تستعد شركة «باي بال»، المنصة العالمية للدفع الإلكتروني وتحويل الأموال عبر الإنترنت، لدخول سوق مشاركة بيانات المستهلكين التنافسي، لتنضم إلى شركات أخرى توفر معلومات حول مشتريات العملاء، إلى تجار التجزئة بهدف استهدافهم بإعلانات مخصصة.
واعتباراً من 27 نوفمبر 2024، ستتيح «باي بال» للتجار الوصول إلى بيانات العملاء، بما في ذلك التفاصيل الشخصية، وفقاً لتقرير صادر عن صحيفة «وول ستريت جورنال».
يتضمن هذا التحديث لسياسة الخصوصية تفضيلات العملاء، ومقاسات ملابسهم، وأنماط الشراء؛ ما يساعد تجار التجزئة على تخصيص حملاتهم الإعلانية بفعالية أكبر.
وسيتمكن مستخدمو «باي بال» من إيقاف مشاركة هذه البيانات عبر إعدادات حساباتهم.
ووفقاً لتقرير صادر عن مكتب المساءلة الحكومية في الولايات المتحدة (GAO)، فإن حوالي 25% من البنوك الأميركية الكبرى، مثل «جيه بي مورغان تشيس» و«سيتي غروب» و«بنك أوف أميركا»، تشارك بعض بيانات العملاء مع أطراف ثالثة لأغراض تسويقية، فيما ترفض بنوك مثل «أميركان إكسبريس» و«ويلز فارغو» القيام بذلك.
وتعد شركات التكنولوجيا المالية، مثل «باي بال»، وشركات التمويل بالتقسيط، مثل «أفيرم»، من الجهات التي تشارك بيانات مفصلة حول معاملات العملاء وأنماط تسوقهم بشكل منتظم.
على عكس البنوك التقليدية، تتمتع شركات التكنولوجيا المالية بقدرة أعمق على تحليل أنماط الشراء، ما يجعلها أكثر جاذبية للمعلنين.
ويسمح القانون الفيدرالي بمشاركة هذه البيانات لأغراض تسويقية بشرط الإفصاح عنها ومنح العملاء خيار رفض المشاركة.
ومع ذلك، ورغم رغبة الكثير من المستهلكين في منع مشاركة بياناتهم، إلا أن عملية إلغاء الاشتراك قد تكون معقدة وليست بسهولة تعديل إعدادات التطبيق، حيث لم تتجاوز معدلات إلغاء الاشتراك بشكل عام 7%، وفقاً لتقرير مكتب المساءلة الحكومية.
وأشار التقرير إلى أن سياسة مشاركة البيانات تتماشى مع معايير مستخدمي «باي بال» النشطين، الذين بلغ عددهم نحو 391 مليون مستخدم العام الماضي.
وأكدت إيمي بونيتاتيبوس، المديرة التنفيذية للاتصالات في «باي بال»، التزام الشركة بالشفافية، موضحة أن العملاء سيستفيدون من مزايا مخصصة، مثل عروض استرداد نقدي، بفضل هذه السياسات الجديدة.
وأضافت بونيتاتيبوس: «نحن نسعى لأن نكون الطريقة الأكثر أماناً وفائدة للتسوق والدفع». ويمكن للمستخدمين الراغبين في إيقاف هذه الخدمات، إلغاء الاشتراك من خلال إعداد «التسوق المخصص» في قسم «البيانات والخصوصية» ضمن حساباتهم.
إلى جانب بيانات المشتريات، تشارك بعض المؤسسات المالية معلومات شخصية أخرى. على سبيل المثال، تكشف «سيتي غروب» للمعلنين عن الأصول في الحسابات، وبيانات ديموغرافية، وسجل المعاملات، وحتى بيانات تحديد المواقع الجغرافية، وذلك حسب سياسة الخصوصية المتبعة في الولايات المتحدة.
أثارت هذه الممارسات جدلاً واسعاً، حيث أبدى المدافعون عن حقوق المستهلكين مخاوفهم بشأن تأثيرات تلك الممارسات على الخصوصية داخل الخدمات المالية.
وعبّرت تشي تشي وو، المحامية البارزة لدى «المركز الوطني لقانون المستهلك»، عن وجود شعور عام بالقلق بين المستهلكين حيال مشاركة بياناتهم المالية دون موافقة واضحة.
وأضاف التقرير أن بيانات المعاملات التفصيلية قد تكشف عن معلومات حساسة تتعلق بالدخل وعادات الإنفاق والاهتمامات الشخصية؛ ما يجعلها ذات قيمة كبيرة للمسوقين.
وغالباً ما تكون الإفصاحات عن ممارسات مشاركة البيانات مدرجة في شروط الخدمة الطويلة وسياسات الخصوصية، ويكون إلغاء الاشتراك معقداً ويختلف بين المؤسسات.
فعلى سبيل المثال، يسمح «بنك أوف أميركا» و«تشيس» للعملاء بإلغاء الاشتراك عبر الإنترنت، بينما تطلب شركات أخرى، مثل «ديسكفر» و«كابيتال ون»، التواصل عبر الهاتف.
يدعو المدافعون عن الخصوصية إلى تطبيق نظام يعتمد على موافقة المستخدمين، يُلزم المؤسسات بالحصول على موافقة صريحة قبل مشاركة بياناتهم، وهو تغيير في السياسة قد يتطلب تدخلاً من الكونغرس الأميركي.
في الآونة الأخيرة، أصدر «مكتب الحماية المالية للمستهلكين» في الولايات المتحدة قاعدة جديدة للخدمات المصرفية المفتوحة تتيح لأطراف مثل أدوات التخطيط المالي وشركات الرهن العقاري، الوصول إلى معلومات الحسابات المصرفية بموافقة المستخدم فقط، مع فرض قيود تمنع استخدامها لأغراض أخرى كبيعها للمعلنين.
لكن هذه القاعدة الجديدة تنطبق فقط على البيانات التي يوافق المستخدم على مشاركتها طواعية، مما يترك البيانات التي تجمعها المؤسسات المالية وتختار مشاركتها خارج نطاق التنظيم.
وأشار خبراء قانونيون، من بينهم بول شوارتز، الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي، إلى أن سياسات الخصوصية الحالية غالباً ما تفتقر إلى الوضوح، دون إضافة تفاصيل حول كيفية جمع البيانات ومشاركتها.
فيما أضاف إدوارد جانجر، أستاذ القانون في «كلية بروكلين للقانون»، أن سياسات حماية الخصوصية التي تقدمها شركات التجزئة مثل «إيكيا» غالباً ما تكون أقوى مقارنة بتلك التي توفرها البنوك، ما يعكس تفاوتاً في ممارسات مشاركة البيانات بين القطاعات المختلفة.