في الوقت الذي تكثف فيه شركات التكنولوجيا الكبرى استثماراتها في الذكاء الاصطناعي (AI)، تتبع شركة «أبل» نهجاً مختلفاً، مكنها من تسجيل تدفق نقدي حر بقيمة 109 مليارات دولار خلال عام 2024، متجاوزاً صافي دخلها البالغ 104 مليارات دولار.
وبينما تواصل شركات مثل «ألفابت» و«أمازون» و«ميتا» و«مايكروسوفت» الإنفاق بقوة على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، فإن سياسة «أبل» الاستثمارية المتحفظة قد تمكنها من الحفاظ على تدفق نقدي حر قوي وتجنب الضغوط المالية التي تواجهها منافساتها.
كشفت كبرى شركات التكنولوجيا في تقارير أرباحها الأخيرة عن استمرار ارتفاع نفقاتها لتعزيز قدراتها في الذكاء الاصطناعي، لا سيما في مراكز البيانات، مما أثار مخاوف المستثمرين بشأن التدفق النقدي الحر، وهو مؤشر يعكس قدرة الشركة على توليد السيولة بعد خصم التكاليف الاستثمارية، وفق تقرير لموقع «ماركت ووتش».
ووفقاً لمذكرة بحثية للمحلل بن رايتزس من شركة «ميليوس ريسيرش» (Melius Research)، تستثمر الشركات الأربع الكبرى، «ألفابت»، «أمازون»، «ميتا»، و«مايكروسوفت»، مبالغ ضخمة في الذكاء الاصطناعي، مما قد يضغط على تدفقها النقدي الحر.
رايتزس أوضح أن قيمة السهم يجب أن تعكس القيمة الحالية الصافية (NPV) للتدفقات النقدية المستقبلية، مضيفاً أن حساب هذه القيمة يتأثر بعوامل يومية مثل معدل الخصم والمخاطر والافتراضات المتعلقة بالنفقات الرأسمالية والاستهلاك، وفق ما نقل «ماركت ووتش».
في المقابل، أكدت «أبل» خلال مكالمة الأرباح الأخيرة أنها تتبع نهجاً «مدروساً وحذراً للغاية» في الإنفاق الرأسمالي. واعتبر رايتزس أن هذه الاستراتيجية قد تصب في مصلحة «أبل» على المدى الطويل، حيث تمنحها مرونة مالية مع إمكانية الاستفادة من التطورات التي تحققها الشركات الأخرى في مجال الذكاء الاصطناعي.
يختلف نهج «أبل» في الذكاء الاصطناعي بشكل كبير عن منافسيها، فبدلاً من الاستثمار المباشر بكثافة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، يمكن لـ«أبل» التعاون مع شركات رائدة في هذا المجال مثل «أوبن إيه آي»، وربما «بايدو» في الصين، مع الاعتماد على مزودي الحوسبة السحابية لتدريب النماذج وتشغيل الخدمات.
وبحسب تحليل رايتزس فإن «أبل» قد تصبح الرابح الأكبر، لأنها بمثابة «طريق العبور» نحو الذكاء الاصطناعي على الأجهزة المحمولة.
رايتزس أشار إلى أن الأهم هو التدفق النقدي الحر، رغم تركيز البعض على عمليات البناء والتفاصيل الصغيرة.
ومن خلال الاستفادة من الاستثمارات الخارجية في الذكاء الاصطناعي، يمكن لـ«أبل» تجنب تكاليف تطوير هذه التقنية التي تتحملها شركات أخرى، والتي تواصل إنفاق مليارات الدولارات على مدى السنوات القادمة.
أسهمت استراتيجية الإنفاق المنضبطة لـ«أبل» في تحقيق أداء مالي قوي، إذ سجلت الشركة تدفقاً نقدياً حراً بقيمة 109 مليارات دولار خلال السنة المالية 2024، متجاوزاً صافي دخلها البالغ 104 مليارات دولار، بمعدل تحويل للتدفق النقدي الحر أعلى بنسبة 5% من صافي الدخل المعلن، مما يميزها عن منافسيها.
وبفضل تدفقها النقدي القوي، تمكنت «أبل» من إعادة شراء أسهم بقيمة 26.5 مليار دولار خلال الربع الأخير من عام 2024، ومن المتوقع أن تستمر في شراء ما يقارب 30 مليار دولار من الأسهم كل ربع سنة «في المستقبل المنظور»، وفقاً لرايتزس.
ويُحتمل أن تعزز عمليات إعادة الشراء المستمرة هذه من قيمة أسهم «أبل» وتدعم استقرارها المالي.
في المقابل، تواجه شركات الحوسبة السحابية تحديات مالية أكبر، إذ تشير التوقعات لعام 2025 إلى أن «التدفق النقدي الحر» سيكون أقل من صافي الدخل بنسبة 29% لشركة «ألفابت»، و33% لـ«مايكروسوفت»، و24% لـ«أمازون»، و34% لـ«ميتا».
وإذا لم تحقق عائدات الحوسبة السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي النمو المتوقع، فقد تواجه هذه الشركات ضغوطاً متزايدة من المستثمرين.
قد يمنح حفاظ «أبل» على تدفق نقدي حر قوي وسط طفرة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ميزة نسبية ضمن مجموعة أسهم «السبعة الرائعين» (Magnificent Seven) التي تشمل أيضاً «إنفيديا» و«تسلا».
وعلى الرغم من تحقيق جميع هذه الأسهم مكاسب طفيفة يوم الاثنين، فقد أشار تقرير صادر عن بنك «غولدمان ساكس» إلى أن أياً منها لم يسجل مفاجآت إيجابية في المبيعات خلال أحدث نتائج ربع سنوية.
وأشار تقرير البنك إلى أن المستثمرين قد يبدؤون في تحويل اهتمامهم إلى الشركات التي تمتلك استراتيجيات أوضح لتحقيق الأرباح من الذكاء الاصطناعي، لا سيما في قطاع البرمجيات والخدمات، ما قد يصب في مصلحة «أبل» بشكل نسبي.