logo
اقتصاد

الفيدرالي تحت النار: معركة ترامب مع باول تهدد الأسواق العالمية

الفيدرالي تحت النار: معركة ترامب مع باول تهدد الأسواق العالمية
جيروم باول بعد ترشيحه لمنصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حديقة البيت الأبيض في واشنطن العاصمة يوم 2 نوفمبر 2017.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:18 أبريل 2025, 02:56 م

يُثير هجوم الرئيس دونالد ترامب على رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول زلزالاً في أسس السياسة الاقتصادية الأميركية.

بتهديده بإقالة باول وتحدي استقلالية الفيدرالي، يُعرض ترامب التضخم للتصاعد، ويُثير اضطرابات في الأسواق العالمية، ويختبر سابقة قانونية تحمي البنوك المركزية منذ ما يقرب من قرن، مع ارتفاع الأسعار بفعل الرسوم الجمركية وتذبذب الأسواق، يراقب العالم بحذر.

صراع العمالقة

اشتعلت الأزمة في 17 أبريل، عندما هاجم ترامب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، قائلاً: "إنه دائماً متأخر جداً، وبطيء بعض الشيء، ولست راضياً عنه"، وعندما سأله صحفي في المكتب البيضاوي عما إذا كان سيُقيل رئيس البنك المركزي الأميركي، قال ترامب: "إذا أردتُ إقالته، فسيُقال بسرعة، صدقوني"، جاء ذلك بعد خطاب باول في 16 أبريل أمام نادي شيكاغو الاقتصادي، حيث أكد: "تفويضنا قانوني، وليس سياسياً". 

الرهان هنا هو استقلالية الفيدرالي، المكرسة بقرار المحكمة العليا، في قضية «هامفريز إكسيكيوتر» عام 1935، والذي يحمي الوكالات المستقلة من نزوات الرئيس، وهو القرار المتعلق بحكم أعلى محكمة أميركية لصالح ويليام همفري، الرئيس السابق للجنة التجارة الفيدرالية، على قرار الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت بإقالته في عام 1933؛ بسبب معارضة المفوض لسياساته.

تهديدات ترامب تُذكّر أيضاً بتدخلات ريتشارد نيكسون في الفيدرالي، التي أدت إلى التضخم الراكد في السبعينيات.

يتركز الخلاف على السياسة والسلطة، يريد ترامب خفض أسعار الفائدة لتخفيف وطأة الرسوم الجمركية، التي يقدر مختبر الميزانية في جامعة ييل أنها ستكلف الأسر 4900 دولار سنوياً، لكن باول، مع استقرار التضخم عند 2.4% (وفقاً لمكتب إحصاءات العمل، مارس 2025)، يصر على الإبقاء على أسعار الفائدة عند 4.25–4.50% لمنع ارتفاع الأسعار، التوتر يُشظي فريق ترامب: وزير الخزانة سكوت بيسينت يحذر من فوضى الأسواق إذا أُقيل باول، حسب تقرير بوليتيكو.


الرسوم الجمركية والاضطرابات

تُسبب الرسوم الجمركية لعام 2025 —الرسوم الباهظة على الصين والمكسيك وكندا— هزات في الأسواق، في 17 أبريل، انخفض مؤشر داو جونز 603 نقاط من الافتتاح إلى الإغلاق، مع تقلبات يومية اقتربت من 795 نقطة (ياهو فاينانس)، تكبدت شركة إنفيديا خسارة قدرها 5.5 مليار دولار بسبب إلغاء طلبات شرائح بفعل تشديد أميركا قيود التصدير إلى الصين، وفقاً لـNPR، هذه الاضطرابات تؤجج مخاوف باول من التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، التي تتوقع ييل أن ترفع الأسعار بنسبة 3%.


عالمياً، التداعيات واضحة، تقلبات هزت أسواق آسيا وأوروبا، حسب CNN Business، مع استعداد المستثمرين لردود فعل تجارية، تتوقع غولدمان ساكس وجيه بي مورغان أن تُقلص الرسوم الجمركية نمو الناتج المحلي الأميركي بنسبة 0.5–0.9 نقطة مئوية، بينما يظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.2% (BLS، مارس 2025)، ليست أميركا وحدها: كندا والمكسيك، شريكتان تجاريتان رئيستان، تدرسان تدابير مضادة.

المغامرة القانونية

يستهدف حلفاء ترامب قرار هامفريز إكسيكيوتر، الذي يحد من سلطة الرئيس في عزل رؤساء الوكالات دون سبب، إقالات حديثة في لجنة التجارة الفيدرالية ومجلس العمل الوطني تشير إلى هجوم أوسع، رغم عدم ظهور قضية محددة ضد الفيدرالي أمام المحكمة العليا، إذا نجح هذا التحدي، قد يُعاد تشكيل المشهد المؤسسي الأميركي، ما يمنح الرؤساء نفوذاً غير مسبوق على السياسة النقدية.
أصوات الحذر
أثارت المخاطر تحذيرات حادة، قالت السيناتور إليزابيث وارن لـCNBC في 17 أبريل إن إقالة باول "ستُنهار الأسواق"، ويجادل بريت هاوس من جامعة كولومبيا بأن الرسوم الجمركية "سترفع التضخم وتُقيد يدي الفيدرالي" (كلية كولومبيا للأعمال، 9 أبريل)، حتى بيسينت، المعين من ترامب، يحث على ضبط النفس لتجنب الخراب المالي.

ما التالي؟

ثلاثة مسارات تلوح في الأفق. أولاً، قد يتراجع ترامب تحت ضغط الأسواق ومعتدلين مثل بيسينت، محافظاً على استقلالية الفيدرالي لكنه يؤخر خفض الأسعار. ثانياً، مواجهة قانونية بشأن إقالة باول قد تُشل الأسواق، مع توتر المستثمرين العالميين بالفعل. ثالثاً، تصعيد الحروب التجارية قد يُحفز رسوماً انتقامية، ما يُعمق عدم اليقين الاقتصادي. يُقال إن بنك كندا والبنك المركزي المكسيكي يُعدان خطط طوارئ.

توازن هش 

استقلالية الفيدرالي ليست مجرد نزاع في واشنطن، بل هي حصن ضد التدخل السياسي الذي استقر الاقتصادات عالمياً، رسوم ترامب الجمركية، رغم شعبيتها، تُهدد بتضخيم التكاليف واستعداء الحلفاء، تصميم باول، وإن كان مبدئياً، قد لا يصمد أمام البيت الأبيض، مع اقتراب المعارك القانونية وتذبذب الأسواق، ستتردد النتائج بعيداً عن حدود أميركا.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC