منذ يوم الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر، شهدت أسعار بيتكوين زيادة بنسبة 40%، لكن شركة «مايكروستراتيجي»، التي استثمرت بكثافة في العملة الرقمية المشفرة، شهدت ارتفاعاً أكبر في أسهمها.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، ارتفعت أسهم «مايكروستراتيجي» بأكثر من ست مرات هذا العام، مع زيادة بنسبة 85% منذ 5 نوفمبر، مما جعلها خياراً أكثر جذباً للمستثمرين الأفراد مقارنة ببيتكوين نفسها.
ومع قيمة سوقية تبلغ 90 مليار دولار، أصبحت أسهم «مايكروستراتيجي» الآن تتجاوز ضعف قيمة بيتكوين التي تمتلكها. وقد جمعت الشركة نحو 38 مليار دولار من بيتكوين منذ أن بدأت في شراء العملة الرقمية في عام 2020، مما حولها إلى «آلة شراء بيتكوين».
وأشار التقرير إلى أن العديد من المستثمرين يراهنون على ازدهار صناعة الأصول الرقمية تحت قيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وهو ما يعزز أداء أسهم الشركة، حيث اقتربت أسعار بيتكوين حالياً من 100,000 دولار.
وأشار مايكل سايلور، مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي، إلى قدرة «مايكروستراتيجي» على التفوق على بيتكوين، قائلاً: «الطريقة التي نتفوق بها على بيتكوين، في جوهرها، هي أننا نرفع من رهانات بيتكوين».
وقد كشف سايلور مؤخراً عن خطة طموحة لجمع 42 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات من خلال عروض الأسهم والسندات لشراء المزيد من بيتكوين. وبلغ إجمالي ديون «مايكروستراتيجي» القابلة للتحويل 4.3 مليار دولار اعتباراً من 29 أكتوبر.
ومع ذلك، أثار أسلوب الشركة، الذي يجمع بين استثمارها المكثف في بيتكوين واستخدام أساليب هندسة مالية على طراز «وول ستريت»، جدلاً واسعاً. ففي حين شهد المستثمرون عوائد كبيرة، يشكك النقاد في استدامة هذه الإستراتيجية.
وأشار التقرير إلى فشل استخدام «الرافعة المالية»، التي تعني اقتراض الأموال للاستثمار في بيتكوين، خلال انهيار سوق العملات الرقمية في 2022. فعندما انهارت بورصة (FTX) التي أسسها الأميركي سام بانكمان فريد، تسببت الأزمة في هبوط حاد في أسعار بيتكوين إلى ما دون 16,000 دولار، مما أدى إلى خسائر كبيرة لشركة «مايكروستراتيجي» بسبب استثماراتها الضخمة في العملة الرقمية باستخدام الأموال المقترضة.
لكن سايلور، الذي استقال من منصب المدير التنفيذي في 2022 بعد سلسلة من الخسائر المتواصلة قبل أن يعود إلى منصبه في 2024، لا يزال واثقاً في إستراتيجيته. وقال في مقابلة: «لقد وجدت (مايكروستراتيجي) طريقة للتفوق على بيتكوين».
من جهة أخرى، يرى بعض الخبراء في الصناعة، مثل أندرو ليفت، مؤسس شركة «سيتيرون للأبحاث»، أن أسهم «مايكروستراتيجي» أصبحت بعيدة عن الواقع. وكان ليفت قد دعم إستراتيجية الشركة في جمع بيتكوين في 2020، لكنه أصبح الآن يراهن ضدها، متوقعاً أن تشهد أسهمها انخفاضاً في المستقبل.
كما حذر بعض المحللين من أن الارتفاع الكبير في أسهم شركة «مايكروستراتيجي» هو جزء من نشوة أوسع لدى المستثمرين في الأصول المضاربة، مما قد يؤدي إلى انهيار وشيك.
وعبّر ديفيد ترينر، مؤسس شركة «نيو كونستركتس» للأبحاث، عن قلقه بشأن الأسس المالية للشركة، قائلاً: «مايكروستراتيجي» تُعدّ شركة ضعيفة وفقًا للمعايير التقليدية»، مشيراً إلى الخسائر الصافية المستمرة في الأرباع الأخيرة.
وأضاف أن الاستثمار في «مايكروستراتيجي»، وهي شركة تخسر المال، بينما تواصل شراء بيتكوين، يزيد المخاطر على المستثمرين بشكل كبير.
ورغم الشكوك، يجذب تقلب أسهم «مايكروستراتيجي» بعض المتداولين الذين يستفيدون من تكبير أرباحهم على المدى القصير.
غاريت شيراي، وهو متحمس للعملات الرقمية من فلورنسا بولاية ألاباما، استفاد من تداول سريع في أسهم الشركة، حيث اشترى سهماً واحداً من الشركة بسعر 436.53 دولاراً ظهر يوم الثلاثاء، ثم باعه بسعر 472.40 دولاراً صباح يوم الأربعاء، محققاً ربحاً سريعاً.
وفي وصف لاستراتيجيته التي نشأت من الحاجة، شرح سايلور، الذي يروج لتقلب بيتكوين وإمكاناته في تحقيق عوائد مرتفعة، أنه في عام 2020، عندما أدى جائحة كوفيد-19 إلى الإغلاق العالمي وخفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، كانت «مايكروستراتيجي» تواجه صعوبة في المنافسة مع عمالقة التكنولوجيا مثل «مايكروسوفت».
وأضاف سايلور أن الشركة كانت تحت ضغط متزايد لإعادة الأموال إلى المساهمين من خلال إعادة شراء الأسهم وتوزيع الأرباح، مما دفعه إلى اتخاذ مخاطرة جريئة، محولاً تركيز الشركة إلى بيتكوين كوسيلة لإحياء حظوظها.
وقال سايلور خلال مؤتمر الأرباح الشهر الماضي: «عندما تتعامل مع التغيرات الكبيرة في السوق، فإنك تتفوق على مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، مؤكداً التزام الشركة المستمر بإستراتيجيتها في بيتكوين رغم المخاطر المتضمنة.