logo
اقتصاد

أزمة متصاعدة.. كيف يمكن مكافحة تهريب الوقود في ليبيا؟

أزمة متصاعدة.. كيف يمكن مكافحة تهريب الوقود في ليبيا؟
وزير النفط والغاز الليبي بالوكالة خليفة عبدالصادق والأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص خلال قمة الطاقة والاقتصاد في طرابلس، ليبيا، في 18 يناير 2025المصدر: رويترز
تاريخ النشر:22 يناير 2025, 11:56 ص

كشفت بيانات حكومية أن تهريب الوقود في ليبيا يتسبب بخسائر هائلة تصل إلى 3 مليارات دولار سنوياً، ما يجعله تجارة مربحة للسوق السوداء.

وتشكل هذه التجارة غير الشرعية، تهديدًا مستمرًا للاقتصاد الليبي، ما دفع صندوق النقد الدولي ومجلس الأمن للتدخل بفرض معايير جديدة لمعاقبة المهربين.

وفي خضم هذه التحديات، شهد قطاع النفط الليبي تطورات إيجابية، حيث أعلنت مؤسسة النفط زيادة الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل يومياً مع تطلعها للوصول إلى مليوني برميل يومياً بحلول نهاية 2025.

كما تستعد ليبيا لوقف نظام "مبادلة المحروقات" اعتباراً من مارس المقبل، في خطوة لهيكلة القطاع وتحقيق الاستقرار.

خبراء الاقتصاد، يؤكدون أهمية مواجهة هذا الكابوس بسياسات تكافح التهريب وتدعم المسؤولية الاجتماعية، وسط آمال بأن تسهم الإصلاحات في إعادة التوازن لاقتصاد البلاد.

 وفي هذا السياق، قال مدير عام مصلحة الضرائب الأسبق في ليبيا، محمود الشاوش، في حديث إلى «إرم بزنس» إن تهريب المحروقات إلى الدول الأخرى المجاورة، هو أحد أهم الأسباب التي تهدد الاقتصاد الليبي.

وأشار الشاوش، إلى أن تراجع أسعار المحروقات في ليبيا مقارنة بدول أخرى، يغري المهربين بالمخاطرة في التهريب، مشدداً على أهمية اتباع مجموعة سياسات تهتم بالمسؤولية الاجتماعية لتحقيق أهداف الدولة. 

أخبار ذات صلة

ليبيا: إجمالي حجز الأفراد للعملة الأجنبية يصل إلى 324 مليون دولار

ليبيا: إجمالي حجز الأفراد للعملة الأجنبية يصل إلى 324 مليون دولار

وقف التهريب

اعتبر الشاوش أن تقوية الدينار الليبي هو الحل لتقليل عمليات تهريب الوقود، الأمر الذي يمكن معه رفع الدعم.

واستبعد حدوث انتعاشة في الاقتصاد الليبي في عام 2025، في ظل انقسام سياسي ووجود حكومتين إحداها في الشرق والأخرى في الغرب.

وشدد على أهمية تنويع مصادر الدخل القومي بدلاً من الاعتماد على النفط فقط كمصدر أساسي، مشيراً إلى أهمية استغلال الموقع الجغرافي في مجال السياحة العالمية، وإقامة مشروعات للصيد والصناعات البحرية، واستغلال الطاقة الشمسية، وتصديرها.

وطالب الشاوش المنظمات الدولية بمساهمة فعالة في حلول بديلة للمشكلات الاقتصادية في ليبيا، وعلى رأسها قطاع النفط، بعد أولوية المساعدة في قيام دولة القانون في ليبيا.

مليونا برميل يومياً

وأكدت المؤسسة الوطنية للنفط، خلال "قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد بطرابلس" التي انتهت أمس الأول الأحد، وصول إنتاج النفط الخام إلى مليون و413 ألف برميل الأسبوع الماضي.

وتعتزم المؤسسة الوطنية للنفط زيادة إنتاج النفط الخام والمكثفات إلى مليوني برميل يومياً بحلول نهاية العام 2025.

وبلغت معدلات إنتاج ليبيا من النفط الخام اليوم 1.4 برميل يومياً، ومن المكثفات 51.7 ألف برميل يومياً، فيما سجلت مؤشرات إنتاج الغاز الطبيعي 210.5 ألف برميل، وفق بيان للمؤسسة التي أكدت أن إجمالي الإنتاج وصل إلى 1.6 برميل يومياً.

وشاركت في النسخة الثالثة من "قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد"، العديد من شركات الطاقة الأجنبية والمستثمرين وصنَّاع القرار، بهدف تأمين الاستثمارات وتعزيز نمو قطاع الطاقة والبنية التحتية في ليبيا.  

وقف مبادلة المحروقات

وفي الإطار ذاته، أكدت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، أنها ستتوقف عن العمل بنظام المبادلة لتوريد المحروقات بداية من شهر مارس المقبل 2025، وذلك بناء على مطالبة من ديوان المحاسبة، بشرط ضرورة توفير الميزانيات المطلوبة من جانب مصرف ليبيا المركزي.

وأكدت مؤسسة النفط أن قيمة التقديرات الشهرية لاحتياجات البلاد من المحروقات تصل إلى 750 مليون دولار.

وفي تقريره السنوي الأخير لعام 2023 ذكر ديوان المحاسبة، أن إجمالي قيمة تزويد السوق المحلية من المحروقات لمختلف الأغراض خلال سنة 2023 تجاوزت 16 مليار دولار.

وتتوزع هذه الميزانية على قيمة المبادلة بأكثر من 8 مليارات دولار، والتكرير بالمصافي المحلية بأكثر من 3 مليارات دولار، وتزويد كبار المستهلكين بأكثر من 4 مليارات دولار.

أخبار ذات صلة

مصرف ليبيا المركزي يؤكد أن منصة حجز العملة الأجنبية تعمل بكفاءة تامة

مصرف ليبيا المركزي يؤكد أن منصة حجز العملة الأجنبية تعمل بكفاءة تامة

عقوبات دولية

وأقر مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، «معياراً جديداً» للإدراج في قائمة العقوبات بشأن مهربي الوقود من ليبيا، بموافقة 14 عضواً وامتناع روسيا عن التصويت.

وتضمن معيار مجلس الأمن، السماح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإعادة استثمار أصولها المالية في الخارج مع بقائها مجمدة.

وقرر المجلس أن تدابير العقوبات تنطبق على الأفراد والكيانات الذين يدعمون الجماعات المسلحة أو الإجرامية من خلال الاستغلال غير المشروع للنفط الخام أو المكرر في ليبيا.

كما يمدد مشروع القرار التصاريح والتدابير المتعلقة بالتصدير غير المشروع للبترول حتى أول شهر مايو 2026.

استهداف مراكز التهريب

لجأت السلطات الليبية إلى إجراءات عسكرية لمكافحة تهريب الوقود، إذ أعلنت المنطقة العسكرية الساحل الغربي، في شهر يناير الجاري، تنفيذ ضربة جوية دقيقة استهدفت موقعاً لتهريب الوقود في مدينة الزاوية، مؤكدة أنها تقوم بعمليات قصف شبه يومية.

كما أعلنت الأجهزة الأمنية المختصة في ليبيا، إحباط محاولة تهريب كميات كبيرة من الوقود، ومن خلال شبكة تستخدم شاحنات كبيرة، لتهريب وقود الديزل من المنطقة الغربية إلى المنطقتين الشرقية والجنوبية.

منظومة إلكترونية 

ولجأت ليبيا إلى استخدام أساليب متطورة في مشروع مراقبة تهريب الوقود بما يسمى «منظومة المكافحة الإلكترونية».

وتقوم المنظومة بحسب محمد عامر، وهو صاحب فكرة إنشاء المنظومة الإلكترونية، على إنشاء صمامات إلكترونية وعداد إلكتروني يظهر عدد اللترات، بالإضافة إلى تثبيت كاميرات مراقبة على الشاحنة، وخزان إلكتروني ومؤشر يقيس كمية الوقود داخل الخزان، ومزود إلكتروني لتعبئة السيارة بالوقود.

وقال عامر، إن تكلفة المشروع بأنحاء ليبيا تساوي أسبوعاً واحداً فقط من تكلفة التهريب، لافتاً إلى أن فاتورة تهريب الوقود سنوياً تبلغ 3 مليار دولار.

كما تشمل المنظومة مراقبة الربح والخسارة ومراقبة الوقت الحقيقي لنقل الوقود، وتحسين التوزيع بالاعتماد على التحليل الذكي ومراقبة الإنتاج والحصول على بيانات الإنتاج والتحكم.

الأرخص عالمياً

سجلت ليبيا رقماً استثنائياً بتصنفيها ثاني أرخص دولة في سعر البنزين محلياً، إذ يباع اللتر الواحد بنحو 0.031 دولار في المتوسط، أي ما يعادل 3 سنتات أميركية.

ويرجع ذلك إلى تدني الضرائب المفروضة على المنتجات النفطية، بحسب تقرير لمنصة "غلوبال بترول برايس"، المهتمة بتعقب أسعار بيع البنزين بالتجزئة في جميع دول العالم.

وأظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي المعلنة في 14 يناير الجاري، انخفاض الإيرادات النفطية والرسوم المفروضة بنسبة 36%، مسجلة 18 ملياراً و604 ملايين دولار خلال العام 2024 مقارنة بـ25 ملياراً و353 مليوناً و7 آلاف دولار خلال العام 2023، بانخفاض قدره 6 مليارات و749 مليوناً و7 آلاف دولار.

ويستنزف تهريب الوقود سنويًا 5 مليارات دولار من خزينة الدولة، وفق البنك الدولي، في حين أظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي أن كلفة دعم الوقود من شهر يناير 2023 إلى نوفمبر من الماضي، بلغت قرابة 13 مليار دينار.

وتعد هشاشة البنية التحتية، أحد أسباب تراجع سعر النفط الليبي، إذ لا يمكن تكرير كمية محدودة للغاية منه.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC