بعد وصول رئيس مؤيد للوقود الأحفوري إلى البيت الأبيض، تسعى صناعة النفط الأميركية إلى التخلص من بعض أكبر مشاكلها القانونية بمساعدة الرئيس دونالد ترامب.
وأثار المسؤولون التنفيذيون في قطاع النفط والغاز مخاوفهم بشأن قوانين الولايات الأخيرة التي ستفرض عليهم غرامات بسبب مساهمتهم في انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك في اجتماع في البيت الأبيض، يوم الأربعاء، مع ترامب، وفقاً لما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال».
كما ناقشوا أيضاً عشرات الدعاوى القضائية المتعلقة بالمناخ التي رفعتها حكومات الولايات والحكومات المحلية ضد شركات إكسون موبيل، وشيفرون، وشل، وغيرها.
وقال أشخاص مطلعون إن ترامب بدا متفقاً مع الصناعة على ما يبدو على أن إجراءات الولايات قد تقوض أجندته للهيمنة على الطاقة، وأشار إلى أنه سينظر في الطرق التي يمكن لإدارته من خلالها مساعدة الصناعة.
وكان الرؤساء التنفيذيون لشركات إكسون، وشيفرون، وكونوكو فيليبس، وهيس، من بين الحاضرين في الاجتماع.
ساهمت المصالح المتعلقة بالوقود الأحفوري بعشرات الملايين من الدولارات لمساعدة ترامب في انتخابه، على أمل أن يساعد الصناعة على تأمين الطلب على منتجاتها لسنوات مقبلة.
وفي حين أن شركات التكسير الهيدروكربونية كانت متوترة في الأسابيع الأولى من توليه الرئاسة، بدأ ترامب في تنفيذ مطالبهم بالتراجع عن اللوائح البيئية، وفتح المزيد من الأراضي الأميركية للتنقيب، ومساعدتهم على تصدير المزيد من الغاز الطبيعي.
الآن، تأمل الصناعة في وضع مشاكلها القانونية تحت رادار ترامب في ظل مواجهتها لتهديدات متزايدة. وتطالب الصناعة وزارة العدل بتقديم مذكرات لدعم دعاواها القضائية، أو رفع دعاوى خاصة بها ضد ولايتي فيرمونت ونيويورك، وفق تقرير «وول ستريت جورنال».
في العام الماضي، أقرت هاتان الولايتان قوانين «صندوق المناخ الفائق» التي تهدف إلى تحصيل رسوم من شركات النفط العاملة بالوقود للمساعدة على تغطية تكاليف المشاريع البيئية والبنية التحتية.
وتعتقد الصناعة أن وزارة العدل ربما يكون لديها أسباب لرفع دعاوى قضائية ضد الولايات التي ترى أنها تتعدى على نطاق الحكومة الأميركية فيما يتعلق بسياسة المناخ.
وعلى نحو منفصل، يحث جماعات الضغط في قطاع النفط والغاز أعضاء الكونغرس على النظر في منح الحماية القانونية لشركات النفط ضد الدعاوى القضائية المتعلقة بمساهماتها في تغير المناخ.
وتعلمت صناعة الوقود الأحفوري درساً من الدعاوى القضائية الضخمة التي طاولت شركات التبغ، وتريد تجنب المصير نفسه.
ويسعى المسؤولون التنفيذيون إلى بيئة عمل مستقرة، ويعتقدون أن الوقت قد حان للرد على هذه الدعاوى، وفقاً لمصادر مطلعة على جهود الضغط.
وتواجه شركات النفط والغاز طوفاناً من الإجراءات المناخية الصادرة عن حكومات الولايات والحكومات المحلية.
يُخوّل قانون «صندوق التمويل الفائق» الذي أُقرّ في نيويورك، العام الماضي، الولايةَ فرض غرامات بمليارات الدولارات على شركات الوقود الأحفوري لمساهمتها في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ويفرض القانون على شركات الوقود الأحفوري مبلغاً إجمالياً قدره 3 مليارات دولار سنوياً لمدة 25 عاماً، وتعتزم الولاية استخدامه لتمويل جهود التكيف مع تغير المناخ.
وبحسب مذكرة شاركت في كتابتها عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك ليز كروجر، وهي أحد الرعاة لمشروع القانون، فإن شركات إكسون، وشل، وبتروليوس مكسيكانوس، وبي بي، وشيفرون، وبيبودي إنرجي، قد تدين كل منها بما يزيد على 150 مليون دولار سنوياً، وفق «وول ستريت جورنال».
قدّم مشرّعون من كاليفورنيا مشروع قانونٍ لإنشاء صندوقٍ ماليٍّ فائق، الشهر الماضي، ينصّ على ضرورة مساعدة شركات النفط في دفع تعويضات الأضرار الجسيمة الناجمة عن حرائق الغابات في لوس أنجلوس.
وأقرّت ولاية فيرمونت أول قانونٍ من نوعه في الولايات المتحدة، ولكنه ألهم المشرّعين في ولاياتٍ، منها ماساتشوستس، لإنشاء صناديقٍ مماثلة.
جادل المعارضون بأن الولايات لا تملك صلاحية تنظيم الانبعاثات، وأنه لا ينبغي فرض رسوم بأثر رجعي على الشركات مقابل الانبعاثات التي كانت قانونية آنذاك، وأنه من غير العدل التركيز فقط على شركات الوقود الأحفوري دون مستهلكي الطاقة.
وطعنت أكثر من 12 ولاية، بما في ذلك ولايتا فرجينيا الغربية وتكساس، وجمعيات النفط والغاز، في قانون نيويورك أمام المحاكم، وفق «وول ستريت جورنال».
وقال جاستن بريندرغاست، المتحدث باسم معهد البترول الأميركي، وهي جماعة ضغط نفطية: «سوف نستمر في عرض هذه القضية في المحاكم، ونحن نستكشف كل الخيارات لتصحيح هذا التجاوز من قبل بعض الولايات».
ويقول علماء القانون إن الاهتمام المتزايد بتشريعات صندوق المناخ يرجع جزئياً إلى التقدم البطيء في الدعاوى القضائية التي رفعتها الولايات والمدن سعياً للحصول على تعويضات من شركات الوقود الأحفوري.
وتسعى الدعاوى القضائية، التي يعود تاريخ بعضها إلى العام 2017، إلى الحصول على تعويضات مالية بناءً على مطالبات تتراوح من الإزعاج العام والإهمال إلى خداع المستهلك والابتزاز.
واتهمت عدة ولايات، بما في ذلك ديلاوير، وماساتشوستس، ونيوجيرسي، ورود آيلاند، وعشرات الحكومات البلدية، أكبر شركات الطاقة في العالم بالتقليل من دور الصناعة في تغير المناخ.
رفضت المحكمة العليا، العام 2023، طعوناً قدمتها الشركات سعياً للحماية من المسؤولية القانونية المحتملة بموجب قوانين الولايات عن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ. سمح هذا القرار برفع عدد من القضايا بموجب قوانين الولايات التي يراها القطاع أقل ملاءمة من القوانين البيئية الفيدرالية.
ولا يستطيع ترامب فعل الكثير حيال دعاوى المناخ دون مساعدة الكونغرس. وتأمل صناعة النفط أن يُضمّن المشرعون حماية قانونية ضد دعاوى المناخ لشركات النفط في مشروع قانون مُقبل يُقرّه ترامب.
وأقرّ الكونغرس تشريعاً قبل عقدين من الزمن يمنح مصنّعي الأسلحة بعض الحماية القانونية من الدعاوى القضائية. لكن مع ضعف الأغلبية الجمهورية في الكونغرس، قد يصعب الحصول على مثل هذه الحماية القانونية لشركات النفط.
وتقول شركات النفط إن كثرة الدعاوى القضائية جعلت ممارسة الأعمال التجارية في الولايات المتحدة أكثر صعوبة. في العام الماضي، رفع المدعي العام لولاية كاليفورنيا دعوى قضائية - هي الأولى من نوعها - ضد شركة إكسون، متهماً إياها بتضليل المستهلكين بشأن قابلية إعادة تدوير المنتجات البلاستيكية وتلويث الولاية.
ورفعت شركة إكسون دعوى تشهير ضد المدعي العام لولاية كاليفورنيا روب بونتا والجماعات البيئية، قائلة إن «تصريحاتهم الكاذبة» أدت إلى فشل الأعمال التجارية المحتملة.