مع تصاعد التوترات التجارية والسياسية مع الولايات المتحدة، يسعى بعض الفرنسيين إلى الابتعاد عن العلامات التجارية الأميركية. لكن، كما تلاحظ صحيفة «ذا غارديان»، فإن المبادئ قد تتلاشى أمام شطيرة برغر أو زوج من أحذية «نايكي».
بفعل التوترات العابرة للأطلسي التي أجّجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدأ بعض المستهلكين الفرنسيين بالابتعاد عن العلامات التجارية الأميركية، مستهدفين شركات عملاقة مثل «ماكدونالدز»، «كوكاكولا»، «تسلا»، «ستاربكس» و«كنتاكي»، إلى جانب «أبل» و«نايكي» و«إير بي إن بي».
ووفقاً لـ«ذا غارديان»، التي استشهدت باستطلاع نشرته صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، فإن ستة من كل عشرة فرنسيين يؤيدون هذا التوجه، في حين أن واحداً من كل ثلاثة بدأ بالفعل في تطبيقه.
هاشتاغ #BoycottUSA (مقاطعة الولايات المتحدة) انتشر على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي؛ ما اعتبره الباحثون «انهيارا تاريخيا» لصورة الولايات المتحدة في فرنسا، ثالث أكبر شريك تجاري لها في أوروبا.
يبدو أن هذه المبادرة تحظى بمتابعة خاصة من الفئات الميسورة والمتعلمة. ويقول فرانسوا كروس، من معهد «إيفوب»، لـ«ذا غارديان»: «من يغيّرون عاداتهم يلتزمون بها». لكن الفجوة بين النوايا والتصرفات لا تزال قائمة؛ إذ تظل المتاجر والمطاعم الأميركية مزدحمة على طول جادات باريس.
توضح الطالبة جايد، البالغة من العمر 15 عاما، في أثناء دخولها أحد فروع «ماكدونالدز»: «هذا شيء يمكن للأثرياء تحمله، أما نحن، كطلاب، فلا نستطيع ذلك».
تعود جذور الاستياء الفرنسي إلى الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب وتهديداته بزيادة الضرائب على واردات المشروبات الروحية الأوروبية. كما أن موقفه العدائي تجاه الاتحاد الأوروبي وسياسته تجاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي زادا من حالة عدم الثقة تجاه الولايات المتحدة.
كل ذلك أدى إلى تراجع جاذبية الولايات المتحدة. ففي عام 2010، كان نحو نصف الفرنسيين يحلمون بالدراسة هناك، أما اليوم، فلم يعد هذا الحلم يراود سوى 22% منهم.
بالنسبة لإدوارد روسيز، المزارع ومؤسس مجموعة «قاطعوا أميركا، اشتروا المنتجات الفرنسية والأوروبية» على «فيسبوك»، فإن الهدف ليس الإضرار بالاقتصاد الأميركي، بل تشجيع الفرنسيين على دعم المنتجات المتماشية مع قيمهم. ويقول: «نتذكر كيف استبدل الأميركيون الـ«فرنش فرايز » بـ«فريدوم فرايز» خلال حرب العراق. اليوم، نقلب الرموز ضدهم».
لكن هذا النهج لا يقنع الجميع، إذ تقول دلفين، 35 عاما، وهي ممرضة مساعدة: «نحتاج إلى بدائل واضحة وخالية من العيوب».
رغم تصاعد مشاعر العداء لأميركا، لا تزال العلامات التجارية الأميركية متغلغلة في الحياة اليومية للفرنسيين. وكما تلاحظ «ذا غارديان»: «في جادات باريس الكبرى، يبدو أن العديد من المستهلكين الفرنسيين لا يزالون يرغبون في الاستمتاع بوجبات (بيغ ماك) المصنوعة من لحم البقر الفرنسي وقطع (ناغتس) الدجاج المصنوعة من الدواجن الفرنسية».