logo
اقتصاد

المصرف الليبي يطوَّق «السوق الموازي».. هل يكبح الدولار؟

المصرف الليبي يطوَّق «السوق الموازي».. هل يكبح الدولار؟
موظف يحمل دولارات أميركية (يسار) في مكتب صرافة للعملات بالعاصمة الليبية طرابلس، 4 أبريل 2016.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:23 أكتوبر 2024, 11:26 ص

بزيادة قيمة الاعتمادات للصناعة والتجارة ومخصصات التحويلات الشخصية، بدأ المصرف الليبي، سلسلة إجراءات انفتاحية، تستهدف رسمياً دعم العملة المحلية الدينار، وتضييق نوافذ التلاعب بالدولار، على خلاف القيود السابقة التي كانت تغذي بقاء السوق الموازي بالبلاد.

خبراء اقتصاديون ليبيون، تحدثوا لـ«إرم بزنس»، يرون أن الخطوات التي انتهجها المصرف الليبي «جريئة وإيجابية»، تساعد على «تطويق السوق الموازي» وتؤثر بشكل مباشر في سعر الدولار به، متوقعين حال استمرار تلك الإجراءات التي قد تشمل تخفيضاً جديداً للضريبة على العملة الأجنبية، أن يستعيد المصرف الليبي زمام التأثير لصالح الدينار، مستبعدين أن يُقضى على السوق الموازي «بين يوم وليلة» دون إجراءات رقابية وسياسية واقتصادية داعمة للمسار المصرفي الجديد.

وشملت إجراءات مصرف ليبيا المركزي، وفق بيانات رسمية، يوم 15 أكتوبر الجاري رفع قيود مصرفية سابقة، ورفع سقف الأغراض الشخصية إلى 8 آلاف دولار، من 4 آلاف، و10 ملايين دولار للاعتمادات المستندية الصناعية، بعد أن كانت 7 ملايين دولار، و5 ملايين دولار للاعتمادات التجارية والخدمة، مقارنة بمليونين و3 ملايين دولار سابقاً، ورفع سقف بطاقات صغار التجار من 100 ألف دولار إلى 500 ألف دولار، بجانب إلغاء السقوف المفروضة على عمليات السحب النقدي جميعها، ومن آلات السحب الذاتي (ATM)، والحوالات المصرفية الداخلية.

وقرر مصرف ليبيا المركزي عقب اجتماع محافظه ناجي عيسى مع مديري المصارف في 17 أكتوبر الجاري «توفير 15 مليار دينار (نحو 3 مليارات دولار) للمصارف العاملة كافة خلال الأشهر القادمة، توزع ابتداءً من 3 نوفمبر المقبل»، بجانب «التوسع في إصدار البطاقات المصرفية الأسابيع المقبلة لحلحلة مشكلة نقص السيولة»، وبدء قبول طلبات منح تراخيص لشركات الصرافة منتصف نوفمبر المقبل.

وشهد الاجتماع «مناقشة تسريع خدمة الحوالات السريعة، للمواطنين والعمالة الوافدة في أسرع وقت»، وفق البيان ذاته، بينما تقدر تحويلات العمالة الوافدة بنحو 5.3 مليار دولار سنوياً، تُجرى غالبيتها عبر السوق الموازية.

وفي 19 أكتوبر، سجل الدينار الليبي ارتفاعاً غير مسبوق منذ عام مقابل الدولار، في تداولات السوق الموازية بـ6.05 مقابل الدولار الواحد، بعد أن سجل الدولار في منتصف سبتمبر الماضي ارتفاعاً كبيراً بلغ قرابة 8.9 دينار، مدفوعاً بأزمة صلاحيات وإدارة المصرف المركزي وإغلاق الحقول النفطية، قبل أن يتراجع مع تكليف المحافظ وفتح الحقول مؤخراً وخفض الضريبة المفروضة على النقد الأجنبي 7% لتصبح 20% بعد أن كانت 27%، وسط توقعات ليبية إعلامية بتخفيض جديد.

رسائل إيجابية

الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة المالية والتخطيط سابقاً، إدريس الشريف، في حديث لـ«إرم بزنس»، قال إن «تلك الإجراءات رسائل إيجابية تسعى لتقوية الدينار، وتعزيز الثقة في النظام النقدي وبناء جسور الثقة مع المتعاملين معه بمواجهة السوق السوداء (الموازي)، وأدت إلى تخفيض الطلب على العملة الأجنبية وانخفاض سعر الدولار بتلك السوق».

أخبار ذات صلة

المواطن أم الاقتصاد.. من المستفيد من قرار خفض ضريبة العملات في ليبيا؟

المواطن أم الاقتصاد.. من المستفيد من قرار خفض ضريبة العملات في ليبيا؟

وبتقدير الشريف، فإن «︎طلب الدولار لغرض المضاربة اختفى تماماً تقريباً في الوقت الحالي، وسيختفي أيضاً طلب الدولار لغرض التحوط مع زيادة ثقة المتعاملين في استقرار وربما تقوية قيمة الدينار إذا استمر مفعول الإجراءات الإيجابية».

ويتوقع أن ︎«هذا الانخفاض في الطلب على الدولار سيخفض حتماً سعره في السوق السوداء في الأجلين القصير والمتوسط إلى مستويات أدنى حتى يختفي الفارق تماماً بين السعرين الرسمي والموازي»، مؤكداً حدوث ذلك «متى توفرت لدى المصرف الليبي القدرة على الاستمرار في هذه السياسة في الأجل الطويل».

ويرجح إمكانية استمرار المصرف المركزي في تطبيق هذه الإجراءات لفترة طويلة، في ضوء ما يملكه من احتياطيات من العملة الأجنبية تمكنه من تغطية العجز لفترة مناسبة قادمة في حال عدم كفاية الإيرادات، بجانب تفعيل الرقابة على الاعتمادات المستندية والتحويلات التجارية بعدِّهما كانا سابقاً أكبر منفذ لتهريب العملة للخارج.

ويتوقع صندوق النقد الدولي وصول الاحتياطي الليبي إلى 88 مليار دولار بحلول نهاية 2024، مع تسجيله بين 82.5 و84 ملياراً في مارس الماضي.

تطويق السوق الموازي

الخبير الاقتصادي الليبي، خالد بوزعكوك، يرى في حديث لـ«إرم بزنس» أن الإجراءات التي اتخذت من مصرف ليبيا ساهمت في تقليل الفجوة في سعر الصرف، ويوم الخميس أقفلت السوق الموازي على سعر 6.21، وسجل الأحد، 5.99 للدينار، موضحاً أن القيود السابقة بالمصرف كانت تدفع للحصول على الدولار من تلك السوق، وبهذه الإجراءات التي منها رفع سقف تحويلات صغار التجار ستقلل الطلب على النقد الأجنبي في السوق الموازي وتضغط باستمرار على سعر الدولار.

أخبار ذات صلة

ليبيا تعيد فتح حقول النفط وموانئ التصدير بعد حل أزمة المصرف المركزي

ليبيا تعيد فتح حقول النفط وموانئ التصدير بعد حل أزمة المصرف المركزي

ووفق بوزعكوك، فإن السوق الموازي تقاوم قرارات المصرف الليبي بتخفيضات لجذب المتعاملين، غير أنه يرى إجراءات جديدة من المصرف المركزي قد تشمل تخفيضاً جديداً على رسوم الضريبة على العملة يصل إلى 15% بدلاً من 20% ما يعزز مواجهة السوق الموازي ويدعم الاستقرار النقدي.

وحال استمرت تلك الإجراءات التي تطوق الدولار والسوق الموازي بليبيا، مضافاً لها عودة تصدير النفط وعودته لمستويات السابقة، مليون و200 ألف برميل يومياً، فإنه يمكن الوصول لسعر أعلى للدينار مع بقاء السعر الموازي موجوداً، ولكن يصغر ويكبر دوره حسب حجم الظروف والمعطيات السابقة وتأثيراتها.

وتعتمد ليبيا منذ عقود على النفط والغاز مصدراً رئيساً للدخل، إذ تشكّل صادرات الطاقة 96% من إجمالي الصادرات، وتمول عائداته نحو 95% من ميزانية الدولة.

وباعتقاد بوزعكوك، فإن «السوق الموازي التي نشأت في ليبيا منذ بداية الثمانينيات لا يمكن القضاء عليها في يوم وليلة، ويمكن حدوث ذلك بثبات الإجراءات الجديدة ودعمها بأخرى وضخ استثمارات وإنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات وتعزيز الرقابة وترشيد الإنفاق الحكومي وضخ السيولة في المشاريع المتوقفة والاهتمام بالصناعة»، مؤكداً أن «كل هذه الإجراءات والمزيد منها ستساهم في التضييق على السوق السوداء الفترة المقبلة».

المستثمرون في ليبيا كانوا يواجهون أزمة عدم توفر العملة الصعبة بسبب القيود في سنوات سابقة، وبعد قرارات المصرف الليبي، يرى المستثمر الليبي حسني بي، في حديث لـ«إرم بزنس»، أنها في غاية الأهمية لا سيما منح التراخيص لشركات الصرافة ورفع أسقف الاعتمادات.

ويستغرب «بي» من الذين يشككون في قدرة مصرف ليبيا المركزي، في كبح دور السوق الموازي واحتوائه وتقليصه والحد من المضاربة على الدينار، لافتاً إلى أن «إيرادات ليبيا اليومية من الدولارات تتعدى 100 مليون دولار، مصدرها مبيعات النفط، أي قرابة 36.5 مليار دولار سنوياً، مقابل سوق مواز لا يتعدى 15 مليون دولار يومياً أي قرابة 4.5 مليار دولار سنوياً».

وبحسب «بي» فإنه لدى مصرف ليبيا المركزي احتياطيات من العملة والذهب تقارب 90 مليار دولار، على حين أن كامل عرض النقود الليبية من أوراق نقدية وأرصدة مودعين لا تتعدى 150 مليار دينار (ما يعادل 32 مليار دولار)»، لافتاً إلى أن «هذا الكم  من الاحتياطيات يمكّن المركزي من ضبط سعر العملة أمام الدولار».

وبتقدير حسني بي فإنه «يستحيل للسوق الموازي أن يقاوم أو يتحدى قوة المركزي الليبي وقدراته إلا إذا وسعت الحكومة (بالشرق والغرب) في الإنفاق بما يتعدى الإيراد العام السنوي لهما، وهذا أكبر مسببات انهيار الدينار»، مضيفاً: «قيمة الدولار العادلة مع الدينار يحددها بنسبة 93% إنفاق الحكومة، وبمزيد من الإجراءات وتطبيق القانون والرقابة تقترب ليبيا من مسار ضبط المسار النقدي ودعم الدينار والاستثمارات بقوة».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC