logo
تكنولوجيا

6G.. عمالقة التكنولوجيا في الخليج يراهنون على مستقبل غير مضمون

6G.. عمالقة التكنولوجيا في الخليج يراهنون على مستقبل غير مضمون
لوحة تروج لتكنولوجيا الجيل السادس في معرض برشلونة العالمي للاتصالات – 3 مارس 2025المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:20 مارس 2025, 10:42 ص

في صحارى دول مجلس التعاون الخليجي المتلألئة، حيث كانت منصات النفط تحدد الأفق يومًا، تتشكل رؤية جديدة لا تقاس بالبراميل بل بالجيجابايت. الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، ونظراؤهما في الخليج يضخون مليارات الدولارات من الصناديق السيادية في الجيل السادس (6G)، الحدود اللاسلكية القادمة في شبكات الاتصالات التي تعد بسرعات تفوق الجيل الخامس بمئة ضعف، وتأخير منخفض يمكن أن يجعل الروبوتات الجراحية تبدو كالسحر.

 تقود الإمارات السباق بهدف أن تكون شبكة الجيل السادس جاهزة بشكل كامل للانطلاق بحلول 2030، تليها "نيوم" السعودية ومخططات المدن الذكية القطرية. بدعم من الصناديق السيادية التي تدير أكثر من 3 تريليونات دولار، مثل جهاز أبوظبي للاستثمار وصندوق الاستثمارات العامة السعودي. هذا ليس مجرد تحديث تكنولوجي، فالدول الثلاث أطلقت رهاناً يبدو استراتيجياً لمقارعة الغرب والصين نحو عصر رقمي يتحكم فيه الخليج، أو هكذا يأمل القادة.

بيانات عن معدلات انتشار  الجيل الخامس حسب المناطق
بيانات عن معدلات انتشار الجيل الخامس حسب المناطق المصدر: إرم بزنس

رهان تدعمه الثروات

الأرقام مذهلة، وتحليل البيانات يكشف المخاطر والمكاسب. قد تستثمر الإمارات وحدها 10 مليارات دولار في البنية التحتية للجيل السادس بحلول نهاية العقد الجاري، وفق تقديرات المحللين. وهذا مبلغ زهيد لصندوق مثل "مبادلة" الذي أنفق 455 مليون دولار على صناديق بيتكوين المتداولة في فبراير 2025 . أما مدينة "نيوم" السعودية، التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، تعتمد على الجيل السادس لربط طائراتها المسيرة وسياراتها ذاتية القيادة.

 وتستعد قطر، بفضل أرباح الغاز الطبيعي المسال، لتسريع إرث كأس العالم. لكن البيانات تظهر تحديًا: معدل الاختراق للجيل الخامس لم يتجاوز 20% في الخليج في بداية 2024، مما يثير تساؤلات حول جدوى القفزة التالية نحو الجيل السادس. فلماذا السباق الآن؟

الجواب الرسمي هو الابتكار. فالجيل السادس يعد بمكالمات هولوغرافية ومدن ذكية وذكاء اصطناعي خارق، مما قد يرسخ الخليج كمركز تكنولوجي يجذب رؤوس الأموال من وادي السيليكون الأميركية إلى شنتشن في الصين. لكن وراء الكواليس، الأمر جيوسياسي. مع تهديدات ترامب الجمركية التي تهز التجارة، والنمو الضعيف لقطاع التجزئة الولايات الأميركي بنسبة 0.2% في فبراير (أقل بكثير من المتوقع 0.6%) يرى الخليج فرصة للتوجه شرقًا، متسلحًا بالجيل السادس لربط مدن آسيا العملاقة بينما يترنح الغرب. والتحاليل تشير إلى أن استثمارات الخليج في التكنولوجيا ارتفعت بنسبة 15% في 2024، مع تركيز على التقنيات المستقبلية.

لكن المفاجأة ليست في الطموح، بل في الحرب الصامتة التي بدأت بالفعل. فتحت ضجيج الجيل السادس، تشتري الصناديق السيادية الخليجية أساسيات المستقبل. وهي المعادن النادرة. 

استحوذت شركة"منارة للمعادن" السعودية، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، على حصص في مناجم إفريقية العام الماضي، بينما تتقرب "إيدج" الإماراتية من تشيلي الغنية بالليثيوم. هذه ليست مجرد استثمارات دفاعية، بل هي المواد الخام لرقائق وأبراج الجيل السادس. 

بيانات تقديرية عن سوق الجيل السادس للاتصالات حسب المناطق
بيانات تقديرية عن سوق الجيل السادس للاتصالات حسب المناطق المصدر: إرم بزنس

الخليج ترامب والصين

وبينما يركز العالم على السباق اللاسلكي، يسيطر الخليج على سلسلة التوريد. خطوة قد تخنق المنافسين قبل أول مكالمة على شبكة 6G. لكن الصين، عملاق المعادن، قد لا ترحب بهذا، ولا أميركا ترامب التي تتطلع لإعادة توطين تقنياتها.

المخاطر شاهقة كبرج خليفة في دبي. فالمطلوب هو ضخ مليارات في تقنية غير مثبتة في وقت يتراكم الغبار على الجيل الخامس. رهان قد يترك خزائن الخليج أخف وزناً والمدن الذكية أقل ذكاءً. 

هذا الرهان يجري التحضير له، بينما مناورات إيران بطائراتها المسيرة في الخليج هذا الشهر (مع الصين وروسيا) تهدد طرق التجارة التي يخدمها الجيل السادس. وإذا أغرقت سياسات ترامب النفطية الأسواق، كما توحي تعليقاته عن "المال السحري"، قد يتشبث الخليج بالوقود الأحفوري لفترة أطول، منهياً هذا الحلم اللاسلكي. ليكون سراباً، هل سيكون الأمر كذلك؟ ربما. لكن عمالقة الخليج السياديين لا يطاردون السرعة فقط، بل السيطرة. وإذا ما نجحوا، قد تنبض شرايين العالم الرقمية يومًا ما عبر دبي والرياض، لا كاليفورنيا الأميركية أو جواندونغ في الصين.

 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC