يتمتع تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، بميزة فريدة بين قادة الشركات، حيث نجح في بناء علاقة شخصية واستراتيجية مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، مما ساعده على تحقيق مكاسب مهمة لشركته خلال فترة الإدارة السابقة.
فمن خلال اعتماد التواصل المباشر وعقد اجتماعات استراتيجية ركزت على مجالات الاهتمام المشترك بين «أبل» وأولويات أجندة ترامب، تمكن كوك من تقديم نموذج فعال في بناء علاقات مؤثرة مع الإدارة الأميركية.
هذا النهج قدم نموذجاً قد يلهم قادة تنفيذيين آخرين يسعون لتعزيز نفوذهم مع الإدارة الجديدة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».
اعتمد نهج كوك على التواصل المباشر، مبتعداً عن القنوات التقليدية مثل جماعات الضغط، حيث ركز خلال اجتماعاته مع ترامب على تقديم قضية واحدة مدعومة بالبيانات لضمان نقاشات فعّالة ومركزة.
في عام 2017، عندما كان ترامب يعمل على خطة لخفض الضرائب، اقترح كوك أن تتيح التعديلات الضريبية لشركة «أبل» إعادة 250 مليار دولار من النقد المحتجز خارج الولايات المتحدة مقابل خفض معدل الضريبة. لاحقاً، استشهد ترامب بشركة «أبل» كأحد الأمثلة البارزة في أثناء الترويج للإصلاحات الضريبية.
وفي عام 2019، نجح كوك في إقناع ترامب بالتراجع عن فرض تعريفة جمركية بنسبة 10% على الواردات الصينية، وهي خطوة كانت ستؤدي إلى زيادة أسعار أجهزة «آيفون» وتمنح منافسين مثل سامسونج ميزة تنافسية. وبعد مناقشة قصيرة، قررت الإدارة تقليص خططها المتعلقة بالتعريفات الجمركية، بما في ذلك تلك المفروضة على الإلكترونيات.
وفي العام نفسه، تراجعت شركة «أبل» عن خططها لنقل إنتاج حاسوب «ماك برو» إلى الصين، وقررت الاحتفاظ بموقع تصنيعها في أوستن، تكساس. وقد أشاد ترامب علناً بالمصنع، مدعياً أنه «افتتحه»، وهو ادعاء لم تنفه «أبل» أو كوك.
كما أثنى ترامب على نهج كوك المباشر، قائلاً: «لهذا السبب هو مدير تنفيذي عظيم، لأنه يتصل بي بينما الآخرون لا يفعلون ذلك».
أشار التقرير إلى أنه من الصعب تكرار تأثير كوك، إذ إن شهرة «أبل» وإصرار كوك الاستراتيجي جعلاه نموذجاً فريداً. وقد واجه بعض القادة التنفيذيين بالفعل صعوبات في الوصول إلى ترامب بسبب عدم وجود علاقة مسبقة.
لكن إذا كانت الشركة تتمتع بشهرة واسعة، فإن ذلك يسهل العملية؛ فقد تمكن الرئيس التنفيذي لشركة «بوينغ»، كيلي أورتبيرغ، مؤخراً من إجراء مكالمة لتهنئة ترامب، رغم أن الأخير كان قد انتقد صانع الطائرات في ولايته الأولى.
كما اعتمد كوك على وسطاء مثل جاريد كوشنر وإيفانكا ترامب لتيسير اتصالاته مع الرئيس ترامب. ومع ذلك، يحذر بعض التنفيذيين من المخاطر المرتبطة بالعلاقات رفيعة المستوى، حيث قد تؤدي إلى مطالب غير متوقعة إذا لم تُدر بعناية.
وقال رون ويليامز، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «إتنا» لخدمات التأمين الصحي: «في أي وقت تبني فيه علاقة مع شخص ما، فإنك تستفيد»، لكنه حذّر من أن مثل هذه العلاقات قد تؤدي إلى طلبات غير مرغوبة، مضيفاً: «عليك استثمار الوقت في بناء العلاقات».
ومع تشكيل الإدارة الجديدة، أفاد التقرير بأن بعض الشركات تتجه إلى مجموعات تجارية أو مستشارين ذوي صلات وثيقة بفريق ترامب لتأسيس علاقات، بينما ينظر آخرون إلى «قسم كفاءة الحكومة» (DOGE)، الذي يقوده إيلون ماسك ورائد الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية فيفيك راماسوامي، كقناة محتملة للتواصل.
وأعربت أرادانا سارين، المديرة المالية لشركة «أسترازينيكا»، عن اهتمامها بالتعاون مع هذا الفريق، لكنها أشارت إلى أن الخطط ما زالت غير واضحة.
كما تظهر استراتيجيات بديلة، فقد صرح أحد الرؤساء التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا أنه يخطط للاستفادة من أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية داخل دائرة ترامب بدلاً من الاعتماد على شركات الضغط التقليدية.
ومع ذلك، لا تحقق الجهود جميعها نتائج مرضية. فقد أشار فريد سميث، رئيس مجلس إدارة شركة «فيديكس» لخدمات الشحن السريع، إلى أنه ناقش مع ترامب قضايا العولمة والتعريفات الجمركية، لكنه اعترف بأن تأثيره كان محدوداً.
قبل فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية مجدداً، استأنف كوك التواصل مع ترامب، وفقاً للتقرير. وفي بودكاست أُذيع في أكتوبر، ذكر ترامب أن كوك اتصل به بشأن المشاكل القانونية المتزايدة لشركة «أبل» في أوروبا، حيث تواجه الشركة غرامات ضخمة بسبب انتهاك قوانين المنافسة في الاتحاد الأوروبي. وأوضح ترامب أنه قال لكوك: «لن أسمح لهم بالاستفادة من شركاتنا».
وبعد فوز ترامب في انتخابات 2024، هنأ كوك الرئيس الأميركي وأعرب عن استعداده لمواصلة العلاقة. وكتب عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «نتطلع إلى التواصل معك ومع إدارتك».