logo
اقتصاد

الاقتصاد الأزرق يزدهر.. تريليونا دولار تجارة السلع والخدمات البحرية

الاقتصاد الأزرق يزدهر.. تريليونا دولار تجارة السلع والخدمات البحرية
عمال صينيون يستخرجون ملح البحر من خلال تبخر المياه في فصل الربيع في منطقة تيانجين -21 مارس 2018المصدر: رويترز
تاريخ النشر:25 فبراير 2025, 03:16 م

في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، يبرز الاقتصاد الأزرق كأحد الداعمين الرئيسين للتنمية المستدامة في العالم، إذ يعتمد على الاستغلال المسؤول للموارد البحرية لدعم النمو الاقتصادي وحماية النظم البيئية. 

ومع توسع هذا الاقتصاد بمعدل يفوق الاقتصاد العالمي، أصبح يشمل قطاعات حيوية مثل مصايد الأسماك، النقل البحري، السياحة الساحلية، والتكنولوجيا البحرية المتقدمة.

ومنذ عام 1995، توسع الاقتصاد الأزرق بمعدل 2.5 مرة، متجاوزًا نمو الاقتصاد العالمي الأوسع. وفي عام 2023، سجلت التجارة البحرية مستويات قياسية، إذ بلغت قيمة السلع 899 مليار دولار، في حين وصلت الخدمات إلى 1.3 تريليون دولار، مما يعكس الدور المتنامي للموارد البحرية في دعم الاقتصادات الوطنية، خاصة في الدول النامية. 

تحديات كبيرة 

رغم هذه المكاسب، يواجه هذا الاقتصاد تحديات كبيرة تتعلق بالتغير المناخي وقلة الاستثمار، مما يهدد استدامته على المدى الطويل.

ووفقاً لتقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، توفر مصايد الأسماك وحدها سبل العيش لـ600 مليون شخص، معظمهم في البلدان النامية التي تعتمد بشدة على الموارد البحرية في توفير الوظائف والأمن الغذائي.

كما شهدت التجارة بين الدول النامية في قطاع المصايد نمواً ملحوظاً، فقد زادت صادرات الأسماك الأولية بنسبة 43% بين عامي 2021 و2023 لتصل إلى 19 مليار دولار، في حين ارتفعت صادرات الأسماك المصنعة بنسبة 89% لتصل إلى 23 مليار دولار. 

ويبرز قطاع التكنولوجيا الحيوية البحرية كأحد المجالات الواعدة، فقد بلغت قيمته 4.2 مليار دولار في عام 2023، مع توقعات بارتفاعها إلى 6.4 مليار دولار بحلول عام 2025. 

أخبار ذات صلة

الاقتصاد الأزرق في أوروبا.. فرص بعشرات مليارات الدولارات

الاقتصاد الأزرق في أوروبا.. فرص بعشرات مليارات الدولارات

تغير المناخ يهدد التجارة البحرية

يشكل تسارع التغيرات المناخية تهديداً مباشراً لاستقرار الاقتصاد الأزرق. فقد سجل عام 2024 أعلى درجات حرارة على الإطلاق، إذ ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.55 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، متجاوزة العتبة الحرجة البالغة 1.5 درجة مئوية المحددة في «اتفاق باريس». 

وتؤدي زيادة درجات حرارة المحيطات إلى اضطراب النظم البيئية البحرية، مما يتسبب بانخفاض أعداد الأسماك، وتراجع حجم الصيد، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، لا سيما في المجتمعات الساحلية التي تعتمد على المصايد كمصدر أساسي للغذاء والدخل.

كما يؤثر تغير المناخ في التجارة البحرية العالمية التي تعتمد على استقرار ظروف المحيطات. إذ تؤدي العواصف المتزايدة إلى تأخير الشحنات، وارتفاع تكاليف التأمين، وتعطل سلاسل التوريد العالمية.

ويواجه قطاع الشحن، الذي يمثل 2.9% من إجمالي الانبعاثات الكربونية العالمية، تكاليف متزايدة لتحقيق إزالة الكربون.

ويشير التقرير الأممي إلى أن الصناعة ستحتاج إلى استثمارات تتراوح بين 8 مليارات و28 مليار دولار سنوياً في التقنيات الخضراء، بالإضافة إلى 90 مليار دولار لتحديث البنية التحتية لدعم الوقود منخفض الانبعاثات. 

وتفرض الاقتصادات النامية تعرفة جمركية بنسبة 14% في المتوسط على المنتجات السمكية المتبادلة فيما بينها، وهي نسبة أعلى بكثير من التعرفة البالغة 3.2% التي تفرضها الدول مرتفعة الدخل.

ويتيح النظام العالمي للأفضليات التجارية (GSTP)، الذي يشمل 42 دولة نامية ويبلغ حجمه 16 تريليون دولار، فرصة محتملة لتخفيف القيود التجارية وتعزيز التعاون.

أخبار ذات صلة

هل ينجح الاقتصاد الأزرق في تحقيق التنمية المستدامة في مصر؟

هل ينجح الاقتصاد الأزرق في تحقيق التنمية المستدامة في مصر؟

نقص التمويل

لا يزال الاقتصاد الأزرق يعاني نقصاً حاداً في التمويل؛ ففي عام 2022، بلغ إجمالي التمويل الموجه إلى الأنشطة البحرية أقل من 3 مليارات دولار، وهو مبلغ أقل بكثير مما هو مطلوب لدعم النمو المستدام وتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

ويتطلب تحقيق الهدف الـ14 من أهداف التنمية المستدامة (الحياة تحت الماء) استثمارات سنوية تُقدَّر بـ175 مليار دولار، إلا أن إجمالي التمويل المقدم منذ عام 2010 لم يتجاوز 30 مليار دولار، مما يجعله الأقل تمويلاً بين أهداف الأمم المتحدة.

في المقابل، تتلقى مصايد الأسماك العالمية نحو 22 مليار دولار سنوياً من الإعانات، يوجه جزء كبير منها لدعم ممارسات غير مستدامة. ويمكن أن يسهم تحويل هذه الإعانات إلى إدارة بحرية مستدامة، إلى جانب تعزيز الاستثمارات عبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص، في سد فجوة التمويل.

سبل الاستدامة

ولضمان استدامة الاقتصاد الأزرق على المدى الطويل، اقترح التقرير اتخاذ إجراءات منسقة في 5 مجالات رئيسة، تشمل دمج القطاعات البحرية في خطط العمل المناخية والتنوع البيولوجي الوطنية لتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية، ووضع معاهدة قانونية ملزمة للحد من التلوث البلاستيكي، وتقليل العوائق التجارية بين الدول النامية لدعم تجارة الأسماك وتوسيع الفرص الاقتصادية. 

كما يتطلب الأمر توسيع نطاق جمع البيانات حول الانبعاثات البحرية والتدفقات التجارية والاستثمارات لدعم صنع القرار القائم على الأدلة، إضافةً إلى إنهاء الإعانات الضارة التي تسهم في الممارسات غير المستدامة، مع تعزيز التمويل عبر الشراكات الاستثمارية لضمان تنمية مستدامة للقطاعات البحرية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC