قرارات جديدة لمصرف ليبيا المركزي تهدف إلى دعم الدينار في مواجهة الدولار، وكبح جماح السوق السوداء التي لطالما شكلت صداعاً في رأس الاقتصاد، كان أحدثها منح تصاريح عمل جديدة لشركات ومكاتب صرافة بالبلاد، في محاولة لإعادة ضبط السوق وتقليص الفجوة بين السعر الرسمي والموازي.
وبحسب مصدر مطلع في مصرف ليبيا المركزي، ومسؤول رقابي في البلاد وخبراء تحدثوا لـ«إرم بزنس»، فإن التصاريح الجديدة ستعزز انطلاقة جيدة لدعم الدور المصرفي الرسمي والحد من مضاربات السوق الموازية التي تؤثر في العملة المحلية والاقتصاد.
وتراجع سعر صرف الدولار أمام الدينار في السوق الموازية، الأربعاء، إلى 6.49 دينار من 6.52 المسجل في نهاية تعاملات الثلاثاء، واستهل الدولار تعاملات الأسبوع، الأحد، بالسوق الرسمية على ارتفاع إلى 4.90 دينار من 4.88 دينار المسجل الخميس.
وكان مصرف ليبيا المركزي أعلن إصدار تصاريح عمل جديدة لـ71 شركة ومكتب صرافة، بعد موافقة المحافظ ناجي عيسى، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للشركات ومكاتب الصرافة المعتمدة في ليبيا إلى 135 جهة مرخصة رسمياً من المصرف.
وكشف المصرف، في منشور على صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك»، في 27 فبراير الماضي، عن فتح باب استقبال الطلبات الجديدة للحصول على موافقات مبدئية لإنشاء شركات ومكاتب صرافة، اعتباراً من 1 مارس 2025 وحتى 30 يونيو 2025.
وسبق أن أقدم مصرف ليبيا المركزي، وفق بيانات رسمية، يوم 15 أكتوبر 2024 على إجراءات لتطويق السوق الموازية بحسب خبراء تحدثوا سابقاً لـ«إرم بزنس»، منها رفع قيود مصرفية سابقة، ورفع سقف الأغراض الشخصية إلى 8 آلاف دولار، من 4 آلاف، و10 ملايين دولار للاعتمادات المستندية الصناعية، بعد أن كانت 7 ملايين دولار، و5 ملايين دولار للاعتمادات التجارية والخدمة، مقارنة بمليونين و3 ملايين دولار سابقاً، ورفع سقف بطاقات صغار التجار من 100 ألف دولار إلى 500 ألف دولار.
في حين بلغ رصيد الفائض عن الاحتياطي الإلزامي المطلوب من المصارف الاحتفاظ به لدى المصرف المركزي في نهاية عام 2024 نحو 84.7 مليار دينار مقابل 68.2 مليار دينار في نهاية عام 2023 أي بزيادة قدرها نحو 16.5 مليار دينار وما نسبته 24.1%، بحسب بيانات رسمية حديثة.
وارتفعت أرباح المصارف خلال عام 2024 بشكل كبير وبمعدل بلغ 82.6% لتصل إلى 1.9 مليار دينار، مقارنة عما كانت عليه خلال عام 2023 التي سجلت نحو 1.05 مليار دينار.
وبخلاف شركات الصرافة، يبلغ عدد المصارف (البنوك)21 مصرفاً في نهاية عام 2024، وتزاول هذه المصارف نشاطها من خلال 672 فرعاً ووكالة، وفق إعلام محلي.
وقال مصدر مطلع في مصرف ليبيا المركزي، لـ«إرم بزنس»، إن شركات الصرافة الجديدة ستبدأ قريبا عملها مع استعدادات جارية بشأن تنظيم عملها وتعزيز البنية التحتية الرقمية وربطها بالبنك المركزي؛ من أجل انطلاقة جيدة تسهم في دعم الدور المصرفي الرسمي ومواجهة السوق الموازية والحد من مضارباتها.
من جانبه، رأى وزير الدولة لشؤون الاقتصاد السابق، رئيس مجلس المنافسة ومنع الاحتكار الليبي الحالي سلامة الغويل، أن تلك الإجراءات تخلق منافسة عادلة ونوعاً من الشفافية، وتزيد الموارد المالية للمواطنين، وتحد من احتكار السوق الموازية، وتدعم الاقتصاد وتنظم تداول النقد الأجنبي في البلاد.
بدوره، يتوقع أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي، أيوب الفارسي، أن تحد شركات الصرافة الجديدة من دور السوق الموازية مع العملات الأجنبية، مشيراً إلى أن هذا سيعزز إشراك رؤوس الأموال بالعملة الصعبة والموجودة لدى التجار بكميات كبيرة في النظام المصرفي الرسمي.
ويرجح الفارسي قدرة شركات الصرافة الجديدة في ليبيا على احتواء الأموال النقدية الخارجية من البنك المركزي؛ مما يلبي أغلب احتياجات المواطنين من السلع والخدمات والتجار، خاصة أن البنك المركزي وحده لا يستطيع أن يلبي جميع طلبات العملة الأجنبية أمام منفذ السوق الموازية الأكبر الذي يشجع المضاربة لتحقيق مكاسب.
وبحسب أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي، فإن الموافقات الجديدة تهدف إلى الحد في التفاوت بين السعر الرسمي والموازي، متوقعاً أن تقضي تلك التصاريح على الهوة في السعرين الرسمي والموازي، ويختفي معه سبب المضاربة، ويحد من أزمة الدولار، ومن الارتفاع النسبي من الأسعار خاصة أن أغلب واردات الدولة تغطى من السوق الموازي.
رئيس منتدى بنغازي للتطوير الاقتصادي والتنمية، خالد بوزعكوك، قال لـ«إرم بزنس»، إن عدد الموافقات الجديدة مناسب، مضيفاً أنه من الصعب أن تتحكم في سعر صرف الدولار؛ لأن العملية عرض وطلب.
بوزعكوك أوضح أن من يتحكم في السعر هو الطرح، فعندما تطرح كميات جيدة من الدولار يشهد السعر ثباتاً أو استقراراً نسبياً.
ويرى أن الموافقة تعزز الثقة بتلك الشركات، بخلاف أنها تقلل البيروقراطية، وتسهل من عملية الحصول على الدولار، مشيراً إلى أنها تضيّق نوافذ التلاعب بالدولار، مما يجعل سعر الدولار ثابتاً أو مستقراً نسبياً، ولا يضر بالاقتصاد جراء المضاربات.