يستعد الاتحاد الأوروبي لتطبيق إطار تنظيمي صارم لسوق العملات الرقمية بدءاً من 30 ديسمبر، بموجب لائحة تنظيم الأسواق الرقمية «ميكا» (MiCA)، بحسب صحيفة «ليزيكو» الفرنسية.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة توجهاً مغايراً نحو خفيف القيود، بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي أطلق وعوداً بدعم القطاع من خلال تقليص الرقابة المفروضة سابقاً.
يهدف تنظيم «ميكا» إلى تعزيز الشفافية، مكافحة الاحتيال، وحماية المستثمرين عبر إلزام الشركات بمعايير صارمة تشمل متطلبات رأس المال.
وتم اعتماد هذه التشريعات في منتصف عام 2023، وستدخل حيز التنفيذ تدريجياً حتى منتصف عام 2026.
ورغم توفير الإطار التنظيمي استقراراً يشجع على الاستثمار طويل الأجل، إلا أن الشركات الناشئة تواجه صعوبات كبيرة في الامتثال لهذه المتطلبات.
وتشير التقديرات إلى أن تكلفة الامتثال قد تصل إلى ملايين اليوروهات، ما قد يدفع العديد من الشركات الصغيرة إلى الخروج من السوق أو الاندماج مع كيانات أكبر.
على الجانب الآخر من الأطلسي، تسعى الولايات المتحدة إلى إنشاء بيئة أكثر مرونة لدعم الابتكار في قطاع العملات الرقمية.
وأدت سياسات ترامب المؤيدة للقطاع، بما في ذلك تعيين رئيس جديد للجنة الأوراق المالية والبورصات يدعم العملات الرقمية، إلى تحفيز السوق. ونتيجة لذلك، تجاوزت قيمة «بيتكوين» حاجز 100 ألف دولار في بداية ديسمبر.
يثير التفاوت في السياسات التنظيمية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قلقاً متزايداً في الأوساط الأوروبية.
وحذر محافظ بنك فرنسا فرانسوا فيليروي دي غالهو، من أن النهج الأميركي الأكثر تساهلاً قد يقوّض الجهود الأوروبية لحماية المستثمرين، ويجذب الشركات نحو السوق الأميركي؛ بسبب لوائحه الأقل صرامة.
في فرنسا، ورغم الفترة الانتقالية الممتدة حتى عام 2026، حصلت أربع شركات فقط على ترخيص «مزود خدمات الأصول الرقمية»، ما يبرز صعوبة الامتثال للإطار الجديد.
ويتخوف خبراء من أن يؤدي ارتفاع تكاليف الامتثال إلى هيمنة الشركات الكبرى على السوق من خلال الاستحواذ على الشركات الناشئة التي تواجه تحديات مالية.
يبقى التساؤل حول قدرة الولايات المتحدة على تحقيق توازن بين دعم الابتكار وحماية المستثمرين.
أما في أوروبا، فيكمن التحدي في ضمان التزام الشركات بالإطار الجديد دون التأثير على تنافسية السوق واستقلاليته الرقمية.