دعا مسؤولون ليبيون إلى ضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية بالأجهزة التنفيذية المختلفة التابعة للحكومة وتطوير أدوات السياسة النقدية لضمان كفاءة أداء سوق النقد الأجنبي بالتزامن مع الوصول إلى حل سياسي يضمن الوصول إلى حكومة موحدة.
وقال مدير إدارة البحوث والإحصاء بمصرف ليبيا المركزي، علي أبوصلاح، إن إجراء إصلاحات هيكلية بالأجهزة الحكومية على مستوى القطاع العام «الحوكمة»، يعد ضرورة، بالتوازي مع إصلاح دعم الطاقة في البلاد.
من المقرر أن تُعقد مشاورات جدية مع بعثة الصندوق في أبريل 2025، في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتحسين جمع البيانات، وتشجيع الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية، وفقاً للمادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي.
المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي، تنص على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء تتم في العادة على أساس سنوي بحسب الموقع الإلكتروني لـ«النقد الدولي».
ويزور فريق من خبراء الصندوق البلد العضو، وتُجْمَع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، مترافقة مع مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في هذا البلد. وبعد العودة إلى مقر الصندوق، يُعِد الخبراء تقريراً يشكل أساساً لمناقشات المجلس التنفيذي في هذا الخصوص.
وأوضح مدير إدارة البحوث والإحصاء بمصرف ليبيا المركزي، أن خبراء صندوق النقد الدولي، أثنوا على جهود المصرف بشأن توفير «دليل حوكمة شامل»، خلال مباحثات على مدة 5 أيام في تونس، وترأس فريق خبراء الصندوق ديمتري غيرشينسون.
ودعا الخبراء إلى تطوير أدوات السياسة النقدية، والذي من شأنه أن يساعد مصرف ليبيا المركزي في ضمان كفاءة أداء سوق النقد الأجنبي.
ونقل أبوصلاح عن الخبراء: «خبراء صندوق النقد الدولي توقعوا نمو إجمالي الناتج المحلي في ليبيا للعام 2025، بالتزامن مع الارتفاع المتوقع والمستمر في إنتاج النفط، منذ أكتوبر الماضي».
قال، إن تلك التوقعات صاحبها مخاطر سلبية، تتعلق بانخفاض أسعار النفط إلى مستويات مفاجئة، وتجدد التوترات السياسية، وهو ما من شأنه أن يقلص الحيز المالي المتاح للميزانية العامة للدولة.
واعتمد مصرف ليبيا المركزي في 10 نوفمبر 2024 «دليل الحوكمة» للقطاع المصرفي الليبي، وفق ما تتطلبه معايير العمل وقواعد الحوكمة في القطاع المصرفي، لأفضل الممارسات الدولية، لرفع كفاءة أداء المصارف الليبية ولتعزيز الشفافية والإفصاح، حسبما قال مدير إدارة البحوث والإحصاء بمصرف ليبيا المركزي.
يتكون الدليل من 8 فصول، جاءت في 65 صفحة، ويتناول الفصل الأول، التعريفات بالمصرف والمؤسسات والهيئات والأطراف ذات الصلة، فيما يتناول الفصل الثاني، حقوق المساهمين، بما فيها ملكية الأسهم، والمعاملة المتوازنة والمتكافئة والقطاع العام، أما الفصل الثالث، يتضمن هيئة المراقبة وواجبات هيئة المراقبة، وتعيين المراقبين ومدة خدمتهم.
ويتناول الفصل الرابع، مجلس الإدارة، وعضويتها، والمراقبين الخارجيين، والعلاقة بالهيئة المركزية الشرعية، وغيرها، أما الفصل الخامس، فيتضمن اللجان المنبثقة من مجلس الإدارة، وهي لجنة الحوكمة، ولجنة المراجعة، ولجنة التعيينات والمكافآت.
ويتضمن الفصل السادس، طرق وأساليب الإفصاح، أما الفصل السابع، فيتناول حوكمة أعمال الصيرفة الإسلامية، والعلاقة مع أصحاب أعمال الاستثمار، وهيئة الرقابة الشرعية، ونطاق عمل لجنة التدقيق الشرعي، وتعزيز فاعلية التدقيق الشرعي. ويختتم الفصل الثامن، ببنود وطرق وأساليب الإفصاح والشفافية.
«لم تعد حوكمة المؤسسات أمراً اختيارياً في ظل تطور أعمال وأنشطة المصارف، وأصبحت أساساً لضمان تجنب المخاطر الناتجة عن الممارسات غير السليمة في المؤسسات كلها» بحسب القرار رقم 4 لسنة 2024 بشأن اعتماد دليل الحوكمة للقطاع المصرفي.
وكشف بيان مصرف ليبيا المركزي في 8 ديسمبر الجاري، عن تسجيل إيرادات بقيمة 86.3 مليار دينار (17.5 مليار دولار) معظمها من العوائد النفطية، في مقابل مصروفات بلغت 84.9 مليار دينار، بفائض 1.4 مليار دينار خلال أول 11 شهراً من العام 2024.
وأظهر البيان انخفاض إيرادات النقد الأجنبي خلال العام الجاري مقارنة بعام 2023، إذ تراجعت من 22.3 مليار دولار إلى 17.1 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.
تسهم الشفافية في التوزيع الفعال للموارد من خلال التأكد من حصول أصحاب حسابات الاستثمار على معلومات كافية لتحديد المخاطر.
يرى محمود الشاوش مدير عام مصلحة الضرائب الأسبق في ليبيا، أن تقرير خبراء صندوق النقد الدولي حول ضرورة تعزيز الحوكمة في ليبيا لم يوضح الخطوات والحلول اللازمة لتعزيز الحوكمة، أو اتباع مجموعة سياسات وقواعد تهتم بالمسؤولية الاجتماعية لتحقيق أهداف الدولة.
ويتفق الشاوش مع تقرير الخبراء، في أن الدعم غير الموجه، يشكل نحو 20% من إجمالي الناتج المحلي، موضحاً أن تهريب المحروقات إلى الدول المجاورة أحد أهم الأسباب التي تهدد الاقتصاد الليبي، حيث تقل أسعارها في ليبيا، عن سعرها في الدول الأخرى، وبالتالي سيستمر التهريب.
وانتقد عمليات بيع النفط خارج المؤسسة الوطنية، وقال إنه مرهون بوقف الفساد المالي والإداري وبيعه خارج نطاق سيطرة الدولة، وهو ما يعني أنه لا يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
طالب مدير عام مصلحة الضرائب الأسبق في ليبيا، بمكافحة تهريب المحروقات، عبر التحول إلى الدعم النقدي عوضاً عن الدعم العيني، وتوحيد الأجهزة الرقابية.
وأضاف: «لا توجد نية صادقة لمكافحة الفساد في ليبيا»، موضحاً أن معايير الحوكمة السليمة تفرض تطبيقاً سليماً وواضحاً وشفافاً لوضع حد للفساد المالي والإداري.
واستبعد، حدوث انتعاشة في الاقتصاد الليبي في عام 2025، في ظل انقسام سياسي ووجود حكومتين إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب، مشدداً على أن الانتعاش الاقتصادي مرهون بإيجاد حلول سياسية أولاً، ومكافحة الفساد المالي والإداري الموجود بقوة.
وانتقد الشاوش، الأجهزة والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، موضحاً، أن الجميع مستفيدون من مرحلة عدم الاستقرار في ليبيا، إذ لا توجد من جانبهم مساهمة فعالة في حل المشكلات الاقتصادية.