من المتوقع أن يشهد عام 2025 استمرار التحولات الاقتصادية الكبرى التي بدأت في الأعوام السابقة، مع بروز السعودية كأحد المراكز الاقتصادية الرائدة في الأسواق الناشئة. وتتصدر المملكة قائمة الدول التي تقود هذه التحولات من خلال استثمارات إستراتيجية تشمل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية، في إطار مساعيها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط وتعزيز التنمية المستدامة، وفقاً لتقرير صادر عن شركة بلاك روك لإدارة الأصول العالمية.
إلى جانب السعودية، تبرز الهند كوجهة استثمارية رئيسة تستفيد من التغيرات الديموغرافية الإيجابية والتوسع في مشاريع البنية التحتية. أما الصين، فرغم مواجهتها تحديات هيكلية طويلة الأمد، فإن برامج الحوافز المالية قد توفر فرصاً محدودة للمستثمرين.
من ناحية أخرى، تواصل اليابان جني ثمار إصلاحاتها الاقتصادية؛ ما يعزز أرباح الشركات وزيادة عوائد المساهمين، بينما تظل الولايات المتحدة نقطة جذب رئيسة للاستثمار بفضل الابتكار المستمر في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
وفي أوروبا، تتوفر بعض الفرص الاستثمارية بتقييمات أقل تكلفة، لكن حالة عدم اليقين السياسي تبقى عاملاً مؤثراً.
وتُظهر هذه التحولات الهيكلية أن عام 2025 سيكون مليئاً بالتحديات والفرص على حد سواء؛ ما يتطلب من المستثمرين التركيز على إستراتيجيات مرنة للتكيف مع المتغيرات الاقتصادية المتسارعة.
خلص تقرير شركة بلاك روك، كبرى شركات إدارة الأصول العالمية، إلى أن عام 2025 سيواصل التحولات الاقتصادية الكبرى التي بدأت في عام 2024، والتي وُصفت بأنها «تحول اقتصادي» يتجاوز الدورات التقليدية. وأشار التقرير إلى أن هذا التحول الهيكلي يعيد رسم ملامح الأسواق المالية؛ ما يخلق فرصاً استثمارية جديدة ومجالات للنمو.
وشددت بلاك روك على ضرورة تبني إستراتيجيات مرنة من قبل المستثمرين للاستفادة من هذه التحولات الاقتصادية. كما أوصت بالتركيز على الأصول التي تجمع بين العوائد المستدامة وتقليل المخاطر، مثل الأسهم الأميركية والسندات قصيرة الأجل.
وأضاف التقرير أن هذا التحول يتطلب إعادة النظر في المبادئ الاستثمارية التقليدية، مع الاستعداد لمزيد من التقلبات والمفاجآت غير المتوقعة؛ ما يجعل عام 2025 عاماً مليئاً بالتحديات والفرص في الوقت ذاته.
وأكدت الشركة أن الأسواق شهدت خلال عام 2024 تقلبات كبيرة، حيث ارتفعت الأسهم الأميركية بأكثر من 20%، مدفوعة بالتقدم في قطاع التكنولوجيا والابتكار في الذكاء الاصطناعي. ولفتت إلى أن هذه التغيرات ليست مؤقتة، بل تعكس تحولات هيكلية طويلة الأمد تواصل إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.
توقع خبراء بلاك روك أن تواصل الأسهم الأميركية أداءها القوي خلال عام 2025، مدعومةً بالتوسع المستمر في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والابتكار التكنولوجي. وأشار التقرير إلى أن الشركات التي تركز على تعزيز الأرباح والنمو المستدام ستظل الخيار المفضل للمستثمرين، رغم مخاوف التقييمات المرتفعة لبعض أسهم التكنولوجيا الكبرى.
كما لفت التقرير إلى أن التركيز في السوق على عدد محدود من الشركات التقنية ليس عيباً، بل ميزة نابعة من طبيعة التحولات الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد. ومع ذلك، حذر خبراء الشركة من تصاعد مخاطر الحمائية التجارية والتوترات الجيوسياسية، خاصةً بين الولايات المتحدة والصين، والتي قد تؤثر في الأسواق.
كما ركزت بلاك روك على الانتقال إلى الاقتصاد منخفض الكربون، مشيرة إلى أن إعادة هيكلة أنظمة الطاقة العالمية ستخلق فرصاً ضخمة في قطاع الطاقة المتجددة والبنية التحتية.
فيما يتعلق بأدوات الدخل الثابت، توقعت بلاك روك أن السندات قصيرة ومتوسطة الأجل ستظل من الخيارات الاستثمارية المفضلة في 2025. وأشارت إلى أن هذه الأدوات توفر عوائد معقولة مع انخفاض المخاطر المرتبطة بأسعار الفائدة.
وأوضحت أن التضخم المستمر في الولايات المتحدة سيمنع تخفيضات كبيرة لأسعار الفائدة الفيدرالية؛ ما يجعل التوجه نحو هذه الأدوات أكثر أماناً مقارنة بالسندات طويلة الأجل.
على الجانب الآخر، فضّل التقرير السندات الأوروبية على نظيرتها الأميركية، مشيراً إلى أن التقييمات الأقل تكلفة تجعلها أكثر جاذبية.
توقعت بلاك روك أن تشكل التغيرات السريعة في السياسات العامة مصدراً إضافياً للتقلبات في عام 2025. وأشارت إلى أن المنافسة الإستراتيجية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب الحمائية التجارية، ستظل من أبرز المخاطر التي تهدد استقرار الأسواق.
كما لفتت الشركة إلى أن التوترات الجيوسياسية قد تؤثر بشكل مباشر في التبادلات التجارية وسلاسل الإمداد العالمية؛ ما يجعل التكيف مع هذه المتغيرات ضرورياً للمستثمرين.