يشكل التحول نحو الذكاء الاصطناعي وتبني نماذج العمل الهجينة التي تجمع بين العمل عن بُعد والعودة إلى المكاتب، أبرز التحديات التي تواجه المديرين التنفيذيين، بحسب استطلاع حديث أجرته شركة «كي بي إم جي» (KPMG)، شمل ما يزيد على 1300 مدير تنفيذي عالمي.
وأظهر الاستطلاع حدوث تغييرات كبيرة في كيفية تفكير كبار القادة حول إدارة شركاتهم، خاصة في ظل الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية المستمرة.
وبحسب الاستطلاع، يفضل كثير من المديرين التنفيذيين العمل من المكاتب، إذ يتوقع 83% منهم العودة الكاملة إلى المكاتب خلال السنوات الثلاث المقبلة، هذه النسبة تمثل زيادة ملحوظة عن 64% في العام السابق، ما يعكس اعتقاد القادة بأهمية الوُجود الشخصي في تحسين الأداء وتعزيز التواصل بين فرق العمل.
ورغم تفضيل العودة إلى المكاتب، يدرك المديرون التنفيذيون أن العمل عن بُعد أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة العملية الحديثة، يتعامل هؤلاء القادة مع التحديات الناجمة عن هذا التحول من خلال تطوير مهارات القوى العاملة وتحسين الإنتاجية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفقًا للاستطلاع، فإن 76% من المديرين التنفيذيين يرون أن الذكاء الاصطناعي لن يؤدي إلى تقليص عدد الوظائف، بل سيزيد الحاجة إلى تطوير المهارات، ما يعزز أهمية الاستثمار في تدريب الموظفين وتأهيلهم لمواكبة التطورات.
التوازن بين العمل عن بُعد والعودة إلى المكاتب يمثل تحدياً معقداً للقادة، إذ يشمل التأثير في جوانب مثل تحفيز الموظفين ورفع مستوى الأداء، هذا التحدي يضع القادة أمام معضلة مستمرة بين التكيف مع التغيير والتمسك بالتقاليد المهنية التقليدية.
وفيما يتعلق بمستقبل القوى العاملة، يُظهر الاستطلاع أن 92% من المديرين التنفيذيين يتوقعون زيادة عدد الموظفين في مؤسساتهم، ولكنهم يدركون أيضًا الحاجة إلى تطوير مهاراتهم وضمان جاهزيتهم للمستقبل، وذلك بهدف جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها.
على مدى العقد الماضي، شهدت ثقة الرؤساء التنفيذيين في الاقتصاد العالمي تراجعاً نتيجة التحديات المتزايدة، ورغم أن 72% من القادة أبدوا تفاؤلهم بشأن الاقتصاد في السنوات الثلاث الأخيرة، إلا أن هذا يمثل انخفاضاً كبيراً مقارنةً بنسبة 93% التي سُجِّلَت في عام 2015 عند إطلاق الاستطلاع لأول مرة، يعترف 72% من الرؤساء التنفيذيين بأنهم يواجهون ضغوطاً متزايدة لضمان ازدهار شركاتهم على المدى الطويل.
أما بالنسبة للتكنولوجيا، فقد عدَّ الرؤساء التنفيذيون الابتكار التكنولوجي القوة الأكثر تأثيراً على مدى السنوات العشر الماضية، منذ انطلاق تقرير "KPMG" الأول قبل عقد من الزمن، شهد الذكاء الاصطناعي تطوراً كبيراً، إذ أشارت 64% من الرؤساء التنفيذيين في استطلاع عام 2024 إلى أنهم سيستثمرون في الذكاء الاصطناعي بصرف النظر عن الظروف الاقتصادية، يدرك القادة الإمكانات الهائلة لهذه التقنية في تحسين جوانب الحياة اليومية وتحويل عمليات العمل.
رغم القلق حول إمكانية تقليص الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، يتوقع 76% من الرؤساء التنفيذيين أن الذكاء الاصطناعي لن يقلل من عدد الوظائف في مؤسساتهم خلال السنوات الثلاث المقبلة، ومع ذلك يشددون على ضرورة تأهيل الموظفين للاستفادة من هذه التقنية بشكل كامل، إذ أبدى 38% فقط من الرؤساء التنفيذيين ثقة بأن موظفيهم يمتلكون المهارات المطلوبة، ومن جانب آخر، أشار 58% منهم إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي دفعهم إلى إعادة التفكير في المهارات المطلوبة للأدوار المبتدئة.
ويرى القادة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن الكفاءة والإنتاجية بنسبة 16%، ويعزز مهارات القوى العاملة بنسبة 14%، ويزيد الابتكار التنظيمي بنسبة 13%، ومع ذلك يقر 63% منهم بأن تحقيق العائد على هذا الاستثمار قد يستغرق من ثلاث إلى خمس سنوات.
أخيراً، يظل التنفيذ الأخلاقي للذكاء الاصطناعي مصدر قلق كبير للقادة، إذ أشار 61% منهم إلى أن التحديات الأخلاقية تعدُّ من أصعب القضايا التي يواجهونها عند تطبيق هذه التقنية.