رجّح تقرير صادر عن بنك «قطر الوطني» أن يبقى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اليابان دون تغيير هذا العام، وسط توقعات صعبة تتمثل في ركود الاستهلاك، وضعف الطلب الخارجي، وانخفاض الاستثمار.
وأوضح البنك، في تقريره الأسبوعي، أن التحول الكبير في توقعات نمو الاقتصاد الياباني يرجع إلى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها تمثل في أن ركود الاستهلاك الذي لا يزال يشكل عائقاً كبيراً أمام النمو الاقتصادي، حيث يمثل الاستهلاك ما يقارب 60% من الاقتصاد الياباني، ولذا، فهو عامل رئيسي في تحديد أدائه.
وذكر التقرير أنه على الرغم من التعافي القوي بعد جائحة كوفيد، فإن الاستهلاك شهد انخفاضاً متواصلاً على أساس سنوي منذ ديسمبر من العام الماضي. علاوة على ذلك، ظل متوسط الاستهلاك في العام الحالي أقل بـ4.5% من المتوسط السائد قبل الجائحة خلال الفترة 2018-2019، وأقل بـ0.4% من المستوى المسجل في عام 2023.
ولفت التقرير إلى أن السبب الرئيسي وراء ضعف نمو الاستهلاك يكمن في ارتفاع معدلات التضخم الذي أدى إلى تآكل القوة الشرائية للرواتب، ما أثر في نفقات الأسر. في يوليو، وقد نمت ايرادات العمال المعدلة حسب التضخم بـ0.4% على أساس سنوي، لكن هذا لا يمثل غير انفراج بسيط بعد فترة طويلة من معدلات النمو السلبية، وأرباح حقيقية لا تزال أقل بنسبة 2% من الذروة في عام 2022.
وأشار التقرير أيضا إلى مشكلة شيخوخة السكان، التي تفاقم العوامل السلبية، والتي تؤثر في الاستهلاك، اذ يعتبر المستهلكون اليابانيون الأكبر سناً أكثر تحفظاً في إنفاقهم مقارنة بالأجيال الأصغر سناً، ويميلون إلى إعطاء الأولوية للإدخار، نظراً إلى اعتمادهم على دخل التقاعد، ولكون الجزء الأكبر من نفقاتهم يذهب إلى الضروريات مثل الرعاية الصحية. ونظراً إلى أهمية الاستهلاك، فإن هذه الاتجاهات السلبية تؤثر في أداء الاقتصاد الياباني.
العامل الثاني: يعود إلى تراجع الطلب الخارجي وضعف دعمه لنمو الاقتصاد الياباني الذي يعد مندمجاً إلى حد كبير مع الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل استمرار السياسات الحمائية والحواجز التجارية في التراكم بشكل مطرد على نطاق عالمي وسط تزايد التوترات الجيوسياسية. بالإضافة إلى ذلك، ومع نهاية جائحة كوفيد، بدأت أنماط الاستهلاك عملية تطبيع نحو الخدمات والابتعاد عن السلع، ما أدى إلى ركود مستمر في قطاع التصنيع العالمي.
العامل الثالث: انخفاض معدلات الاستثمار الذي يعيق الناتج المحلي الإجمالي لليابان، حيث تظل الشركات حذرة في الالتزام بالإنفاق الرأسمالي، في ظل عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي العالمي، وضعف الطلب المحلي. بالإضافة إلى تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي، فإن شيخوخة السكان ونقص العمالة في اليابان يحدان بشكل أكبر من إمكانية تحقيق عوائد مرتفعة على الاستثمار، ما يضعف التوسع الاقتصادي الإجمالي.
وانخفضت مستويات الاستثمار بـ0.4% في الربع الأول من عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ونظراً لكون الاستثمار يمثل 25% من الاقتصاد الياباني، فإن الإنفاق الرأسمالي المخيب للآمال يقيد وتيرة النمو الاقتصادي.