تستعد استثمارات الأسهم الخاصة في الصين للتعافي، مدعومة برأس المال المتزايد من الشرق الأوسط والاستراتيجيات التكيفية من الصناديق الأميركية، وفقاً لشركة «باين آند كومباني» (Bain & Co).
وأكدت الاستشارات العالمية أن تدفقات رأس المال من الشرق الأوسط، وتكيف الصناديق الأميركية مع التغيرات الاستراتيجية في السوق الصينية تدعم هذا التعافي في النشاط الاستثماري.
وقال سيباستيان لامي، الرئيس المشارك في قطاع رأس المال الاستثماري لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى «باين آند كومباني»: «إن الديناميكية الإيجابية في الصين قد تؤدي إلى نظرة أكثر تفاؤلاً في عامي 2025 و2026».
وأضاف أن عدة عوامل تدفع هذا الانتعاش المحتمل، بما في ذلك الانتعاش الأخير في سوق الأسهم الذي شهدته الصين بفضل الإنجاز التكنولوجي لشركة «ديب سيك» الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب الاتجاهات المتوسطة المدى في السوق الصينية.
وأبرز لامي دور المستثمرين من الشرق الأوسط في سد فجوة التمويل في الصين، حيث أظهرت بيانات مؤسسة «غلوبال إس دبليو إف» (Global SWF) أن الصناديق السيادية من الشرق الأوسط مثّلت 62% من استثمارات الصناديق السيادية في الصين في العام الماضي.
ورغم أن التوترات الجيوسياسية دفعت بعض المستثمرين الغربيين إلى التحفظ، إلا أن الصناديق السيادية من الشرق الأوسط تبنت نهجاً مختلفاً.
وفي هذا السياق، صرح مارك أنطاكي، نائب الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والمخاطر في شركة «مبادلة» للاستثمار في أبوظبي، قائلاً في ندوة المستثمرين العالمية في ميلكين في هونغ كونغ يوم الاثنين: «بدأنا استثمار رأس المال في الصين في عام 2015، وبقينا مستثمرين حتى عندما انسحب العديد من الشركات الغربية من السوق، كما أن استثمار رأس المال عبر آسيا تسارع بشكل ملحوظ».
أما الصناديق الأميركية، فقد بدأت في تعديل استراتيجياتها في الصين من خلال التركيز على الاستثمارات ذات المخاطر المنخفضة والمعرضة لأقل خطر.
وأشار لامي إلى أن نموذج الصفقات عبر الحدود أصبح أكثر تفضيلاً، إذ تتيح هذه الصفقات للشركات التي تعمل في الصين وبقية آسيا إضافة قيمة عبر تنوع جغرافي دون الاعتماد الكامل على السوق الصينية.
ومن بين الأمثلة على الاستثمارات الأميركية في السوق الصينية، كان استحواذ صندوق الاستثمار الأميركي «باين كابيتال» (Bain Capital) على شركة تشغيل مراكز البيانات «تشينداتا غروب هولدينغز ليمتد» (Chindata Group Holdings) الصينية في أغسطس 2023، إذ بلغت قيمة الصفقة 3.2 مليار دولار أميركي، مما يعكس الاستمرار في جاذبية الأصول المرتبطة بالتكنولوجيا في المنطقة.
وأشار لامي إلى أن الاستثمارات في التكنولوجيا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بدأت في الانتعاش مع تحسن المعنويات في الأسواق العامة.
وقال: «من المتوقع أن تساهم الابتكارات التي تظهر في آسيا بقيادة الصين في زيادة الاستثمارات في التكنولوجيا، مع تركيز متزايد على القطاعات المساعدة مثل مراكز البيانات التي تعد بنية تحتية حيوية للتطورات التكنولوجية».
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، حذر لامي من أن استثمارات رأس المال الاستثماري في الصين ستحتاج إلى بعض الوقت لتشهد نمواً مستداماً.
وأضاف أنه لا بد أن يرى المشاركون في السوق خروج الاستثمارات بشكل فعّال وعودة رأس المال إلى المستثمرين قبل أن تعود الثقة بالكامل.
ووفقاً لتقرير «باين آند كومباني» السنوي حول رأس المال الاستثماري، الذي صدر اليوم الثلاثاء، فقد ارتفعت قيمة الصفقات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 11% لتصل إلى 176 مليار دولار أميركي في عام 2024.
وأوضح لامي، الذي كان أحد مؤلفي التقرير، أن أسواق رأس المال الاستثماري في المنطقة كانت قد ظلت ثابتة نسبياً في السنوات الأخيرة، مع انخفاض حصة الصين بشكل كبير.
كانت الصين تمثل أكثر من نصف قيمة الصفقات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في عام 2020، لكن هذه الحصة تراجعت إلى 27% في عام 2023. كما انخفضت قيمة الصفقات الإقليمية الإجمالية في 2023 إلى أدنى مستوى لها في عقد من الزمن، بسبب النمو الاقتصادي البطيء، وارتفاع أسعار الفائدة، وتقلب الأسواق المالية.
كما ظهرت الهند واليابان كوجهات رئيسة للاستثمار في المنطقة، وفقاً لتقرير «باين». وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية في الهند، تواصل الدولة جذب الاستثمارات بفضل اقتصادها سريع النمو. في الوقت ذاته، تجذب اليابان الانتباه بفضل عوائدها القوية وفرص الخصخصة المتزايدة.
وختم لامي قائلاً: «أتوقع أن يشهد عام 2025 استمرار الانتعاش في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بالاستناد إلى التوجه الإيجابي عام 2024». وأضاف أن الصناعة تتكيف مع التحولات الاقتصادية الكبرى، وتعمل على تحسين استراتيجياتها لنشر رأس المال بشكل أكثر كفاءة.