وخلال الأسبوع الماضي، لم يفلت الذهب من قبضة الدولار وقوته فحسب، بل نجح في تسجيل ارتفاعات قوية دفعت بالمعدن الأصفر قرب مستويات قياسية، وسط توقعات تقول أن الطريق بات ممهداً صوب مستويات الـ 3000 آلاف دولار للأوقية.
من المرجح أن تتداول أسعار الذهب عند 3000 دولار للأوقية خلال 6 إلى 18 شهرًا القادمةسيتي بنك
وارتفعت أسعار العقود الآجلة للذهب خلال تعاملات الجمعة، بدعم من الطلب على أصول الملاذ الآمن في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، لتحقق العقود الأكثر نشاطًا للمعدن الأصفر مكاسب للأسبوع الخامس على التوالي.
وعند نهاية تعاملات أمس الجمعة ارتفعت أسعار الذهب بما يعادل 16 دولارًا، لترتفع للجلسة الثانية على التوالي بدعم من زيادة التوترات في الشرق الأوسط وإقبال المتداولين على التحوط بالمعدن الأصفر؛ كونه واحد من الملاذات الآمنة.
وعند التسوية، ارتفعت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم شهر يونيو بنسبة 0.65% أو 15.8 دولار عند 2413.8 دولار للأوقية، وهو المستوى القياسي الـ 11 هذا الشهر، بعد أن لامست 2433.30 دولار، لتحقق مكاسب خلال الأسبوع بنسبة 1.65%.
وقال "ديفيد ميجر" مدير تداول المعادن لدى "هاي ريدج فيوتشرز": " لقد سيطر التصعيد في الشرق الأوسط على الأسواق، وإذا تراجع الوضع، فسوف يتراجع الذهب أو يتماسك مع تباطؤ الشراء كملاذ آمن".
ولفت ميجر إلى أن ارتفاعات الذهب جاءت تزامنًا مع صعود مؤشر الدولار -الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسة- قرب مستويات 106.2 نقطة.
وبنهاية تعاملات الأسبوع ارتفع مؤشر الدولار للأسبوع الثاني على التوالي، بينما لا يزال يحوم قرب أعلى مستوياته منذ مطلع نوفمبر الماضي 2023.
سيطر التصعيد في الشرق الأوسط على الأسواق، وإذا تراجع الوضع فسوف ينخفض الذهب أو يتماسكديفيد ميجر
وقالت مؤسسة "أنتايكي" للأبحاث المدعومة من الحكومة الصينية، إن الذهب حقق مكاسب قوية هذا العام، وسيرتفع أكثر بفضل توقعات الطلب الصيني القوية وحالة عدم اليقين التي تسود مناخ الاقتصاد الكلي.
وأضافت أنتايكي أن ارتفاع الذهب "زاد بعد أن أثارت تقارير عن مهاجمة إسرائيل لإيران مخاوف من صراع إقليمي أوسع نطاقا، ما زاد من جاذبية السبائك بوصفها ملاذا آمنا".
وأشارت المؤسسة إلى أن شهية المخاطر للتحوط بالذهب تغلبت على إجماع صناع السياسة النقدية في الفيدرالي حول فكرة إبقاء تكاليف الاقتراض كما هي حتى مدة طويلة من العام نظرا لرسوخ التضخم تزامنا وقوة الاقتصاد.
هجمات إسرائيل
ويرى محلل السوق المالية في (Capital.com) كايل رودا أن أخبار الهجمات الإسرائيلية على إيران تثير اهتمام المضاربين على ارتفاع أسعار الذهب.
وقال رودا: "أدت التوترات في الشرق الأوسط إلى ارتفاع سعر الذهب لأسابيع حتى الآن ليتجه قرب أعلى مستوياته على الإطلاق عند 2448 دولارا للأوقية".
وأضاف رودا: "كان السوق ينتظر مزيدًا من المعلومات حول طبيعة الهجوم وما هو السبب وراء ذلك، وكيف سيكون الرد، وبعدما تبينت محدوديته هدأت مخاوف الأسواق وتراجعت المكاسب".
أخبار الهجمات الإسرائيلية على إيران تثير اهتمام المضاربين على ارتفاع أسعار الذهبكايل رودا
وأشار رئيس الاقتصاد الكلي العالمي في تيستي لايف (Tastylive) إيليا سبيفاك إلى أن الذهب لم يعد تجارة سياسة نقدية في الوقت الحالي، بل تجارة جيوسياسية.
وقال سبيفاك: "في نهاية المطاف، حتى لو هدأت المخاطر الجيوسياسية؛ فإن تراكم احتياطي الذهب الصيني يعمل محفزًا رئيسًا، وهذه عملية يبدو أن لديها مجالًا للاستمرارية".
وفي الوقت ذاته لفت كبير المحللين في سيتي إندكس، مات سيمبسون إلى أن أسعار الذهب حصلت على دعم آخر من الجولة الأخيرة من تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
إضافة إلى ما سبق يرى سيمبسون أن مشتريات المصارف المركزية وارتفاع توقعات التضخم دعمت هي الأخرى من ارتفاع أسعار الذهب، في إشارة إلى أن المستثمرين يتعاملون مع الذهب كأداة مهمة للتحوط.
وقال سيمبسون: "في حال شهدنا اختراق الذهب فوق مستويات 2400 دولار، والتي تشير إلى أن المتداولين اكتفوا من عمليات جني الأرباح التي أدت إلى تراجعات يوم الأربعاء".
وأضاف كبير المحللين في سيتي إندكس: "يشير اختراق الذهب بدوره لتلك المستويات إلى أننا قد نكون على وشك تجربة مستويات قياسية للمعدن الأصفر تتجاوز الذروة السابقة قرب الـ 2450 دولارا للأوقية".
حتى لو هدأت المخاطر فإن تراكم احتياطي الذهب الصيني يعمل محفزًا رئيسًا، وهذه عملية يبدو أن لديها مجالًا للاستمراريةمات سيمبسون
وتوقع محللو سيتي أن تتداول أسعار الذهب عند 3000 دولار للأوقية خلال 6 إلى 18 شهرًا القادمة، في إشارة إلى تسجيل مستويات جديدة غير مسبوقة للمعدن الأصفر.
ولفت محللو سيتي في مذكرة إلى انفصال حركة السبائك عن أسعار الفائدة الأميركية والدولار الأميركي، وهو ما يشير إلى أن محركات الاستهلاك باتت أقوى.
وقال محللو سيتي بنك: "من أبرز محركات الأسعار الآن (على سبيل المثال، واردات الهند/الصين، والسبائك/العملات المعدنية)، والطلب البديل، والتحوط الجيوسياسي، ومشتريات المصارف المركزية تدعم السوق".