تواجه صناعة الدواء في مصر تحديات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وعلى رأسها إهمال البحث العلمي والتطوير، إذ انصب تركيز الشركات على إنتاج الأدوية «الجنريك»، وهي الأدوية التي تتطابق في التكافؤ الحيوي مع أدوية أصلية تحمل علامات تجارية معروفة، دون الاهتمام بابتكار أو تطوير مركبات دوائية جديدة يمكن أن تسهم في تعزيز مكانة الصناعة المصرية عالمياً، بحسب رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية وعضو مجلس الشيوخ المصري محيي حافظ.
وأوضح حافظ في تصريحات خاصة لـ«إرم بزنس» أن تكلفة الأبحاث والتطوير في قطاع الدواء مرتفعة للغاية، وهو ما يدفع العديد من الشركات إلى العزوف عن الاستثمار في هذا المجال، خصوصاً في ظل انخفاض أسعار الدواء في مصر مقارنة بالأسعار العالمية.
وكانت السوق المصرية شهدت نقصاً في عدد كبير من أصناف الأدوية خلال الأشهر القليلة الماضية، ولكنها تمكنت من تجاوز الأزمة وتوفير العديد من الأصناف، وسط تأكيد حكومي بالعمل مع شركات الأدوية على زيادة مخزونها الإستراتيجي من المواد الخام ومستلزمات التصنيع لأكثر من 6 أشهر.
وأشار إلى أن هذا الانخفاض الكبير في سعر الدواء بمصر، نتيجة ما يعرف بالتسعير الإلزامي في مصر، ليس فقط عائقاً أمام تطوير القطاع محلياً، بل انعكس بشكل مباشر على قدرة مصر في تصدير منتجاتها الدوائية إلى الأسواق الخارجية، ما أثر سلباً على التنافسية العالمية للأدوية المصرية.
ولفت إلى أن هناك حلولاً مبتكرة يمكن تطبيقها لحل أزمة تصدير الدواء، أبرزها التغلب على مشكلة «سعر بلد المنشأ» الذي يفرض قيوداً على تصدير الأدوية المصرية.
وشرح ذلك بمثال عملي، موضحاً أنه يمكن للشركات المصرية إنتاج إصدارات مخصصة للتصدير من أدوية معينة، مثل «الباراسيتامول»، إذ يمكن طرح منتج تحت اسم «باراسيتامول - بي» بأسعار تتناسب مع الدولة المستهدفة للتصدير.
أضاف: «لتجاوز معضلة التسعير الإلزامي في مصر، يمكن طرح كميات محدودة من هذا الدواء المخصص للتصدير في السوق المحلية لتأكيد تداوله، مع الحفاظ على تسعيره العالمي خارج البلاد، ما يعزز من قدرة الشركات المصرية على المنافسة في الأسواق الخارجية دون الإضرار بالمستهلك المحلي».
وتابع رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية، أن القرار الذي اتخذته هيئة الدواء المصرية بالسماح للمصانع المصرية بتصنيع الأدوية لصالح أطراف خارجية وتصديرها إلى الأسواق الدولية من المتوقع أن يحدث طفرة إيجابية في قطاع التصدير الدوائي.
واعتبر أن هذا القرار سيكون له دور كبير في دعم الشركات المصرية وفتح أسواق جديدة أمام الأدوية المصنعة محلياً، ما يساهم في زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ويعزز مكانة القطاع على المستوى الإقليمي والدولي.
من ناحية أخرى، أشار إلى أن شركات الدواء في مصر تواجه حالياً تحدياً كبيراً يتمثل في الارتفاع المتزايد في تكاليف الإنتاج، نتيجة تحرير سعر صرف الدولار وارتفاع قيمته، ما أدى إلى زيادة تكاليف استيراد المواد الخام.
ولفت إلى أن نحو 99% من مدخلات الإنتاج الدوائي في مصر يتم استيرادها من الخارج، ما يضع ضغوطاً كبيرة على الشركات المحلية.
وأكد أن التعافي الكامل للقطاع سيحتاج إلى بعض الوقت حتى يتم توفير الأدوية بشكل كافٍ وتكوين مخزون إستراتيجي يلبي احتياجات السوق المصرية ويعيد التوازن للصناعة.
وشدد على ضرورة تعاون الأطراف المعنية كافة، سواء من القطاع الحكومي أم القطاع الخاص، من أجل وضع إستراتيجيات شاملة تدعم الأبحاث والتطوير، وتساهم في تحسين بيئة الإنتاج والتصدير، ما يساهم في تحقيق طفرة حقيقية في صناعة الدواء بمصر وتحقيق الاكتفاء الذاتي إلى جانب فتح آفاق أوسع للتصدير للأسواق العالمية.