logo
اقتصاد

حرب لبنان.. كيف تؤثر على الاقتصاد المصري؟

حرب لبنان.. كيف تؤثر على الاقتصاد المصري؟
سفينة شحن تعبر قناة السويس عند منطقة الإسماعلية - 27 مايو 2021 المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:6 أكتوبر 2024, 11:45 ص

مع تصاعد المواجهة العسكرية بين حزب الله وإيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، تتزايد المخاوف بشأن تأثير هذه الأزمة على دول الجوار ومنها مصر. ومع احتمالية اندلاع حرب شاملة في المنطقة، يبرز التساؤل حول مدى انعكاس ذلك على الاقتصاد المصري، خاصة أن القاهرة تتمتع بعلاقات اقتصادية مع العديد من الأطراف المؤثرة في المنطقة.

وخلال الأيام الماضية، شهدت منطقة الشرق الأوسط، تصعيداً عسكرياً بعدما شن الجيش الإسرائيلي هجوماً جوياً على لبنان في 27 سبتمبر، استهدف الضاحية الجنوبية، وأسفر عن مقتل حسن نصرالله زعيم حزب الله المدعوم من إيران، وعدداً من قيادات الحزب، وقيام طهران بالرد على هذا الهجوم بإطلاق أكثر من 200 صاروخ باليستي على إسرائيل في الأول من أكتوبر الجاري.

وقبل أيام، حذر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية من المخاطر الاقتصادية للتصعيد العسكري، وقالت بياتا يافورشيك كبيرة الخبراء الاقتصاديين في البنك، إن الأزمة المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، مع قصف إسرائيل لمواقع  حزب الله، من شأنها أن تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان وتضر بدول مجاورة مثل الأردن ومصر.

وفي مايو الماضي، قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن إيرادات قطاع السياحة وقناة السويس قد تتراجع بنحو 3.7 مليار دولار خلال العامين الماليين 2023-2024 و2024-2025. وأشار إلى أنه في حال تصاعد الصراع أو توسعت الحرب في المنطقة، قد تصل الخسائر المحتملة إلى 13.7 مليار دولار، مما يعكس التأثير الكبير الذي قد يتعرض له الاقتصاد المصري.

تداعيات اقتصادية 

ومع التصعيد العسكري في المنطقة، يرى رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية الدكتور رشاد عبده، أن الأزمات الجيوسياسية غالباً ما تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الاقتصاد المصري، نظراً لاعتماد البلاد على استقرار الإقليم في تسهيل التجارة البينية واستقرار أسواق الطاقة، مشيرًا في تصريحات مع «إرم بزنس» إلى أنه مع اشتداد الصراع العسكري في لبنان، تظهر تأثيرات اقتصادية متعددة على الدولة المصرية.

ومن أبرز هذه التداعيات السلبية، وفق عبده، ارتفاع أسعار الطاقة، حيث تعتبر مصر من الدول المستوردة للنفط والغاز، فهي تتأثر مباشرة بأي تغيرات في الأسعار العالمية للطاقة التي ستنعكس سلباً على معدلات التضخم، وتزيد الضغوط على الميزانية المصرية نظراً لاعتمادها على استيراد جزء من احتياجاتها من الطاقة.

وعقب الهجوم الإيراني على إسرائيل الثلاثاء، قفزت أسعار النفط بأكثر من 5%، فيما سجل سعر خام برنت في تداولات اليوم الخميس قرابة 75 دولارا للبرميل، بينما سجل خام غرب تكساس 71 دولارا، وفق بلومبرغ.

وتشمل الانعكاسات السلبية لحرب لبنان أيضاً -بحسب عبده- قطاع السياحة المصري الذي يعد من الركائز الأساسية للاقتصاد، حيث قد يتردد السياح في زيارة دول المنطقة ومنها مصر في ظل تصاعد العمليات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما قد يؤثر سلباً على عائدات السياحة في البلاد.

وحقّقت مصر أعلى معدل في أعداد السائحين الوافدين خلال النصف الأول من العام الجاري وبلغ 7.069 مليون سائح، وتحقيق إيرادات قياسية 6.6 مليار دولار، وفق بيانات وزارة السياحة المصرية.

قناة السويس

بدوره، يرى مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية الدكتور عبدالمنعم السيد، أن التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، سيمثل تهديداً لحركة الملاحة في البحر الأحمر وبالتالي على إيرادات قناة السويس التي تعتبر مصدراً حيوياً للدولار بالنسبة للاقتصاد المصري.

وفي تصريحات لـ «إرم بزنس» يقول السيد إن لدى إيران العديد من الأذرع المسلحة في منطقة الشرق الأوسط ومنها جماعة الحوثيين في اليمن التي يتوقع أن تصعد هجماتها على السفن المارة في البحر الأحمر، مما سيؤدي إلى تراجع عدد السفن التي تعبر القناة ويزيد من خسائرها.

وخسرت مصر نحو 6 مليارات دولار بسبب الحرب بين إسرائيل وغزة وتداعياتها على دول المنطقة ، وفقًا لما أعلنه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في تصريحات سابقة له أوردها الإعلام المحلي.

وقال السيسي، في 29 سبتمبر الماضي «قناة السويس فقدت ما بين 50% و60% من إيراداتها. أي أكثر من 6 مليارات دولار، بسبب التوترات في المنطقة خلال الأشهر الثمانية الماضية».

كما أنه بحسب تصريحات لرئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع في يوليو الماضي، فإن الإيرادات تراجعت 23.4% إلى 7.2 مليارات دولار العام المالي 2023-2024، مقابل 9.4 مليارات خلال العام المالي 2022-2023 مع تحول بعض شركات الشحن إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب هجمات الحوثيين في اليمن على السفن المارة في البحر الأحمر.

ووفق مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية فإنه مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، قد يتردد المستثمرون الأجانب في ضخ استثمارات جديدة، لأن عدم استقرار الأوضاع الأمنية غالباً ما يؤثر سلباً على مناخ الاستثمار، إذ يبحث المستثمرون دائماً عن البيئات الآمنة والمستقرة لضخ أموالهم. وفي حال تصاعد العمليات العسكرية، قد يؤثر ذلك على خطط بعض المستثمرين الذين يفكرون في دخول السوق المصري.

ومن ضمن تداعيات اندلاع حرب شاملة في المنطقة على مصر، هو خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة أو ما يعرف بالأموال الساخنة التي تستثمر في أدوات الدين الرسمية، والتي دخلت البلاد منذ قرار تحرير سعر الصرف في 6 مارس الماضي، وتقدر بـ 37.5 مليار دولار، وفق مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية.

 بدائل أمام مصر 

ولتجنب التأثيرات السلبية المتوقعة من النزاع العسكري في المنطقة، تحتاج مصر إلى اتخاذ عدة إجراءات استراتيجية، وفقاً للخبير الاقتصادي الدكتور سعيد توفيق، منها تنويع مصادر الطاقة، التي تعد واحدة من الخطوات الأساسية التي يمكن أن تتخذها الحكومة المصرية.

ويؤكد توفيق في حديث مع «إرم بزنس» أن تنويع مصادر الطاقة سوق يقلل من الاعتماد على الأسواق العالمية وأسعار النفط المتقلبة، مشيرا إلى أنه يمكن لمصر زيادة استثماراتها في قطاع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح لتقليل الاعتماد على النفط المستورد.

ومن أجل مواجهة أي تراجع محتمل في السياحة الدولية، يقترح الخبير الاقتصادي تعزيز السياحة الداخلية، وتشجيع المصريين على استكشاف الوجهات السياحية المحلية، ما سيساعد في تعويض أي خسائر محتملة نتيجة لتراجع السياحة الدولية. وهذا يمكن أن يتم عبر تقديم عروض ترويجية مخصصة للمواطنين المصريين وتوفير باقات سياحية تناسب مختلف الفئات.

ويرى توفيق أنه يجب على الحكومة المصرية أن تسعى لتنويع شراكاتها التجارية الدولية، لأن تعزيز العلاقات مع دول أخرى خارج منطقة الشرق الأوسط يمكن أن يساعد في تقليل الاعتماد على الأسواق المتأثرة بالنزاعات.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC