انضم أمس الخميس، أحد أكبر اللاعبين العالميين في مجال إدارة الأصول وهي شركة «بي جي آي إم» (PGIM) التي تدير استثمارات بقيمة 1.33 تريليون دولار، إلى مجموعة متنامية من الصناديق والشركات المالية العالمية، بدأت بإرساء موطئ قدم لها في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
قبل 9 أشهر فقط من منصة «أسبوع أبوظبي المالي»، وفي ظهور نادر له، تنبأ الملياردير آلان هوارد، المؤسس المشارك لشركة «بريفان هوارد» (Brevan Howard) لإدارة الأصول، بتحوّل أبوظبي إلى مركز مالي عالمي، واصفاً إياها بـ«أفضل منطقة للتداول بالنسبة لمديري الأصول».
«يمكنك تتبع بنك اليابان في بداية اليوم، وفي نهايته يمكنك تتبع بنك الاحتياطي الفيدرالي.. هذه ميزة لا تصدق تحظى بها أبوظبي؛ لهذا السبب نحتاج أيضاً إلى مكتب تنفيذي لنا هنا». هذا ما أعرب عنه هوارد في المقابلة التي جمعته حينها بوزير الخزانة البريطاني الأسبق جورج أوزبورن على هامش «أسبوع أبوظبي المالي 2023».
لمّح هوارد أيضاً إلى أنه وبمجرد أن يتزايد عدد صناديق التحوط الكبرى التي تجتذبها العاصمة الإماراتية، ستضطر البنوك إلى إرسال أفضل موظفيها إلى الإمارة، ما سيشكل فرصة عظيمة لكي تتحول إلى مركز مالي هام.
استند في تقديراته تلك إلى «قوة الأنظمة وسيادة القانون والضرائب المواتية»، التي تشكل عناصر إغراء للشركات المالية للانتقال إلى أبوظبي.
بالفعل، أصبح لـ«بريفان هوارد»، أحد أكبر صناديق التحوط في العالم بأصول تزيد عن 35 مليار دولار، فرع في أبوظبي، لينضم إلى سلسلة من نظرائه الذين يتوسعون تباعاً في منطقة باتت تتحول وبوتيرة سريعة إلى مركز رئيس للصناديق الاستثمارية.
أتى ذلك في أعقاب جهود العاصمة الإماراتية، التي تشرف صناديق الثروة السيادية الخاصة بها على نحو 1.5 تريليون دولار، لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والشركات المالية الدولية، في ظل خطط طموحة للتنويع الاقتصادي.
قبل «بي جي آي إم» و«بريفان هوارد»، نجح عدد من صناديق التحوط ومكاتب الشركات العائلية في تأسيس حضور لهم في العاصمة الإماراتية. وقد كشف «سوق أبوظبي العالمي» الشهر الماضي، أن 112 من مديري الأصول والصناديق العالمية لهم تواجد بالإمارة حالياً، وأن شركات كبرى على غرار «جي كيو جي بارتنرز» (GQG Partners) التابعة لراجيف جين، والتي تبلغ قيمة أصولها المدارة أكثر من 100 مليار دولار، و«مورغان ستانلي» أحد أكبر بنوك العالم، حصلت على تراخيص للعمل في المركز المالي لأبوظبي.
كما يظهر سجل «سوق أبوظبي العالمي» أن «بلاك روك» (BlackRock) التي تعد أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، بأصول تحت الإدارة تبلغ قيمتها 10 تريليونات دولار، قد سجلت صندوقين للبنية التحتية في سوق أبوظبي العام الماضي.
المليارديرات أيضاً بدأوا بتأسيس وجود لهم في أبوظبي، إذ افتتح راي داليو، مؤسس صندوق التحوط «بريدجووتر أسوشيتس» (Bridgewater Associates) مكتباً عائلياً في العاصمة الإماراتية، بينما أعلن هذا الأسبوع ليون بلاك، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «أبولو» (Apollo Global Management) وهي شركة عالمية في مجال إدارة الأصول البديلة، وتدير حالياً ما يقارب 700 مليار دولار، عن فرع جديد في أبوظبي لمكتبه العائلي «إليسيوم» (Elysium).
قال رئيس شركة «بي جي آي إم» الجديد في الشرق الأوسط محمد عبد الملك، في بيان، إن فتح مكتب في أبوظبي «يعكس التزامنا الدائم بتعزيز حضورنا في الإمارات والمنطقة»، واصفاً الإمارة بأنها سوق استراتيجية لشركة «بي جي آي إم».
من جهته، قال ديفيد هانت الرئيس التنفيذي لـ«بي جي آي إم»: «تبحث صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط إلى جانب العملاء المؤسسيين الآخرين والمكاتب العائلية المتطورة عن شركاء يمكنهم دعمهم وهم يسعون جاهدين لتعميق أسواق رأس المال المحلية».
وأضاف: «من المهم أن نكون قريبين من شركائنا للعمل معهم بشكل أكثر فعالية، وهم يحققون هذه الأهداف».
لسنوات، قدّم مديرو الأموال العالميون خدماتهم للعملاء في منطقة الخليج من مكاتب في أوروبا أو أميركا الشمالية، أو من دبي التي تعدّ مركزاً مالياً إقليمياً. الآن بدأت أبوظبي تسرق المزيد من الأضواء، حتى إنها صنّفت عام 2023 كأسرع مركز مالي نمواً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعام الثاني على التوالي.
يعزز مسار النمو المطرد لـ«سوق أبوظبي العالمي» نسبة مساهمة القطاع المالي في الاقتصاد غير النفطي للإمارة والتي ارتفعت إلى 9.7% خلال الربع الأول من العام الجاري، وفق بيانات المركز المالي.
ويواصل قطاع إدارة الأصول في «أبوظبي العالمي» تحقيق قفزات، حيث سجل زيادة ملحوظة في حجم الأصول تحت الإدارة وعدد شركات إدارة الأصول والمؤسسات العالمية والصناديق الاستثمارية التي أسست مقراتها فيه.
خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، نمت الأصول تحت الإدارة بنسبة 226% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبحلول نهاية يونيو بلغ عدد مديري الأصول والصناديق في «أبوظبي العالمي» 112 يديرون حالياً 141 صندوقاً، بحسب بيانات النصف الأول من عام 2024.
وقد شكّلت الزيادة الكبيرة في عدد الشركات العاملة في المركز المالي لأبوظبي، أحد أبرز عناصر نموه التصاعدي خلال النصف الأول من العام، حيث ارتفع هذا العدد إلى 2088 شركة بنهاية يونيو، من ضمنها 231 شركة للخدمات المالية، ما يشكل زيادة بنسبة %31 مقارنة بالنصف الأول من عام 2023.
كذلك قام «أبوظبي العالمي» خلال الأشهر الستة الأولى من العام، بمنح 42 تصريحاً لتقديم الخدمات المالية، ما يعادل زيادة بنسبة %90 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، حين بلغ هذا العدد 22 تصريحاً.
كان «أبوظبي العالمي» أصدر خلال النصف الأول من عام 2024 ما مجموعه 1271 ترخيصاً جديداً، بزيادة نسبتها %20.5 مقارنة مع عدد التراخيص خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وتضم قائمة الشركات العاملة في قطاع إدارة الأصول التي حصلت أخيراً على ترخيص تقديم خدمات مالية، عدداً من أبرز المؤسسات المالية العالمية من بينها «أكسا آي إم» (AXA IM)، و«إيفيل إنفستمنت» (Eiffel Investment ME)، و«إس إس أند سي للخدمات المالية» (SS&C Financial Services)، إلى جانب كل من «جي كيو جي بارتنرز» (GQG Partners)، و«مورغان ستانلي».
كما حصلت مجموعة أخرى من شركات إدارة الأصول على موافقة مبدئية للعمل في «أبوظبي العالمي»، من بينها كل من «آسبين ديجيتال» (Aspen Digital)، و«بلانتير كابيتال» (Blantyre Capital)، و«بلو أوول» (Blue Owl). فيما يعتزم المزيد من الشركات العاملة في قطاع إدارة الأصول، من ضمنها صناديق التحوط والأسهم الخاصة وصناديق الاستثمار المؤسسية وشركات رأس المال الاستثماري، تأسيس حضور في «أبوظبي العالمي» قريباً.