logo
تكنولوجيا

كيف تنعكس صفقة (Apple-OpenAI) على عمالقة التكنولوجيا؟

كيف تنعكس صفقة (Apple-OpenAI) على عمالقة التكنولوجيا؟
الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، في مؤتمر مطوري Apple في كاليفورنياالمصدر: وول ستريت
تاريخ النشر:12 يونيو 2024, 05:08 م

من المتوقع أن تؤدي الشراكة الأخيرة بين شركتي "أبل" و"أوبن إيه آي" إلى تغيير الديناميكيات التنافسية داخل قطاع الذكاء الاصطناعي بشكل كبير. 

وتمثل الصفقة انتكاسة لشركة "غوغل"، وتعزيزاً لمكانة "أوبن إيه آي"، فيما تثير تساؤلات حول علاقة الشركة الناشئة مع "مايكروسوفت".

تمنح الشراكة الجديدة، التي تم الإعلان عنها يوم الاثنين، للشركة الناشئة دوراً مهماً في مساعي "أبل" لجلب الذكاء الاصطناعي إلى عدد كبير من المستخدمين. وفي الوقت نفسه، تحاول شركة "مايكروسوفت"، المنافسة لشركة "أبل" والشريك التكنولوجي الأهم لشركة "أوبن إيه آي"، أيضاً إحراز تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي للمستهلكين. 

كما يمثل التعاون بين الشركتين انتكاسة لـ"غوغل"، التي طالما دفعت لشركة "أبل" مليارات الدولارات سنوياً لتكون أداتها الافتراضية في عمليات البحث على الإنترنت.

وستساهم الصفقة في تعزيز مكانة "أوبن إيه آي" في طليعة سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي المزدهر، كما تمثل انتصاراً للرئيس التنفيذي سام ألتمان. فقبل أسابيع من حضوره إعلان شركة "أبل" يوم الاثنين، كان ألتمان حاضراً في مؤتمر مطوري "مايكروسوفت" حين ظهرت عبارة (Microsoft تحب OpenAI) على الشاشة مع استبدال كلمة "حب" بقلب أزرق.

وفيما يلي فحص دقيق للآثار المترتبة لهذه الصفقة على اللاعبين الرئيسيين المعنيين:

ماذا يعني بالنسبة لشركة أبل؟

إن استخدام تقنيات "أوبن إيه آي" يمنح "أبل" فرصة لنشر الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع. وقد يساعد ذلك أيضاً الشركة على بيع المزيد من الهواتف واستعادة سمعة مساعدها الصوتي، (Siri)، في أثناء تطويرها لنماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

كما ارتفعت أسهم "أبل" 6% في تداولات منتصف يوم الثلاثاء.

إن دور "أوبن إيه آي" مع "أبل" محدود، حيث ستتولى بعض الوظائف التي لا يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي الخاص بشركة "أبل" القيام بها، مثل الإجابة عن الاستفسارات الأكثر تعقيداً أو كتابة الرسائل، بموافقة المستخدم. ولم يحظَ اتفاق "أوبن إيه آي" إلا بدقيقتين فقط في العرض التقديمي الذي قدمته "أبل"، والذي استمر لمدة ساعتين تقريباً في مؤتمرها السنوي للمطورين يوم الاثنين.

وصرحت شركة "أبل" إنها ستدمج نظام الذكاء الاصطناعي الشخصي الجديد الخاص بها، والذي يطلق عليه اسم (Apple Intelligence)، مع نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى، بما في ذلك المنتجات التي طورتها "غوغل". وأضافت مصادر مطلعة أن "أبل" تجري أيضاً مناقشات مع مقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي الآخرين.

ومع ذلك، فإن الظهور في مؤتمر "أبل" أعطى أيضاً "أوبن إيه آي" فرصة ليتم الترويج لها من قبل شركة التكنولوجيا الاستهلاكية الأكثر نجاحاً في العالم باعتبارها الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي - ما يعني ضمنياً تأييداً لها على حساب "غوغل"، التي دفعت لشركة "أبل" ما يصل إلى 20 مليار دولار سنوياً لتكون محرك البحث الافتراضي الخاص بها، وهي أكبر منافس لـ "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت".

وقال كريغ فيديريغي، رئيس قسم البرمجيات في شركة "أبل"، يوم الاثنين: "أردنا أن نبدأ مع الأفضل"، مضيفاً أن أوبن إيه آي "تمثل الخيار الأفضل لمستخدمينا اليوم".

ومن الواضح أن الصفقة قد أثارت حفيظة أحد منافسي "أوبن إيه آي" "إيلون ماسك"، الذي أنشأ شركة (xAI) العام الماضي للتنافس مع "أوبن إيه آي"، ورفع دعوى قضائية ضد الشركة الناشئة، التي شارك في تأسيسها، بدعوى انحرافها عن مهمتها الأصلية من خلال إعطاء الأولوية للربح على حساب خدمة الإنسانية.

"من السخف بشكل واضح أن شركة [أبل] ليست ذكية بما يكفي لصنع الذكاء الاصطناعي الخاص بها، ولكنها قادرة بطريقة أو بأخرى على ضمان حماية [أوبن إيه آي] لأمنك وخصوصيتك!" قال ماسك على إكس"، وهدد بمنع أجهزة "أبل" من العمل مع شركاته إذا تم دمج تقنية "أوبن إيه آي" في أنظمة التشغيل الخاصة بها.

وأكدت شركة "أبل" أنه لن تُشَارَك معلومات مستخدميها مع "تشات جي بي تي"، الذي يعمل على خوادم "أوبن إيه آي"، كما لا يمكن لـ"أوبن إيه آي" تتبع طلبات المستخدمين أو رؤية الاستفسارات جميعهن التي يقومون بها.

بالنسبة لـ"مايكروسوفت"

استثمرت "مايكروسوفت" أكثر من 13 مليار دولار في "أوبن إيه آي"، ما يمنحها عملياً حصة تبلغ 49% من أرباح الذراع الربحية للشركة الناشئة. ومكنت هذه الموارد شركة "أوبن إيه آي" من تطوير بعض أقوى أدوات الذكاء الاصطناعي في العالم. كما ساعدت تقنية "أوبن إيه آي" شركة "مايكروسوفت" على تخطي منافسيها في سباق الذكاء الاصطناعي.

وتسمح شروط الشراكة لكلا الطرفين بإبرام صفقات مع شركات أخرى.

وتثير صفقة "أبل" تساؤلات حول حالة الشراكة بين "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت"، ونوع الوصول الحصري الذي تتمتع به "مايكروسوفت" إلى تقنية "أوبن إيه آي"، وكيف ستؤثر الصفقة الجديدة على طموح "مايكروسوفت" طويل الأمد لتطوير منتجات الذكاء الاصطناعي الاستهلاكية.

ورفض متحدث باسم "أوبن إيه آي" وصف الاختلافات بين صفقتي "أبل" و"مايكروسوفت"، كما رفض المتحدثون باسم "أوبن إيه آي" و"أبل" التعليق على تفاصيل صفقة الشركتين.

وباعتبارها أكبر مستثمر لها، تتمتع "مايكروسوفت" بإمكانية الوصول المبكر إلى أحدث نماذج "أوبن إيه آي"، ولديها بعض الاطلاع على الأكواد الداخلية للتعليمات البرمجية الخاصة بها. والآن، تحصل "أبل" على وصول خاص إلى تقنية "أوبن إيه آي"، وفقاً لشخص مطلع على الأمر.

وساعدت الشراكة بين "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت" كلا الشركتين على مواجهة قوة "غوغل"، التي كانت هيمنتها في البحث والذكاء الاصطناعي تشكل تهديداً لهما.

وفي العام الماضي، صرح ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت"، لأحد الصحفيين إنه يأمل أن يجعل محرك البحث "بينغ"، المدعوم بالذكاء الاصطناعي، "غوغل" "تتأثر" في نهاية الأمر.

وكانت "مايكروسوفت" تأمل أيضاً في استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز مكانتها في سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية. وفي الشهر الماضي، كشفت النقاب عن خط جديد من أجهزة الكمبيوتر التي تستخدم نماذج ذكاء اصطناعي أصغر، وتعمل على شريحة ذكاء اصطناعي مخصصة يمكنها توليد الصور وأداء وظائف البحث المتقدمة.

وينظر البعض داخل "مايكروسوفت" إلى تحالف (Apple-OpenAI) باعتباره عقبة أخرى أمام جهودها لتطوير منتجات ذكاء اصطناعي استهلاكية ناجحة. وراهن ناديلا وشركة "مايكروسوفت" بالمليارات من الدولارات وببعض أكبر علاماتها التجارية على نجاح "أوبن إيه آي". وبحسب جين مونستر، الشريك الإداري في شركة (Deepwater Asset Management): "لا بد أن يكون شعوراً محبطاً بعد كل ما فعلوه من أجل [أوبن إيه آي]".

وتعمل "مايكروسوفت" الآن مع شركاء جدد في مجال الذكاء الاصطناعي. وخلال العام الماضي، أبرمت صفقات مع "ميتا" و"ميسترال إيه آي"، وكلاهما يقوم ببناء أنظمة ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر. وفي وقت سابق من هذا العام، عين ناديلا مصطفى سليمان، المدير التنفيذي السابق لشركة (DeepMind)، والذي كان يدير شركة ناشئة أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي تسمى (Inflection)، لقيادة جهود الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي في "مايكروسوفت".

وقد يعني الاستخدام المتزايد لتقنية "أوبن إيه آي" نتيجة الشراكة مع "أبل" المزيد من الإيرادات لشركة "مايكروسوفت"، التي تستضيف برنامج الشركة الناشئة حصرياً على سحابة (Azure) الخاصة بها.

بالنسبة لـ"غوغل"

يمكن أن تفيد الصفقة "مايكروسوفت" من خلال إحداث شقاق بين "أبل" و"غوغل"، المنافس المباشر الأكبر لـ"مايكروسوفت" في مجال الذكاء الاصطناعي.

منذ عام 2003، جعلت شركة "أبل" محرك البحث الافتراضي الخاص بـ"غوغل" في متصفح "سفاري" الخاص بها، لكن قدرة "سيري" على إعادة توجيه المستخدمين إلى "تشات جي بي تي" قد تهدد بتقليل حركة المرور إلى "غوغل".

وبعد وقت قصير من إطلاق "تشات جي بي تي" في أواخر عام 2022، بدأ كريغ فيديريغي، نائب رئيس "أبل" الأول للبرمجيات، وجون جياناندريا، نائب رئيس "أبل" للذكاء الاصطناعي، في استكشاف كيفية استخدام "تشات جي بي تي" داخل منتجات الشركة. 

وكثفت "أبل" جهودها لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجاتها بدءاً من أوائل عام 2023، كما تعمل أيضاً على تطوير تقنية مشابهة لـ"تشات جي بي تي"، وفقاً لأشخاص مطلعين على الخطط.

وسيكون إصدار "تشات جي بي تي" المجاني متاحاً لجميع مستخدمي "أبل" كإعداد افتراضي. ومع ذلك، يمكن لمستخدمي "أبل" ربط حساباتهم باشتراك "تشات جي بي تي" المميز، والذي سيرسل البيانات إلى "أوبن إيه آي".

وفي الوقت نفسه، دخلت "غوغل" في صراع مع "أوبن إيه آي" لتطوير وبيع أنظمة الذكاء الاصطناعي متقدمة. في الماضي، أعربت شركة "غوغل" عن غضبها من جهود شركة "أبل" لتوجيه المستخدمين بعيداً عن محرك البحث الخاص بها. وقالت أنيت زيمرمان، نائبة رئيس شركة (Gartner) التي تغطي مجال الذكاء الاصطناعي: "ستكون [غوغل] حذرة بالتأكيد".

بالنسبة لـ"أوبن إيه آي" و"ألتمان"

إن تكامل منتج "تشات جي بي تي" الخاص بها في عروض "أبل" يمنح "أوبن إيه آي"، التي تدعي أن لديها حوالي 100 مليون مستخدم أسبوعياً، إمكانية الوصول إلى عالم أكبر بكثير من إمكانات المستخدمين، حتى بعد انطلاقتها النيزكية، إذ تقول شركة "أبل" إن حوالي 2.2 مليار من أجهزتها قيد الاستخدام حول العالم.

كما يعد حضور "أوبن إيه آي" في حدث كبير لشركة "أبل" بمثابة عودة إلى المنزل لألتمان، الذي طالما أعجب بالشركة ومؤسسها الراحل ستيف جوبز. في عام 2008، تحدث ألتمان، البالغ من العمر 23 عاماً آنذاك، في حدث "أبل" للترويج لخدمته لتتبع الموقع، (Loopt).

وتتوافق هيمنة "أبل" في مجال التكنولوجيا الاستهلاكية مع طموحات ألتمان لتطوير المنتجات على غرار "تشات جي بي تي" التي تتمتع بجاذبية واسعة النطاق للأشخاص العاديين. كما يعمل ألتمان على جهاز شخصي مدعوم بالذكاء الاصطناعي بمساعدة مصمم "أبل" السابق جوني إيف.

وخلال هذا الأسبوع، جلس ألتمان مع مسؤولين حاليين وسابقين في "أبل" إلى جانب اثنين من المديرين التنفيذيين الآخرين لشركة "أوبن إيه آي"، براد لايت كاب وغريغ بروكمان. وقد شوهد الثلاثي وهم يتحدثون مع المديرين التنفيذيين لشركة "أبل" قبل المؤتمر.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC