logo
اقتصاد

أزمة القهوة العالمية.. تأثير تغير المناخ على الإنتاج والأسعار

أزمة القهوة العالمية.. تأثير تغير المناخ على الإنتاج والأسعار
مزارع سانتو أنطونيو دو أمبارو للقهوة، ميناس جيرايس، البرازيل في 15 مايو 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:9 أكتوبر 2024, 07:01 م

تواجه صناعة القهوة العالمية أزمةً حقيقية بفعل تغير المناخ، إذ تتعرّض أبرز مناطق الإنتاج الرئيسية مثل البرازيل وفيتنام لتقلبات مناخية حادة تؤثر بشكل مباشر على المحاصيل والأسعار.

وفقاً لمقابلة أجرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» مع أندريا إيلي، رئيس مجلس إدارة شركة (Illycaffè) فإنه مع تسجيل أسعار القهوة ارتفاعات غير مسبوقة نتيجة للجفاف الشديد أو الأمطار الغزيرة، يتزايد الضغط على المزارعين الذين يعتمدون على هذا المحصول الحساس.

في ظل هذه التحديات، شدد إيلي، وهو الوريث من الجيل الثالث للشركة الإيطالية الشهيرة، على أن التكيف مع تغير المناخ أصبح ضرورة ملحة لاستقرار أسعار القهوة العالمية. وارتفعت أسعار القهوة إلى مستويات غير مسبوقة خلال عام 2024، حيث شهدت العقود الآجلة لقهوة «آرابيكا» ارتفاعاً بنحو 70% خلال العام الماضي، في حين تضاعفت أسعار «روبوستا» بشكل كبير.

وتُعزى الزيادات الحادة إلى تأثيرات تغير المناخ التي أضرت بإنتاج القهوة، لا سيما في أميركا اللاتينية التي تسهم في ثلثي الإمدادات العالمية، الأمر الذي يبرز أهمية تكيف الصناعة مع التغيرات المناخية للحد من التقلبات ومنع حدوث أزمات في الإمدادات مستقبلاً.

تغير المناخ وزيادة تقلبات الأسعار

تعدّ العوامل المناخية غير المستقرة المحرك الأساسي وراء تقلبات إنتاج القهوة، ولا سيما أن زراعة القهوة تعتمد على استقرار درجات الحرارة والرطوبة، وهو ما يتعارض مع الأنماط المناخية الحالية التي أصبحت أكثر تبايناً نتيجة لتغير المناخ.

وتعد ظاهرة «النينيو» التذبذب الجنوبي (ENSO)، سبباً رئيسياً في فترات من الجفاف الشديد أو الأمطار الغزيرة، الأمر الذي يزيد من تعقيد الظروف الزراعية، إذ أنّ المناخ المتقلب يقدم لنا العكس تماماً من الظروف المنتظمة التي تحتاجها زراعة القهوة، ومن الأمثلة على تلك الظروف، الجفاف الحاد في فيتنام والطقس القاسي في البرازيل والتي برزت كأسباب رئيسية للارتفاع الأخير في الأسعار.

تجدر الإشارة إلى أن البيانات تظهر أن منطقة ميناس جيرايس الزراعية في البرازيل، التي تعد من أهم مناطق زراعة القهوة، تشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة ضعف المعدل العالمي بسبب إزالة الغابات.

وكذلك أسهم هذا التغير المناخي غير المتوقع بزيادة المضاربات في السوق، ما يزيد من تفاقم التقلبات، ومن المتوقع أن يتراجع الإنتاج في السنوات المقبلة، ما يمثل فرصة للمضاربة في الأسواق.

ووفقاً للتقرير، فإن استمرار تغير الظروف المناخية سيسهم بخلق عدم استقرار ما لم تتخذ خطوات جادة للتكيف، وعلى سبيل المثال فإنه على الرغم من أن تحسن الأحوال الجوية على المدى القصير، مثل هطول الأمطار في البرازيل، قد يسهم في تخفيف الضغوط السعرية، إلا أنّ الحلول المستدامة تعتمد على استثمارات طويلة الأجل في التكيف مع تغير المناخ.

وتحتاج الدول النامية، التي تعتمد على زراعة القهوة، إلى دعم مالي وتقني لمواجهة هذه التحديات، ولا سيما أن معظم مزارعي القهوة هم من صغار المنتجين الذين يمتلكون مساحات صغيرة من الأرض ويحققون هوامش ربح ضئيلة، ويقول إيلي «معظم هؤلاء المزارعين يحصلون على 5% فقط من قيمة تجارة الجملة للقهوة، وهو ما لا يتيح لهم فرصة إعادة الاستثمار في مزارعهم أو تحسين ممارساتهم الزراعية».

وحفاظاً على الإنتاجية، تبرز أهمية تجديد المزارع القديمة، حيث يتم استبدال النباتات في البرازيل كل 12 إلى 15 عاماً، إلا أن العديد من البلدان الأخرى ما زالت تستخدم نباتات قديمة تعود إلى عقود، ما يضعف قدرتها على مقاومة الأمراض والظروف المناخية القاسية.

وفي مواجهة ارتفاع التكاليف، حاولت شركة (Illycaffè) تحقيق توازن بين استيعاب التكاليف الإضافية وضرورة تعديل أسعار منتجاتها.

تحديات قانون إزالة الغابات الأوروبي

فيما يتعلق بالتأثير المحتمل لقانون الاتحاد الأوروبي الجديد بشأن إزالة الغابات (EUDR)، والذي يهدف إلى منع المنتجات الاستهلاكية، بما في ذلك القهوة، أيد إيلي الهدف الرئيسي للقانون، معرباً عن قلقه من تأثيره السلبي المحتمل على صغار المزارعين، ولا سيما في البلدان التي تعتمد بشكل كبير على تصدير القهوة إلى أوروبا.

واتخذت شركة (Illycaffè) خطوات استباقية للتكيف مع هذا التشريع، بما في ذلك تطوير نظام تتبع لكل حبة قهوة لضمان الامتثال الكامل للقوانين البيئية، إلا أن الشركات التي تعتمد على الوسطاء قد تواجه صعوبة في تحقيق هذا المستوى من الشفافية، مما قد يعرضها للخطر.

وتناول التقرير كذلك تأثير القانون على مزارعين في دول مثل إثيوبيا، حيث يتم تصدير 40% من القهوة إلى أوروبا، ولا سيما أنه في حال عدم القدرة على الامتثال للقانون، فإن فقدان هذا السوق الرئيسي قد يؤدي إلى فقدان الوظائف وتهديد استقرار المجتمعات الزراعية المحلية.

دعوة لتبسيط التشريعات

ووجه إيلي دعوة للاتحاد الأوروبي بهدف تبسيط الإجراءات المتعلقة بقانون إزالة الغابات، مقترحاً آلية تسمح للمزارعين بتقديم شهادة ذاتية تثبت امتثالهم للقانون، مع تقديم دعم مالي لمساعدتهم على استعادة الأراضي المتضررة، إضافة إلى تبني نهج أكثر توازناً يجمع بين التحفيز والعقوبات، حيث يتم تقديم الدعم للشركات التي تسعى لتحسين استدامتها.

لمواجهة التحديات المناخية التي تهدد صناعة القهوة، تبرز أهمية اتخاذ إجراءات فعالة للتكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، الأمر الذي يضمن مستقبل الإنتاج وسبل عيش ملايين المزارعين، إضافة إلى أهمية تضافر التعاون الدولي في هذا المجال.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC