تتردد بعض الشركات الأوروبية في التوسع داخل السوق الأميركية؛ بسبب السياسة الجمركية المتقلبة التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في إشارة إلى الصعوبة المتزايدة في التعامل مع البيئة التجارية في أكبر اقتصاد في العالم.
فمن خلال فرض رسوم جمركية على كل شيء، من الفولاذ إلى الكونياك، مروراً بالسيارات والصنادل، يسعى ترامب إلى دفع الشركات الأجنبية لنقل استثماراتها إلى الولايات المتحدة، وبناء مصانع جديدة وخلق آلاف الوظائف للأميركيين، وفق وكالة «رويترز».
ورغم أن الشركات الكبرى في قطاعي السيارات والصناعات الدوائية سارعت إلى الإعلان عن توسعاتها أو نيتها بذلك، فإن موجات القرارات، والتراجعات، والإعفاءات جعلت بعض الشركات الصغيرة أكثر تردداً في اتخاذ خطوات مماثلة.
شركة «يوروغروب لامينايشنز» الإيطالية، على سبيل المثال، لا تدفع حالياً أي رسوم جمركية على الدوّارات والساكنات التي تُصدّرها من مصنعها في المكسيك إلى زبائنها في قطاع السيارات الأميركي، مثل «فورد» و«جنرال موتورز»، إذ إنها تلتزم بالقواعد الحالية للاستيراد.
ومع ذلك، فإن نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة قد يعرّض الشركة لرسوم جمركية على نوع الفولاذ الخاص الذي تستخدمه في تصنيع هذه الأجزاء، وفقاً لما قاله الرئيس التنفيذي للشركة، ماركو أردويني، في تصريح لوكالة «رويترز».
أضاف: «تجنّب الرسوم الجمركية الأميركية المحتملة لا يعني بالضرورة أننا سنتمكن من تعويض التكاليف الإضافية وضعف توافر الفولاذ»، مشيراً إلى أن تكاليف اليد العاملة في الولايات المتحدة، التي تصل إلى ستة أضعاف مثيلاتها في المكسيك، تشكل أيضاً عائقاً كبيراً.
وتُعد الشركات الصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للعديد من الاقتصادات، وخصوصاً في كل من إيطاليا وألمانيا، وهما دولتان عضوتان في الاتحاد الأوروبي، وتعدان من كبار المصدّرين إلى الولايات المتحدة.
بما أن هذه الشركات تمتلك موارد مالية أقل من نظيراتها الكبرى، فهي تميل إلى اتخاذ قرارات أسرع في مواجهة التحديات التجارية الجديدة.
وقال مارك تينبيغ، مدير جمعية «دي إم بي» التي تمثل الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة: «على عكس ما يأمله دونالد ترامب، فإن سياساته الحمائية لن تدفع المزيد من الشركات الألمانية إلى الاستثمار في الولايات المتحدة أو خلق وظائف هناك».
وفي تصريحات منفصلة، أشارت الجمعية إلى أن عدداً من الشركات الأعضاء – فضّلت عدم الكشف عن هويتها نظراً لحساسية الموضوع – تعيد النظر في عملياتها داخل الولايات المتحدة؛ بسبب السياسات التي يتبعها ترامب.
كما ذكر أندرو أدير، مستشار السياسات التجارية لأميركا الشمالية لدى جمعية الهندسة الألمانية «VDMA»، أن بعض الشركات الأعضاء بدأت بتأجيل عمليات الشراء، قائلاً بعد زيارته الأخيرة للولايات المتحدة: «يبدو أن القطاع الصناعي قد ضغط على زر التوقف المؤقت حالياً».
وبعد أسابيع من التهديدات، أعلن ترامب في 2 أبريل عن حزمة من الرسوم الجمركية العامة على الواردات من معظم الدول، بما فيها رسوم بنسبة 20% على الواردات من الاتحاد الأوروبي، خفّضها لاحقاً إلى 10% ضمن ما وصفه بـ«فترة توقف» لمدة 90 يوماً بعد تراجع في الأصول الأميركية.
وقد أسهمت تصريحات ترامب التي اتهم فيها الدول الأخرى بـ«استغلال» الولايات المتحدة لسنوات، في تأجيج التوترات السياسية والدبلوماسية، لا سيما على خلفية العجز التجاري الأميركي البالغ 235.6 مليار دولار مع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.