمارات ضخمة للظفر بحصة أكبر في السوق. من ناحية أخرى، تكرس الشركات العملاقة المتخصصة في الحوسبة السحابية، مثل "أمازون" و"مايكروسوفت" و"غوغل"، أيضاً جهودها لتصنيع رقائقها المخصصة للذكاء الاصطناعي.

طلب شرِه

يمضي الطلب على معالجات "إنفيديا" الخاصة بالألعاب ومراكز البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، في مسار أحادي نحو الأعلى. في العام الماضي على وجه الخصوص، ازداد الاهتمام كثيراً بمعالجات الرسومات باهظة الثمن الخاصة بالخوادم التي تعمل على تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة.

تغذي المنافسة الشرسة بين مطوري الذكاء الاصطناعي مثل "مايكروسوفت" و"ألفابت" المالكة لـ"غوغل" إلى جانب "ميتا" و"آبل"، على ابتكار منتج عالمي، نجاح شركة "إنفيديا" التي تواصل هيمنتها على الغالبية العظمى من سوق رقائق الذكاء الاصطناعي، حيث يرى الخبراء أن منتجاتها هي الأكثر ملاءمة.

لكن، ليس معروفاً حتى الآن إلى متى ستستمر هذه المعالجات في قيادة السوق أو ما إذا كان منافسو "إنفيديا" سيحصلون على قطعة جيدة من الكعكة في نهاية المطاف.

في الوقت الراهن، الميزان لا يزال لصالحها، فرغم أن تحليلات السوق تشير إلى تحسن متوقع في المعروض من رقائق الذكاء الاصطناعي خلال العام المقبل، في وقت تواصل "إي إم دي" (AMD) و"إنتل" (Intel) التقدم في جهود تطوير منتجات خاصة، فإنها ترى أيضاً أن العرض سيظل مقيداً والطلب غير قابل للإشباع.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC