على الرغم من التحديات العالمية المتمثلة في التعريفات الجمركية والقيود التكنولوجية، تواصل شركة «بي واي دي» الصينية، الرائدة في صناعة السيارات، تحقيق هيمنة قوية في السوق من خلال إنتاج مركبات هجينة اقتصادية، محققة مبيعات قياسية تزيد من صعوبة المنافسة أمام الشركات الأجنبية للحاق بها.
خلال الشهر الماضي، أعلنت «بي واي دي» عن تسجيلها للشهر الرابع على التوالي من المبيعات العالمية القياسية، حيث باعت 419,430 سيارة، بحسب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال». وفي وقت سابق من هذا العام، حازت الشركة على لقب أكبر شركة سيارات في الصين من حيث المبيعات، متجاوزة بذلك «فولكس فاجن» التي بقيت مسيطرة لعدة عقود.
تتميز «بي واي دي» بتصنيعها المركبات الكهربائية بالكامل والهجينة، والتي شكلت معاً 53% من سوق المركبات الشخصية في الصين في سبتمبر، وفقاً لاتحاد سيارات الركاب الصيني.
ومع التحول نحو الابتعاد عن السيارات العاملة بالبنزين، أكد التقرير أن شركات السيارات الغربية واليابانية تجد نفسها تنافس على جزء صغير من السوق. فقد شهدت مبيعات مشروع «جنرال موتورز» المشترك مع شركة «سايك موتور»، الذي ينتج مركبات «بويك» و«شيفروليه» و«كاديلاك»، انخفاضاً حاداً بنسبة تجاوزت ثلاثة أرباع على أساس سنوي، لتصل إلى 22,050 سيارة فقط في سبتمبر. كذلك انخفضت مبيعات «هوندا» بنسبة 43% خلال نفس الفترة.
كما تراجعت بعض شركات السيارات الغربية، بما في ذلك «جنرال موتورز» و«فورد»، عن طموحاتها الكهربائية، مما ساهم في زيادة الفجوة. وفي المقابل، افتتحت «هوندا» مؤخراً مصنعاً جديداً في الصين مخصصاً لإنتاج السيارات الكهربائية والهجينة، في خطوة تشير إلى توجه استراتيجي نحو المركبات ذات الطاقة الجديدة.
وبالعودة الى «بي واي دي»، أشار التقرير إلى أن نجاحها يعود إلى قدرتها على تلبية متطلبات المستهلكين الصينيين المتزايدة نحو التوفير. فسيارة (Qin L) الهجينة، التي تم إطلاقها في مايو، تُعد مشابهة في الحجم لسيارة «تويوتا كامري»، لكنها تُعرض بسعر أقل بكثير حيث تبدأ من حوالي 14,100 دولار، مقارنة بسعر «كامري» الأساسي البالغ نحو 24,250 دولاراً. وتقدم (Qin L) مدى يصل إلى حوالي 1,300 ميل بفضل شحنها الكامل وخزان الوقود، بالإضافة إلى ميزات السيارات الذكية مثل شاشة أمامية وأوامر صوتية للتحكم في التكييف ونظام الصوت.
إلى جانب ذلك، يكمن أحد عوامل تفوق «بي واي دي» في تطويرها البطاريات وتكنولوجيا المركبات الهجينة داخلياً، مما مكنها من الريادة في سوق المركبات ذات الطاقة الجديدة. وأشار ييل تشانغ، المدير التنفيذي لشركة (AutoForesight) المتخصصة في أبحاث السوق، إلى أن التطورات الكبيرة التي حققتها «بي واي دي» في تصميم وتكنولوجيا المركبات قد مكنتها من كسب شعبية بين الأسر الصينية.
ورغم نجاح «بي واي دي» على الصعيد المحلي، أوضح التقرير أن توسعها العالمي يواجه عقبات بسبب تزايد المقاومة الدولية تجاه السيارات الصينية. فقد فرضت الولايات المتحدة تعريفة بنسبة 100% على المركبات الكهربائية الصينية، كما اقترحت وزارة التجارة الأميركية حظر استخدام المكونات الصينية في السيارات الذكية. كما تتحرك دول الاتحاد الأوروبي لفرض تعريفة تصل إلى 45% على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين. ومع ذلك، تستمر مبيعات «بي واي دي» الخارجية بالنمو، وإن كانت بوتيرة أبطأ، إذ تبقى السوق الصينية هي السوق الأساسية.
أما داخلياً، فيستفيد صانعو السيارات الصينيون من حوافز حكومية مثل برنامج استبدال السيارات القديمة، مما زاد من الطلب الاستهلاكي. ولأول مرة منذ عقود، تجاوزت مبيعات العلامات التجارية الصينية مبيعات العلامات الأجنبية على أساس سنوي في العام الماضي. وتظهر بيانات شركة (Automobility)، المتخصصة في استراتيجيات السوق، أن حصة «بي واي دي» في السوق الصينية بلغت حوالي 16% خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، مقارنة بحصة مجموعة «فولكس فاجن» البالغة 13%.
وأضاف التقرير أن استراتيجية التكامل العمودي لشركة «بي واي دي»، والتي تشمل إنتاج البطاريات والرقائق داخلياً، جعلت منها واحدة من الشركات القليلة في الصين التي تحقق أرباحاً في مجال تصنيع المركبات الكهربائية. وعلى الرغم من اشتداد المنافسة السعرية نتيجة خفض الأسعار، حققت «بي واي دي» زيادة بنسبة 24% في صافي أرباح النصف الأول من العام، مما يؤكد تفوقها التنافسي في السوق المتنامية بسرعة لمركبات الطاقة الجديدة.