صمدت أسواق الأسهم الأوروبية بشكل أفضل بكثير من نظيراتها الأميركية في ظل تصاعد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
فبينما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 11% منذ بداية العام، كان أداء المؤشرات الأوروبية أفضل بكثير. فقد انخفض مؤشر ستوكس أوروبا 600 بنسبة 4.4% فقط، وانخفض مؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 4%، وانخفض مؤشر فوتسي 100 البريطاني بنحو 3%، وانخفض مؤشر فوتسي إم آي بي الإيطالي بنسبة 0.9% فقط. أما مؤشر داكس الألماني، فقد حافظ على ارتفاعه بنسبة 2.4%.
وتتوقع بنوك وول ستريت أن يكون الضرر الاقتصادي الناجم عن الحرب التجارية التي شنتها الولايات المتحدة أقل حدة في أوروبا منه في أميركا، وهو ما ينعكس على الأرجح في أداء سوق الأسهم، وفق شبكة «سي إن بي سي».
وقال سيباستيان رايدلر، رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في «بنك أوف أميركا»، في مذكرة للعملاء: «يؤكد خبراؤنا الاقتصاديون أن زيادات الرسوم الجمركية الأميركية المُعلنة هذا الأسبوع قد تُخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما لا يقل عن 50 نقطة أساس، مع احتمال تأثيرها بنسبة تتراوح بين 100 و150 نقطة أساس على نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، وبنسبة 100 نقطة أساس على نمو الصين، وبنسبة تتراوح بين 40 و60 نقطة أساس على نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو».
يُشير جيري فاولر، رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «يو بي إس»، إلى أن من العوامل الرئيسة الأخرى التي ساهمت في تفوق أوروبا هو البيئة السياسية المستقرة نسبياً في المنطقة.
وقال فاولر للعملاء، الأربعاء: «تواصل أوروبا تقديم قدر أقل من عدم اليقين بشأن تنفيذ السياسات، وكذلك قدر أقل من عدم اليقين بشأن نتائج السياسات مقارنة بالولايات المتحدة»، وفق ما نقلت «سي إن بي سي».
وأضاف أن أداء أوروبا لم يكن أقل من أداء الولايات المتحدة كما هو معتاد، كما توقع المستثمرون، ما يمهد الطريق لأداء أوروبي متفوق متجدد مع استمرار إعادة صافي مركز الاستثمار الدولي إلى داخل البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التحفيز المالي يخلق أيضاً حاجزاً يساعد في عزل الأسواق الأوروبية عن اضطرابات التجارة العالمية، وفقاً لرايدلر من بنك أوف أميركا.
وأشار الاستراتيجي إلى التوسع المالي الألماني البالغ 500 مليار دولار للاستثمار في البنية التحتية باعتباره مؤثراً بشكل خاص في دعم أسواقها.
ساهم تكوين الأسواق الأوروبية - مع اختلاف أوزان القطاعات عن المؤشرات الأميركية - أيضاً في قوتها النسبية.
وتتمتع الأسهم الأوروبية بتمثيل أقوى في القطاعات التي تعتبر أكثر مرونة تجاه التعريفات الجمركية، بما في ذلك السلع الرأسمالية، التي تصنع السلع التي تُباع في الولايات المتحدة، وفقاً لبنك يو بي إس.
وتعد سيمنز، وشنايدر إلكتريك، وإيه بي بي بعض الشركات في هذا القطاع.
وقال فاولر من بنك «يو بي إس»: «نُفضل أيضاً مواد البناء التي تدعمها دورات الاستثمار في القطاعين العام والخاص، ونشعر بالتفاؤل تجاه العوامل المُمكّنة لتلك الدورة، بما في ذلك شركات مناجم النحاس، المُنفتحة على البنية التحتية، والكهرباء، والتحول في مجال الطاقة».
وقال جوناثان ستابس من بنك «بيرنبرغ» الألماني، في 7 أبريل: «إن مزيجاً من نمو بنسبة 5% [للأرباح لكل سهم] والعودة إلى متوسط مكرر ربحية طويل الأجل يبلغ 14 ضعفاً من شأنه أن يحقق عوائد أسهم أوروبية تتراوح بين 20 و25% على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة».
ويحذر المحللون من أن التحديات لا تزال قائمة. إذ حذر دويتشه بنك من أن «الضرر الذي لحق بأرباح العام الأوروبي بأكمله ربما يكون قد حدث بالفعل بسبب فقدان ثقة المستهلكين والشركات»، على الرغم من أن الدرجة تعتمد على ما إذا كانت سياسات التعريفات الجمركية قد تتغير ومتى وكيف.
وأشارت بيانات بنك بيرنبرغ أيضاً إلى مخاطر أخرى مثل احتمال اندلاع تصعيد غير متوقع في الحرب في أوكرانيا.