الكويت، وهي دولة خليجية صغيرة المساحة، لكنها غنية بالنفط، توفر لمواطنيها مستوى معيشياً مرتفعاً، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد حوالي 34,000 دولار سنوياً وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي لعام 2023. هذا الرخاء يعتمد بشكل رئيس على إيرادات النفط والدعم الحكومي السخي.
تشير تقديرات موثوقة إلى أن الدعم والتحويلات الاجتماعية تشكل نسبة كبيرة من الإنفاق الحكومي، ربما تتراوح بين 50-60% من الميزانية بناءً على اتجاهات السنوات الأخيرة. لكن هذا الاعتماد المكثف على الدعم يحد من الاستثمار في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا والصناعة، مما يجعل الاقتصاد الكويتي عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية.
يشمل الدعم الحكومي في الكويت رواتب القطاع العام، المساعدات الاجتماعية، وتكاليف الطاقة والمياه المدعومة. يعتبر الإنفاق على تعويضات الموظفين من الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي، مما يضمن مستوى معيشياً مرتفعاً للمواطنين. لكن هذا الدعم يترك مساحة محدودة للاستثمار في مشاريع تنموية طويلة الأجل.
بناءً على بيانات عام 2023، يمكن تقدير أن الدعم والتحويلات تشكل حوالي نصف الميزانية أو أكثر، مما يعني أن الاستثمار في القطاعات الأخرى يظل ضئيلاً. ودون تغيير في هذا النمط، قد يصعب على الكويت مواكبة التحولات الاقتصادية العالمية أو مجاراة التغيرات الهيكلية التي تحدث في الجارتين، السعودية والإمارات، اللتين تقودان نموذج التخلص من التبعية لإيرادات النفط من خلال استغلال إيرادات هذه الثروة في تنويع اقتصاديهما.
في يناير 2025، أعلنت الكويت عن اكتشاف احتياطيات نفطية جديدة، لكن لم يتم تحديد حجمها بدقة. حالياً، تمتلك الكويت احتياطيات مؤكدة تبلغ حوالي 101.5 مليار برميل، وهي من بين الأكبر عالميًا. وفي حال أضافت الاكتشافات الجديدة كميات معقولة لهذه الاحتياطيات، فقد يوفر ذلك دفعة مؤقتة للإيرادات. لكن الاعتماد شبه الكامل على النفط كمصدر دخل رئيس يبقي الكويت معرضة للمخاطر المرتبطة بانخفاض الأسعار أو الطلب العالمي.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الكويتي بنسبة 2.8% في عام 2024 بسبب تخفيضات إنتاج النفط ضمن اتفاقية أوبك+. هذا الانخفاض قد يؤثر سلباً على الإيرادات الحكومية، مما يزيد الضغط على الميزانية. في ظل غياب أرقام دقيقة للخسائر المتوقعة، يمكن افتراض أن التأثير سيكون ملحوظاً، خاصة إذا استمر انخفاض أسعار النفط أو الإنتاج في السنوات القادمة.
تعد الصين شريكاً تجارياً رئيساً لدول الخليج، بما في ذلك الكويت، حيث تستورد كميات كبيرة من النفط. على الرغم من عدم وجود بيانات دقيقة لحجم التجارة في عام 2025، يمكن الافتراض أن العلاقات مع الصين ودول مجموعة بريكس قد توفر فرصاً اقتصادية بديلة، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي. هذه الشراكات قد تكون مفتاحاً لتنويع مصادر الدخل الكويتي مستقبلاً.
لعقود طويلة ظلت الكويت تعتمد في تأمين استدامة نموذج اقتصاد الرفاهية لمواطنيها على توزيع الريع القادم بشكل كبير من النفط وتحويله إلى دعم وهبات حكومية، لكن التحديات الاقتصادية المستقبلية تتطلب استراتيجية جديدة، تقوم على تقليص الاعتماد على الدعم، ثم توجيه الموارد نحو الاستثمار في قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة يمكن أن يضمن استدامة مستوى المعيشة على المدى الطويل.
يواجه النموذج الاقتصادي الكويتي تحديات جسيمة تهدد مستوى الرفاهية الحالي، بسبب تراجع إيرادات النفط والاعتماد المفرط على الدعم الحكومي. وحتى ما إذا كانت الاكتشافات النفطية الجديدة ستوفر راحة مؤقتة، لكنها ليست حلاً دائماً. الفرص المتاحة مع الصين ودول بريكس تبدو واعدة، لكنها تتطلب خطة استراتيجية جريئة للاستفادة منها. بدون إصلاحات جذرية، قد تضطر الكويت إلى التضحية بجزء من الرفاهية التي يتمتع بها مواطنوها.