أكد علاء السقطي، نائب رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، أن التحدي الأكبر الذي يواجه الصناعة في مصر حالياً يتمثل في غياب بوصلة واضحة للمستثمرين الصناعيين، وهو ما يحول دون قدرتهم على اتخاذ قرارات إستراتيجية طويلة الأمد.
وأوضح لـ«إرم بزنس»، أن المستثمرين في القطاع الصناعي يفتقدون إلى خريطة واضحة تساعدهم على رسم مستقبل استثماراتهم بثقة واستقرار داخل البلاد؛ مما يضعف جاذبية القطاع الصناعي ويعرقل نموه مقارنة بقطاعات أخرى.
وأشار إلى أن المشكلة لا تتوقف عند الصعوبات التقليدية مثل ارتفاع أسعار الفائدة، أو أزمات الدولار المتكررة وارتفاع قيمته، أو تعقيدات بيئة الأعمال، وإنما تتعداها إلى غياب رؤية متماسكة ومستقرة على المدى الطويل.
وأكد السقطي، وهو عضو المجلس القومي للأجور، ورئيس اتحاد المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر، أن الاستثمار الصناعي يحتاج إلى استقرار شامل يتضمن عنصرين أساسيين هما الوقت والاستقرار الاقتصادي، إذ يجب أن تكون معالم أسعار الفائدة وسعر الصرف واضحة ومستقرة لفترات زمنية طويلة، إلى جانب تشريعات وحوافز استثمارية ثابتة ومحددة.
وأضاف أن الاستثمار الصناعي يختلف تماماً عن القطاعات الأخرى؛ نظراً لطبيعته التي تحتاج إلى فترات طويلة لتحقيق الجدوى الاقتصادية.
وأوضح أن المستثمر في القطاع الصناعي يبدأ بالحصول على أرض صناعية، ثم يستغرق وقتاً طويلاً في إنشاء المصانع واستيراد المعدات وتجهيزها للإنتاج، وهو ما يستدعي وجود رؤية استثمارية مستقرة تتزامن مع هذه المراحل الطويلة.
وحذر من أن التغييرات غير المتوقعة أو المفاجئة في السياسات قد تهدم كل الجهود التي بذلها المستثمر على مدى فترات طويلة.
وأوضح السقطي أن هناك فارقاً كبيراً بين طبيعة الاستثمار في الصناعة وطبيعته في التجارة، ففي حين يتمكن التاجر من تحقيق أرباح سريعة من خلال بيع البضائع خلال فترة قصيرة، يتطلب الاستثمار الصناعي وقتاً طويلاً وصبراً لتحقيق العائد؛ مما يجعل الاستقرار عاملاً حاسماً في نجاح المشروعات الصناعية.
ودعا الدولة إلى تحديد القطاعات الصناعية التي يجب أن تحظى بالأولوية والتركيز عليها بدلاً من التوجه لدعم جميع القطاعات بالتساوي، مشيراً إلى أن هذا النهج يضعف القدرة على توجيه الاستثمارات بشكل فعّال.
وأضاف أن الحكومة، رغم اهتمامها الظاهر بالصناعة، إلا أن هذه الرسائل قد لا تصل إلى صغار الموظفين الذين يتعاملون مباشرة مع المستثمرين في الهيئات المختلفة.
وأكد أن هذا التحدي الإداري يشكل عائقاً إضافياً أمام تحسين بيئة الأعمال، مطالباً بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتطوير آلياته لتجنب التأخير في الإجراءات.
وشدد السقطي على أن أي تأخير، حتى ليوم واحد فقط، قد يؤدي إلى خسائر فادحة للمستثمرين في ظل التطورات التكنولوجية السريعة وزيادة حدة المنافسة العالمية والإقليمية لجذب المستثمرين.
كما دعا إلى ضرورة استقرار القوانين والتشريعات لفترات طويلة لتجنب إرباك المستثمرين. وأشار إلى أن صدور قوانين جديدة بشكل متكرر يعيق المستثمرين عن التخطيط طويل الأجل، مضيفاً أن مشاركة رجال الأعمال والمستثمرين في صياغة هذه التشريعات ضرورة لا غنى عنها؛ لأنهم الطرف الأكثر تأثرًا بها في مراحل التطبيق.
ورغم إشادته بالاستثمارات الكبيرة التي وجهتها الدولة نحو تطوير البنية التحتية في السنوات الأخيرة، أكد السقطي أن غياب الرؤية الاستثمارية، بجانب الأزمات الاقتصادية، كانا من بين الأسباب التي حالت دون تحقيق المستثمرين الاستفادة الكاملة من هذه الإنجازات.
وأوضح أن دور الحكومة يجب أن يقتصر على الرقابة والتنظيم، بينما تترك إدارة الاستثمارات والمشروعات بالكامل للقطاع الخاص الذي يمتلك المرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية.
وتابع: «ينبغي التأكيد على أن الصناعة هي عصب الاقتصاد الوطني، ويجب أن تحظى بالدعم الكامل من الدولة من خلال سياسات مستقرة، وبيئة أعمال متطورة، وإجراءات إدارية مبسطة لضمان قدرة المستثمرين على المساهمة بفعالية في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة».