logo
اقتصاد

حرائق لوس أنجلوس تعيد تشكيل معايير السلامة والأمن عالمياً

حرائق لوس أنجلوس تعيد تشكيل معايير السلامة والأمن عالمياً
معرض إنترسك دبي 2025 - جناح مؤسسة نافكو المتخصصة بالأمن والإنقاذ من الحرائق، 14-1-2025المصدر: إرم بزنس
تاريخ النشر:17 يناير 2025, 04:10 م

أثارت حرائق لوس أنجلوس المستعرة في ولاية كاليفورنيا ردود فعل واسعة على الصعيدين البيئي والاقتصادي، لتسلط الضوء على قصور معايير السلامة والإنقاذ العالمية.

هذه الكارثة البيئية أظهرت تأثيرات مدمرة على البشر والبيئة، ما دفع الخبراء والمختصين إلى إعادة تقييم استراتيجيات الوقاية ومكافحة الحرائق في ظل تزايد الكوارث المناخية، وكانت بمثابة جرس إنذار للعالم بضرورة تطوير وتحديث المعايير والأنظمة لمواجهة تحديات المستقبل.

خبراء مشاركون في معرض «إنترسك» (Intersec) في دبي، اتفقوا على أن مكافحة الحرائق تبدأ بمنع حدوثها من الأساس.

رافييل تورس، مدير التدريب والسلامة في مؤسسة «نافكو» (NAFFCO) الذي استعرض تجربته مع فريق الدفاع المدني في كاليفورنيا، قال إن «الوقاية هي خط الدفاع الأول»، مشيراً إلى أهمية تقليل الكثافة الزراعية حول المناطق السكنية بمسافة لا تقل عن كيلومترين، وتنفيذ فكرة (Fire Break) كإجراء وقائي يحد من انتشار النيران.

وبرأي رافييل، فإن كارثة حرائق لوس أنجلوس كانت متوقعة بسبب عدة عوامل، لعل أبرزها خفض ميزانية إدارة الإطفاء في المدينة بنحو 17.4 مليون دولار خلال العام الأخير. والتي كان لها التأثير الأكبر على جاهزية فرق الإطفاء وقدرتها على مواجهة الكوارث، إضافة إلى قلة أعداد الفرق.

أخبار ذات صلة

تكلفة متصاعدة لإخماد حرائق الغابات في كاليفورنيا

تكلفة متصاعدة لإخماد حرائق الغابات في كاليفورنيا

وهو ما أكده، الرئيس التنفيذي لشركة «نافكو»، خالد الخطيب، الذي قال إن «مكافحة الحرائق تتطلب تضافر ثلاثة عناصر رئيسية، الاستراتيجيات الفعالة، الموارد البشرية المدربة، والمعدات المتطورة، بما يشمل أحدث التقنيات الحديثة». 

واستشهد الخطيب بتجربة بنغلادش، التي كانت تعاني من معدل حرائق مرتفع في مصانعها، مما أسفر عن وفاة ما بين 400 و500 عامل سنوياً. وتعد بنغلادش إحدى أكبر مصدري الملابس إلى أميركا وأوروبا. وبعد أن تلقت مصانعها إنذارًا بضرورة تحسين معايير السلامة أو نقل الإنتاج إلى فيتنام، تم بالتعاون مع مختبر "UL" وبدعم من شركة «نافكو» تنفيذ أنظمة متقدمة للإطفاء والسلامة والإنذار المبكر في أكثر من 3500 منشأة في بنغلادش خلال عام واحد.

ومنذ تطبيق هذه الأنظمة قبل 5 سنوات، لم تُسجل أي حرائق أو وفيات بشرية، مما يبرز أهمية الالتزام الصارم بمعايير الوقاية من المخاطر.

وأضاف الخطيب أن تطور مواد البناء عالمياً يتطلب مواكبة هذا التطور بأنظمة حديثة وفعالة للإطفاء والسلامة.

روبوت من ابتكار شركة نافكو
روبوت من ابتكار شركة نافكو المصدر: إرم بزنس

أما أحمد حرب، مدير تطوير الأعمال في مؤسسة (PEMALL USA) للإطفاء والإنقاذ، فقد سلط الضوء على طبيعة الأبنية في الولايات المتحدة، موضحاً أن الاعتماد الكبير على المواد الخشبية في البناء جعل الحرائق تنتشر بشكل أسرع وأوسع. وأكد أن فرض قوانين صارمة على استخدام المواد المقاومة للنيران أصبح ضرورة قصوى لتجنب كوارث مشابهة.

الخبراء المشاركون في معرض «إنترسك» دبي، أجمعوا أن الإمارات بفضل تشريعاتها المتقدمة في قطاع الأمن والسلامة، أصبحت نموذجاً يُحتذى به عالمياً. فمن خلال تبني معايير دقيقة، استوحتها من أفضل الممارسات العالمية، نجحت الدولة في تقليل المخاطر وتعزيز سلامة سكانها، مما يجعلها وجهة بارزة للشراكات والتعاون في هذا القطاع.

التكنولوجيا تقود مستقبل مكافحة الحرائق 

وصل حجم سوق نظام الحماية من الحرائق العالمي إلى 81.22 مليار دولار أميركي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 150.11 مليار دولار أميركي بحلول عام 2032، مع معدل نمو سنوي مركب بنسبة 7.98% خلال الفترة المتوقعة من 2025 إلى 2032، وفقاً لبيانات نشرها موقع «داتا بريدج ماركت ريسيرش» (Data Bridge Market Research).

ويشهد سوق أنظمة الحماية من الحرائق نموا قويا، مدفوعا بالتكنولوجيا المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت أنظمة الحرائق معتمدة على تقنيات عالية الجودة لمكافحة الحرائق وتحسين استراتيجيات الأمن والسلامة. معرض «إنترسك» كشف النقاب عن أحدث تلك الابتكارات، مؤكداً أن التكنولوجيا ليست أداة للتطوير، بل عاملاً رئيسياً في حماية الأرواح والممتلكات.

فايب يداف، رئيس قسم الهندسة في شركة (Action to Action)، استعرض خلال المعرض روبوتا متطوراً يمكنه رصد الدخان والحرائق والغازات الخطرة مثل غاز الميثان باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. يتميز الروبوت بقدرته على إرسال إنذارات دقيقة في الوقت الفعلي وتحليل البيانات المحيطة. بالإضافة إلى الكشف عن غاز الميثان الذي لا يستطيع البشر تحديده، هذا الابتكار أحدث نقلة نوعية، خصوصاً في المنشآت الصناعية والغابات حيث يصعب على البشر رصد المخاطر في الوقت المناسب.

طائرة بدون طيار تابعة لشركة نافكو
طائرة بدون طيار تابعة لشركة نافكو المصدر: إرم بزنس

فالتكنولوجيا المدمجة بالذكاء الاصطناعي، كما هو واضح في معرض «إنترسك»، ليست فقط أداة للابتكار، بل أداة للحفاظ على الأرواح وتحقيق التنمية المستدامة. ومع تصاعد أهمية هذا القطاع في الشرق الأوسط، يبدو أن المنطقة تسير بخطى ثابتة لتكون في مقدمة الدول التي تتبنى التكنولوجيا الحديثة، مما يجعلها نموذجًا عالميًا يحتذى به.

وحول هذا السياق بالذات، أوضح أيمن كيالي، محلل بيانات في نافكو، أن التكنولوجيا أصبحت العامل الحاسم في تسريع الاستجابة للحرائق، مستعرضا نموذج الطائرة بدون طيار الأولى على مستوى الشرق الأوسط في مجال الحرائق والإنقاذ، والذي ابتكرته الشركة. هذا الدرون قادر على التحرك في غضون دقيقة واحدة والاستجابة لحالات الطوارئ، يتيح الوصول إلى المصابين بسرعة فائقة، ما يعكس نقلة نوعية في كيفية تعامل الشركات مع تحديات الحريق.

التغير المناخي يزيد مخاطر الحرائق 

يتسبب تغير المناخ في زيادة مخاطر الحرائق عالمياً، حيث سجلت آخر التقديرات ارتفاعاً في درجات الحرارة بمعدل 1.6 عن المتوقع وهي الدرجة الأعلى منذ التاريخ المسجل، وفقاً للمركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى.

ووفقًا لأبرز السيناريوهات المتوقعة، أكد جان لوكا، مدير إدارة في شركة (Safety Hi Tech)، أن التركيز على حلول المناخ والاستدامة لا يسهم فقط في حماية البيئة، بل يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار مشيراً إلى أن دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها الإمارات والسعودية، اللتان بدأتا في التوسع بهذا القطاع لتصبحا من الرواد عالمياً في تقديم حلول متكاملة للأمن والسلامة. 

لكن عندما يتعلق الأمر بحريق بحجم كاليفورنيا، فإنه-بجانب التركيز على قضايا المناخ من خفض الانبعاثات الكربونية، وحماية الغابات، والاستثمار في الطاقة المتجددة-يتطلب من الحكومات تضافر الجهود الدولية في مجالات أخرى كالتعليم والتدريب وعرض دراسات حول المخاطر وتقييمها بحسب رئيس الجمعية الدولية للإنقاذ والإطفاء، جوش والدو، وأن أهم ما يجب التركيز عليه أيضاً مجال التكنولوجيا والابتكار، لأنه الوحيد القادر على التعامل مع هذه الكوارث دون المخاطرة بالعنصر البشري.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC