المؤسسات المالية قدمت قروضا جديدة بقيمة 2.4 تريليون دولار
التمويل غير الحكومي ظل ضعيفاً ليفقد زخمه للشهر الثالث
أظهرت أحدث بيانات صدرت عن بنك الصين، اليوم الثلاثاء، أن خطة التحفيز الأضخم التي أطلقتها بكين منذ الجائحة لم تنجح في إنعاش الطلب المحلي كما تستهدف السلطات، ولم تمنح الشركات أو المواطنين الثقة المطلوبة للتوسع في الاقتراض.
سجلت القروض الجديدة التي قدمتها البنوك الصينية أول انخفاض لها منذ عام 2011 العام الماضي، وهو ما يؤكد ضعف الطلب على التمويل في الاقتصاد الذي يعاني الانكماش المستمر وتراجع سوق الإسكان.
وأظهرت بيانات أصدرها بنك الشعب الصيني، اليوم الثلاثاء، أن المؤسسات المالية قدمت قروضاً جديدة بقيمة 18.09 تريليون يوان (2.47 تريليون دولار) في عام 2024.
تأتي البيانات الحالية، بما يتجاوز متوسط توقعات الخبراء، وجاء إجمالي قروض هذا العام، أقل من حجم العام السابق البالغ 22.75 تريليون يوان، وهو ما يمثل أول انخفاض سنوي في 13 عاماً.
أطلقت الصين في سبتمبر الماضي أضخم خطة تحفيز منذ جائحة كورونا لإنعاش الاقتصاد، وشملت حتى الآن خفضاً لأسعار الفائدة والاحتياطي الإلزامي وإصدار سندات وتسهيلات بأكثر من 1.4 تريليون دولار.
في حين أظهرت أرقام بنك الشعب الصيني أن التمويل الإجمالي، وهو مقياس واسع للائتمان، ارتفع بمقدار 32.26 تريليون يوان، وهو أقل من 35.59 تريليون يوان المسجلة في عام 2023، ومقابل متوسط توقعات 31.56 تريليون يوان.
أدى انخفاض الطلب على الاقتراض من قطاعي الأسر والشركات إلى انخفاض أرقام الائتمان في عام 2024.
في حين تحسن الزخم الاقتصادي في الصين في الأشهر الأخيرة على خلفية حزمة التحفيز التي أطلقتها بكين، فإن آفاق نموها هذا العام لا تزال بعيدة البعد كله عن التفاؤل، حيث يعرقلها الانكماش المستمر، خاصة مع اقتراب الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
في إشارة إلى استمرار ضعف الثقة بسوق العقارات، بلغت القروض الجديدة المتوسطة إلى طويلة الأجل للأسر، وهي مقياس رئيسي لنشاط الإقراض العقاري 2.25 تريليون يوان فقط في عام 2024، وهو أدنى مستوى منذ عام 2014.
بينما بلغت القروض الجديدة قصيرة الأجل للمقيمين، والتي تستخدم عادة لأغراض مثل التسوق والاستثمار في الشركات الصغيرة، 473 مليار يوان، وهو ما يزيد قليلاً عن ربع إجمالي العام السابق وأسوأ قراءة منذ عام 2008.
بلغت القروض الجديدة متوسطة إلى طويلة الأجل للشركات 10.1 تريليون يوان العام الماضي، مقارنة بـ 13.6 تريليون يوان في عام 2023، وهذا هو أول تباطؤ في الوتيرة السنوية لإصدار الائتمان الجديد منذ عام 2018، ما يعكس إحجام الشركات عن الاستثمار.
أظهرت البيانات الائتمانية الصينية التي جاءت أفضل من المتوقع في ديسمبر، حقيقة مفادها أن التمويل غير الحكومي ظل ضعيفاً، كما تشير إلى أن التعافي بدأ يفقد زخمه في الشهر الثالث بعد أن أصبح موقف السياسة أكثر دعماً، ومن الواضح أن الاقتصاد يحتاج إلى المزيد من المساعدة.
من الراجح أن يحتاج صناع السياسات إلى طرح مزيد من حزم التحفيز لمساعدة الطلب المحلي على التعافي وامتصاص أي ضربة قد تلحق بنمو الصادرات نتيجة للزيادات المتوقعة في الرسوم الجمركية الأميركية.
كثفت الحكومة إصدار السندات لتعويض الركود، الأمر الذي من شأنه أن يوفر دفعة قوية للائتمان الإجمالي في الأشهر المقبلة، بينما وعد المسؤولون أيضاً بخفض أسعار الفائدة وإطلاق العنان للسيولة الطويلة الأجل بين البنوك لتشجيع الإقراض.
يتعين على بنك الشعب الصيني أن يوازن بين أهدافه المتنافسة المتمثلة في دعم النمو ومنع انخفاض قيمة اليوان بسرعة كبيرة.
امتنع بنك الشعب حتى الآن عن تخفيف السياسة النقدية بخطوات مثل خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك، لأن هذا من شأنه أن يفرض المزيد من الضغوط على اليوان، ويغذي تدفقات رأس المال إلى الخارج.
من الراجح أيضاً أن يحتفظ صناع القرار ببعض التحفيز كاحتياطي في حالة الحاجة إليه لاحتواء الصدمات التجارية بعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة هذا الشهر.