logo
تكنولوجيا

كيف تخلّفت شركة "Apple" عن سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي؟

كيف تخلّفت شركة "Apple" عن سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر:6 يونيو 2024, 12:10 م
بعد سنوات من اللعب بأمان مع الذكاء الاصطناعي، من المقرر أن تكشف شركة "Apple" النقاب عن ميزات جديدة الأسبوع المقبل. ففي وقت سابق من هذا العقد، أظهرت العروض التوضيحية الداخلية التي قدمتها شركة "Apple" لنظام "Siri" المتجدد القدرات القوية للمساعد الصوتي المتقدم الذي يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي.

وتمت إعادة تصميم "Siri"، أحد آخر المشاريع التي عمل عليها مؤسس شركة "Apple" ستيف جوبز قبل وفاته، بالكامل. فالإصدار الجديد من "Siri"، القادر على العمل على أجهزة أيفون "iPhone"، دون اتصال بالإنترنت، أثار الإعجاب بسرعته ومهاراته الحوارية ودقته في فهم أوامر المستخدم.

وكانت المبادرة، التي تحمل الاسم الرمزي "Project Blackbird"، تصور "Siri" المحسنة بواسطة مطوري تطبيقات الطرف الثالث، وفقًا لأولئك المطلعين على المشروع.

ومع ذلك، فقد فاز مشروع منافس في مسابقة داخلية للشركة قبيل الذكرى العاشرة لإطلاق "Siri". هذا المشروع، المعروف باسم "Siri X"، شمل تحسينًا أكثر تواضعًا، حيث تم نقل جزء من البرمجيات التي كانت تُشغَّل على خوادم السحابة إلى أجهزة "iPhones" الذكية مباشرة.

وكان الهدف من ذلك تحسين سرعة المساعد الصوتي والحفاظ على خصوصيته عن طريق تقليل الاعتماد على الاتصال بالإنترنت لتنفيذ بعض المهام، وقد تم الكشف عن "Siri X" في العام 2021.

وفي الأسبوع المقبل، خلال مؤتمر المطورين السنوي لشركة "Apple" العالمي، من المقرر أن تنضم الشركة إلى سباق التنافس في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يعتقد العديد أنه سيحدد مستقبل التكنولوجيا. وتحاول الشركة المصنعة لهواتف "iPhone" اللحاق بالركب مع "Microsoft"، وشركة "Google" التابعة لشركة "Alphabet" وغيرها من المنافسين الذين بدأوا في دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجاتهم الأساسية.

إن الحذر والسرية المميزة لشركة "Apple"، بالإضافة إلى العناية التي توليها في تحديث الأجهزة، حيث يتم دمج الأجهزة والبرمجيات بشكل سلس، قد أعاقت جهودها الأولية في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقًا للمصادر. وهي تجد نفسها، الآن، في موقف غير عادي حيث يتعين عليها أخذ المخاطر.

وأفادت مصادر مطلعة على خطط الشركة أنه من المقرر أن تعلن عن مجموعة من التحديثات في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي لمنتجاتها البرمجية، بما في ذلك "Siri". وتشمل ميزات الذكاء الاصطناعي المساعدة في كتابة الرسائل، وتحرير الصور، وتلخيص النصوص.

على الرغم من أنه لا يُتوقع أن تلحق شركة "Apple" بالرائدين في مجال الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي قريبًا، إلا أن الشركة تستعد للكشف عن ميزات ذكاء اصطناعي تتمتع بقدرات مذهلة تعزز أيضًا خصوصية المستخدمين إلى الحد الأقصى، وهو اهتمام يشكل جوهر فتح الإمكانات الكاملة لمساعدي الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أيضًا أن تكشف "Apple" عن شراكات محتملة مع مطوري الذكاء الاصطناعي الرئيسين بعد إجراء محادثات مع "OpenAI" و "Google" و"Cohere"، وفقًا لمصادر مطلعة.

لقد اعتزت "Apple" منذ فترة طويلة بالكمال في إطلاق منتجاتها، إلا أنه أمر يعد شبه مستحيل مع نماذج الذكاء الاصطناعي الناشئة. ففي حين أذهلت أنظمة "OpenAI" أكثر من 180 مليون مستخدم بقدرتها على إنشاء نصوص وصور وفيديوهات، إلا أنها عُرضة للخطأ في بعض الأحيان، والتي يطلق عليها في كثير من الأحيان "الهلوسات". ولكن لدى "Apple" تسامح محدود مع مثل هذه المشاكل.

"لا يوجد شيء اسمه دقة 100% مع الذكاء الاصطناعي، هذه الحقيقة الأساسية"، وفقاً لقول بيدرو دومينغوس، أستاذ العلوم الحاسوبية والهندسة الكهربائية في جامعة واشنطن. "Apple لا تتفق مع هذا. لن تقوم بإصدار شيء حتى يكون مثالياً.“

دمج الذكاء الاصطناعي

قامت "Apple" بالتفكير في مدى جدوى السماح للمستخدمين باختيار مزود ذكاء اصطناعي من طرف ثالث يمكن أن يحل محل "Siri" أو يساعده في التشغيل، وفقًا لأحد المصادر. وليس من الواضح بأي طريقة يمكن أن يتم تشغيل "Siri" أو تعزيزها أو استبدالها بواسطة مزودي الذكاء الاصطناعي من طرف ثالث، أو ما إذا كانت "Apple" ستتقدم بنسخة من تلك الفكرة.

 وسبق لوكالة "بلومبرغ" أن ذكرت عن شراكة مع "OpenAI"، كما أفادت مجلة "The Information" عن الجهود المبذولة لإعادة تشكيل "Siri". وبدأت شركات "Google" و "Microsoft" و "Samsung Electronics"، في دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي بسرعة في أجهزتها وخدماتها. وبينما تجد "Apple" نفسها متأخرة في التحول الجيلي الذي يجري في صناعة التكنولوجيا،

و قال العديد من المستثمرين وخبراء الذكاء الاصطناعي إن الشركة ستجد طريقة لجلب الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى الجماهير.

 "Apple قادرة على فعل أي شيء تضعه في ذهنها إلى حدٍ كبير"، وفقًا لما قاله فينيت كوسلا، المدير الهندسي السابق في فريق "Siri" والذي يشغل، حاليًا، منصب مدير التكنولوجيا الرئيس في صحيفة واشنطن بوست. "هناك تركيز على المستهلك موجود في الشركة. ينصب التركيز في تقنية الذكاء الاصطناعي لديهم على جعله يعمل بطريقة حساسة للغاية تجاه الخصوصية.“

على مر السنين، قامت شركة "Apple بإجراء" تحسينات على "Siri" ودمج ميزات الذكاء الاصطناعي الأصغر في جميع منتجاتها. وفي سماعة "Vision Pro" التي تم إطلاقها مؤخرًا، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع لتتبع حركة العيون ومواقع اليدين.

عندما تم إطلاق "Siri"، في العام 2011، كانت شركة "Apple" في مقدمة المنافسين في سعيها لإنشاء أول مساعد يعمل بالذكاء الاصطناعي. وكان ستيف جوبز، الذي قاد عملية الاستحواذ، في العام 2010، التي أدت إلى ظهور "Siri"، يشجع الفريق على الحفاظ على على طابع الدعابة والفكاهة للمساعد الذكي. وفي حينها، أظهر الإطلاق المبكر رغبة الشركة بتحمل المخاطر.

وبحسب داغ كيتلاوس، المؤسس المشارك لشركة "Siri" الناشئة التي اشترتها شركة "Apple"، والذي ترك الشركة بعد وقت قصير من إطلاق المنتج: "كان Siri هو آخر شيء ابتكرته Apple لأول مرة“.

"Apple" قادرة على فعل أي شيء تضعه في ذهنها إلى حد كبير
فينيت كوسلا - المدير الهندسي السابق في فريق Siri
التوترات مع موظفي "Google" السابقين

بينما كانت "Apple" تكافح للمضي قدمًا في تطوير "Siri"، قامت الشركة بتعيين جون جياناندريا، وهو أحد كبار المديرين التنفيذيين في "Google" لقيادة إستراتيجيتها في مجال الذكاء الاصطناعي.

وفي العام 2018، تمت ترقيته إلى منصب نائب الرئيس، حيث كان يقدم تقاريره مباشرة الى الرئيس التنفيذي لشركة "Apple"، تيم كوك.

 وفي اجتماعات الفريق الأولية، أوضح جياناندريا أن تحسين "Siri" كان محور التركيز الرئيس. كما تم تكليفه بتوحيد الكثير من جهود شركة "Apple" المجزأة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي. وقد بدأ في بناء فريق الذكاء الاصطناعي الخاص به من خلال تعيين موظفي "Google"، ومن خلال عمليات الاستحواذ على الشركات الناشئة، لكن فريقه واجه صعوبة في التكيف مع بقية شركة "Apple"، وفقًا لأشخاص مطلعين على عملهم.

 وكان الفريق الجديد للذكاء الاصطناعي يعمل بشكل مشابه لعمل "Google"، حيث تكون المواعيد النهائية أقل تحديدًا، أما الفرق في "Apple" فهي بحاجة إلى الالتزام بمواعيد نهائية صارمة لتكون المنتجات جاهزة لفعاليات الإصدار كل خريف. وأشار الأشخاص إلى أن الجهود المبذولة للتعاون بين أقسام أخرى في "Apple" التي كانت تقوم ببناء المنتجات وفريق الذكاء الاصطناعي في بعض الأحيان تعثرت لأنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على المواعيد النهائية.

 وبدلاً من العمل مع فريق الذكاء الاصطناعي، حافظت الاقسام الأخرى من شركة "Apple" المنشغلة ببناء منتجات برمجية على قدرات الذكاء الاصطناعي المنفصلة الخاصة بها. على سبيل المثال، واصلت مجموعة البرمجيات التي يديرها نائب الرئيس الأول للشركة كريج فيديريغي الاستثمار والتطوير في الذكاء الاصطناعي، وبناء قدراته في التعرف على الصور والفيديو، حسبما قال موظفون سابقون في شركة "Apple".

 وأكد مسؤولون تنفيذيون ومهندسون سابقون، أن عاملًا آخرَ مقيدًا لفريق الذكاء الاصطناعي الخاص بجياناندريا كان عدم القدرة على الوصول إلى موارد الحوسبة. وبالمقارنة مع المنافسين، حصلت شركة "Apple"، في السنوات الأخيرة، على عدد أقل من الرقائق المعروفة باسم وحدات المعالجة الرسومية الضرورية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، حسبما قال أشخاص مطلعون على البنية التحتية الداخلية للشركة.

 وأضافو أن الكثير من فريق الذكاء الاصطناعي اضطُر إلى الاعتماد على الخدمات السحابية الخارجية، فكانت سحابة "Google" مفضلة لدى العديد من موظفي "Google" السابقين في فريق جياناندريا لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم.

تأثير "ChatGPT"

عندما تم إطلاق "ChatGPT"، أواخر العام 2022، تغيّر كل شيء. فوفقًا لأشخاص ملمّين بتجربته، أصبح فيديريجي، رئيس البرمجيات في الشركة، مقتنعًا تمامًا بالذكاء الاصطناعي بعد أن استخدم أداة كتابة البرمجيات الذكية "Copilot" المملوكة لـ "Microsoft" على منصة "GitHub"، والتي تعتمد على تقنية "OpenAI".

 بعد تلك اللحظة، تم تكليف الموظفين عبر مؤسسة هندسة البرمجيات التابعة لفيديريجي، بالتوصل إلى طرق جديدة لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في المنتجات، ومنحهم الموارد اللازمة لمتابعة هذه المشاريع. وفي الاجتماعات الداخلية، قال فيديريجي إنه أصبح يقدّر تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدية، وسيتم دمجها في جميع جوانب برامج "Apple".

 وكثفت شركة "Apple" جهودها لبناء الذكاء الاصطناعي التوليدي الداخلي الخاص بها. ففي فبراير، قامت الشركة بإلغاء جهودها التي استمرت لعقود في بناء سيارتها الكهربائية الخاصة، وتمت إعادة توجيه بعض الموظفين إلى هذه المشاريع التكنولوجية للذكاء الاصطناعي التوليدية.

 ومن المتوقع أن تعتمد بعض الميزات والتحديثات الجديدة التي من المقرر أن تعلن عنها "Apple" هذا العام على نماذج تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تم بناؤها داخليًا، ولكن "Apple" كانت تبحث عن شراكات خارجية محتملة للذكاء الاصطناعي المتقدم. والتقى جياناندريا وفيديريجي مع سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "OpenAI"، وفقًا لأشخاص ملمّين بالمناقشات.

 ومع التركيز الجديد على تقنية الذكاء الاصطناعي، قال كيتلاوس، المؤسس المشارك لـ "Siri"، إن هذا العام قد سيكون عامًا مهمًا لـ "Siri"، حيث تخطط الشركة لدمج ميزات الذكاء الاصطناعي المدروسة في "iPhone". وأضاف: "كانت "Siri" عالقة في الوحل لسنوات. لكنني أرى بالتأكيد أن التطور مقبل.“

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC