logo
اقتصاد

نقص التمويل يجبر مصر على خفض المواد التعليمية في المدارس

نقص التمويل يجبر مصر على خفض المواد التعليمية في المدارس
معلم يقدّم درساً في إحدى المدارس في القاهرة.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:10 أكتوبر 2024, 03:48 م

كشف تقليص المواد الدراسية في التعليم الثانوي في مصر عن أوجه القصور في نظام التعليم العام الذي يعاني من نقص التمويل. يتعين على المعلمين والطلاب التكيف مع هذه التغييرات، مما يظهر الضغوط التي يواجهها التعليم الحكومي، والذي تضطر العديد من الأسر إلى دعمه بدروس خصوصية.

تأتي هذه القرارات في إطار جهود الحكومة لتقليل الدين العام مع الحفاظ على الخدمات العامة في ظل زيادة سكانية مستمرة، وذلك ضمن برنامج الإصلاح الأخير بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.

ماهي الانعكاسات؟

تعكس هذه الإجراءات أيضاً الضغوط التي تواجهها الطبقة المتوسطة في مصر، حيث يخوض ملايين الطلاب منافسة شرسة للحصول على مكان في الجامعات، بينما يحاول عشرات الآلاف من المعلمين زيادة دخلهم المتواضع من خلال تقديم دروس خصوصية.

ومع بدء العام الدراسي في نهاية سبتمبر، بعد ستة أسابيع فقط من إعلان هذه القرارات، بدأ بعض المعلمين في البحث عن طرق لتعويض فقدان الدخل، مثل التوجه لتدريس مواد جديدة أو البحث عن وظائف إضافية.

محمد عادل، أستاذ الفلسفة، قال إنه سيستمر في التدريس في مدرسته الحكومية بالقاهرة، لكنه سيخسر دخله من الدروس الخصوصية وسيضطر للبحث عن وظيفة ثانية. وأضاف: «الأهم هو أن الحكومة توفر لي الحماية وتلبي احتياجاتي.»

حسين أبو العنين، أستاذ اللغة الفرنسية في أحد مراكز التعليم الخاص بالقاهرة، أشار إلى أن بعض الطلاب وأسرهم كانوا سعداء بتقليل المواد الإجبارية، لكنه اضطر لتسريح 15 مساعداً بسبب انخفاض عدد الطلاب بشكل كبير.

مشكلة نقص التمويل

أكد وزير التعليم الجديد، محمد عبد اللطيف، أن الهدف من هذه التغييرات هو تخفيف العبء المالي عن الأهالي الذين يدفعون مقابل الدروس الخصوصية في العديد من المواد. لكن بعض النقاد يرون أن هذه الإجراءات تهدف بشكل أساسي إلى تقليل التكاليف. ويعتقدون أن إلغاء مواد مثل الفرنسية والألمانية والجيولوجيا والفلسفة ودمج مواد أخرى قد يكون وسيلة لسد العجز في عدد المدرسين عن طريق إعادة توزيع الكوادر الحالية.

قال فريدي البياضي، عضو البرلمان ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي: «هذه المسألة تتعلق بالمال والميزانية، وهذا هو نضالنا الدائم مع الحكومة». وأضاف: «الوزير يحاول تقليل النفقات، وهذا ليس الحل. الإنفاق على التعليم ضعيف بالفعل... يجب علينا زيادة الإنفاق على التعليم بدلاً من تقليص محتواه».

تحديات أمام نظام التعليم

مصر، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 106 ملايين نسمة، هي الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم العربي. ومع ذلك، تواجه البلاد نمواً اقتصادياً ضعيفاً وتآكلاً في الخدمات الحكومية. بينما تواجه وزارة التعليم منذ سنوات نقصاً في عدد المدرسين والفصول لتلبية احتياجات نحو 23 مليون طالب في سن الدراسة.

ويشتكي المدرسون من تدني رواتبهم، وغالباً ما يتم تدريس المواد بالتناوب بسبب نقص المساحات الدراسية. أعلن الوزير عبد اللطيف أن الوزارة لديها خطة لسد النقص في 469,860 مدرساً، لكنها تمثل «تحدياً كبيراً».

أثارت التغييرات في المواد ردود فعل متباينة بين الطلاب. بعضهم رحب بها، في حين شعر آخرون بأنهم يفقدون فرصاً لدراسة مواد قد تساعدهم في تحسين درجاتهم.

سلمى ناجي، طالبة في الثانوية العامة بالقاهرة، قالت: «في البداية كنت سعيدة لأن المواد ستكون أقل وبالتالي سأتمكن من التركيز على مواد أكثر أهمية مثل الكيمياء والأحياء». لكنها أضافت: «في الوقت نفسه، كانت المواد الأخرى تساعد في زيادة المجموع، لذا لا نعرف ما إذا كانت هذه التغييرات ستؤثر سلباً أم إيجاباً على درجاتنا».

نقص التمويل التعليمي

ينص الدستور المصري على ضرورة أن تخصص الدولة ما لا يقل عن 4% من الناتج المحلي الإجمالي للتعليم، على أن يزيد هذا الرقم تدريجياً ليصل إلى المعايير العالمية. وتوصي اليونسكو بأن يتراوح الإنفاق على التعليم بين 4% و6% من الناتج المحلي الإجمالي.

أكد الباحثون أن هذا الهدف لم يتحقق منذ وضع الدستور في 2014، العام الذي تولى فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة. تشير البيانات إلى أن الإنفاق على التعليم بلغ 1.92% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2023/2024 وانخفض إلى 1.72% في ميزانية 2024/2025.

في مؤتمر للشباب في الإسكندرية العام الماضي، أشار السيسي إلى صعوبة تحقيق الأهداف الدستورية في مجالي التعليم والصحة قائلاً: «هل لدى الدولة المصرية أموال لتوفير التعليم لـ 100 مليون نسمة؟ الأرقام المطلوبة غير متاحة، ويجب أن نكون واقعيين».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC