«أوبر» تدرس استحواذاً ضخماً على «إكسبيديا» بـ20 مليار دولار

تبحث شركة «أوبر» تقديم عرض محتمل للاستحواذ على موقع «إكسبيديا»، الذي يُعد من أبرز المنصات الأميركية المتخصصة في حجوزات السفر، حيث تبلغ قيمته السوقية نحو 20 مليار دولار. وفي حال إتمام الصفقة، ستكون هذه الخطوة هي الكبرى في تاريخ استحواذات «أوبر»، التي تتطلع إلى توسيع نشاطاتها وتنويع مصادر إيراداتها، وفقاً لِما أفادت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية.

خلال الأشهر الأخيرة، استشارت «أوبر» عدداً من المستشارين الماليين لدراسة إمكانية تنفيذ الصفقة، وذلك حسبما نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على سير المناقشات. يُذكر أن المناقشات لا تزال في مراحلها الأولى، ولم يتم حتى الآن توجيه أيّ عروض رسمية لشركة «إكسبيديا»، وفقاً لِما صرّح به أحد المطلعين.

علاقات قوية 

يبرز الدور المحتمل لرئيس «أوبر» الحالي، دارا خسرو شاهي، كإحدى النقاط البارزة في المحادثات، وكان شاهي شغل سابقاً منصب الرئيس التنفيذي لشركة «إكسبيديا» بين عامي 2005 و2017، ولا يزال مديراً غير تنفيذي في مجلس إدارتها. هذه العلاقات الوثيقة ترجح احتمالية أن تكون الصفقة ودية إلى حد كبير، لكن من المرجح أن يتنحى خسرو شاهي عن مناقشات الصفقة لتجنب تضارب المصالح.
ورغم هذا الاهتمام المبدئي، فقد أكد بعض المطلعين أن الصفقة قد لا تتم في النهاية، مشيرين إلى أنه لم تجر حتى الآن مناقشات رسمية بين الشركتين.

إستراتيجية توسع

يأتي هذا التحرك من «أوبر» في وقت تسعى فيه الشركة إلى تعزيز مكانتها كـ«تطبيق شامل»، يوفر خدمات متعددة تشمل حجز الرحلات، وتوصيل الطعام، والخدمات اللوجستية. وحققت «أوبر» نجاحات في السنوات الأخيرة من خلال توسيع نشاطاتها خارج خدمات نقل الركاب التقليدية؛ ما جعلها تتمتع بمرونة مالية مع ارتفاع قيمة أسهمها 85% خلال العام الماضي، لتصل قيمتها السوقية إلى 173 مليار دولار.
وفي ظل هذه الإستراتيجية، يُمكن أن تسهم تقنية الحجز التي تمتلكها «إكسبيديا» في دعم طموحات «أوبر» وتعزيز تحولها إلى منصة شاملة تتيح للمستخدمين الوصول إلى خدمات متنوعة في مكان واحد.

أداء قوي 

ارتفعت أسهم شركة «إكسبيديا» بأكثر من 50% خلال العام الماضي، لكنها لا تزال أصغر بكثير من شركة «أوبر»، حيث تبلغ قيمتها السوقية نحو 20 مليار دولار، وهو ما يمثل 10% من حجم القيمة السوقية لـ«أوبر» تقريباً.
منذ طرح أسهمها للاكتتاب العام في عام 2019، قامت «أوبر» بعدد محدود من عمليات الاستحواذ الكبيرة. فقد توسعت في قطاع توصيل الأطعمة والمشروبات من خلال الاستحواذ على شركة «بوستماتس» (Postmates) مقابل 2.65 مليار دولار، وعلى شركة «دريزلي» (Drizly) المتخصصة في توصيل المشروبات مقابل 1.1 مليار دولار. كما دخلت أوبر قطاع الشحن والخدمات اللوجستية عبر شراء شركة «ترانسبلايس» (Transplace) مقابل 2.25 مليار دولار. إلى جانب ذلك، أبرمت صفقة بقيمة 3.1 مليار دولار للاستحواذ على شركة «كريم»، وهي شركة نقل الركاب الشهيرة في منطقة الشرق الأوسط.

إضافة إلى ذلك، تمتلك أوبر حصصاً في شركة السيارات ذاتية القيادة «أورورا» (Aurora) وفي شركة النقل الصينية «ديدي» (DiDi). كما أبرمت مؤخراً شراكات مع خدمة سيارات الأجرة ذاتية القيادة «وايمو» (Waymo) التابعة لشركة «غوغل»، وأيضاً مع شركة «كروز» (Cruise) التابعة لشركة «جنرال موتورز».

ربحية تشغيلية

على صعيد الأداء المالي، أعلنت «أوبر» عن أول عام من الربحية التشغيلية في فبراير 2024، مدفوعةً بالطلب المتزايد على خدماتها المتنوعة. كما ارتفعت أسهم «إكسبيديا» 7.6%، في حين شهدت أسهم «أوبر» انخفاضاً بـ 2.7%.
وبينما تواصل «أوبر» البحث عن فرص جديدة للاستثمار والتوسع، يبقى السؤال الرئيس هو ما إذا كانت ستتمكن من المضي قدماً في صفقة بهذا الحجم دون التأثير على تصنيفها الائتماني الإيجابي، الذي حصلت عليه مؤخراً للمرة الأولى.
وفي أغسطس، حصلت «أوبر» على أول تصنيف ائتماني لها من الدرجة الاستثمارية. ووفقاً لشخصين مطلعين، كان المسؤولون التنفيذيون في الشركة حريصين على ضمان عدم تأثير أي محاولة للاستحواذ على شركة «إكسبيديا» على هذا التصنيف الائتماني، بحيث لا يتم خفضه إلى مستوى غير مرغوب فيه.
أما في شركة «إكسبيديا»، فقد أصبح دارا خسرو شاهي واحداً من أعلى المديرين التنفيذيين أجراً في الولايات المتحدة. وعندما انتقل إلى منصب الرئيس التنفيذي لشركة «أوبر»، قامت الأخيرة بتعويضه عن خيارات الأسهم التي تخلى عنها عند مغادرته «إكسبيديا»، والتي بلغت قيمتها 160 مليون دولار، ما أسهم في رفع قيمة «أوبر» السوقية إلى 120 مليار دولار حينها.
وعند إدراج أسهم «أوبر» في البورصة، شهدت الأسهم انخفاضاً في البداية، لكنها عادت للارتفاع لاحقاً؛ ما رفع قيمة خيارات خسرو شاهي إلى نحو 136 مليون دولار بحلول نهاية فبراير. ومنذ ذلك الحين، ارتفعت أسهم «أوبر» بنسبة إضافية بلغت 23%.