logo
اقتصاد

التضخم في أميركا.. خطيئة الرؤساء أم أزمة حتمية؟

التضخم في أميركا.. خطيئة الرؤساء أم أزمة حتمية؟
أشخاص يتسوقون داخل مركز "كينغ أوف بروسيا" في بنسلفانيا، الولايات المتحدةالمصدر: رويترز
تاريخ النشر:3 يوليو 2024, 03:41 م

شهدت المناظرة الرئاسية الأميركية الأخيرة، بين الرئيس الأميركي، جو بايدن، وسابقه دونالد ترامب، تبادل المرشحين للرئاسة الانتقادات المتعلقة بالاقتصاد، والتي شملت ارتفاع معدلات التضخم في فترة (كوفيد 19).

وقال ترامب عن بايدن: "لقد تسبب في التضخم. لقد أعطيته دولة خالية من التضخم بشكل أساس"، وفقًا لتقرير شبكة "سي إن بي سي" الأميركية.

ورد بايدن بأن التضخم كان منخفضًا خلال فترة ترامب؛ لأن الاقتصاد "كان في حالة ركود"، مضيفًا: "لقد دمر الاقتصاد، دمر الاقتصاد تمامًا".

أما عن قناعاتهما حول أدائهما الشخصي، قال بايدن وترامب إنهما ليسا مسؤولين عن قدر كبير من التضخم الذي شهده المستهلكون خلال السنوات الأخيرة.

"براءة من التضخم"

إلى ذلك، اعتبر ديفيد ويسل، مدير مركز هاتشينز للسياسة المالية والنقدية في مؤسسة بروكينغز، أن "الإجابة عن هذا السؤال بسيطة، وتتلخص في نعم أو لا. وبشكل عام، يحصل الرؤساء على قدر أكبر من الفضل واللوم فيما يتعلق بالاقتصاد مما يستحقونه".

وقال خبراء اقتصاديون إن الأحداث العالمية - السبب الرئيس - التي تقع خارج سيطرة ترامب أو بايدن أحدثت فوضى في ديناميكيات العرض والطلب في الاقتصاد الأميركي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

الخبراء أردفوا أنه بالنظر إلى بايدن، فقد تولّى منصبه في أوائل العام 2021، في الوقت الذي ارتفع فيه التضخم بشكل ملحوظ.

وعلى نحو مماثل، دفع وباء كوفيد-19 الولايات المتحدة إلى ركود حادٍ خلال فترة ترامب، مما أدى إلى انخفاض مؤشر أسعار المستهلك إلى ما يقرب من الصِفر في ربيع العام 2020 مع ارتفاع معدلات البطالة، وخفض المستهلكين للإنفاق.

ومن جانبه، قال مارك زاندي، كبير خبراء الاقتصاد في موديز أناليتيكس: "من وجهة نظري، لا يتحمل ترامب ولا بايدن اللوم على التضخم المرتفع. اللوم يقع على الوباء والحرب الروسية في أوكرانيا".

الأسباب الرئيسة 

وبالنظر إلى تعريف التضخم، فإن له أذرعاً عديدة، والتضخم الساخن هو في الأساس قضية تتعلق بعدم التطابق بين العرض والطلب.

وفي فترة الجائحة، انقلبت الديناميكيات التقليدية رأسًا على عقب. فمن ناحية، أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية.

ومن ناحية أخرى، كان هناك نقص في العمالة؛ إذ أدى المرض إلى تهميش العمال، وأغلقت مراكز رعاية الأطفال، مما جعل من الصعب على الآباء العمل. 

وكان آخرون قلقين بشأن الإصابة بالمرض أثناء العمل، كما لفت خبراء الاقتصاد إلى أن انخفاض الهجرة أدى أيضًا إلى تقليص العرض من العمال.

على سبيل المثال، أغلقت الصين المصانع، ولم تتمكن سفن الشحن من تفريغ حمولاتها في الموانئ، مما أدى إلى تقليل إمدادات السلع.

وفي الوقت نفسه، غيّر المستهلكون أنماط الشراء الخاصة بهم، إذ اشتروا المزيد من الأشياء المادية مثل أثاث غرفة المعيشة والمكاتب لمكاتبهم المنزلية لأنهم قضوا المزيد من الوقت في الداخل.

ويمثل هذه النمط الاستهلاكي انحرافًا عن المعايير التي كانت سائدة قبل الوباء، عندما كان الأميركيون يميلون إلى إنفاق المزيد من الأموال على خدمات، مثل: تناول الطعام في الخارج، والسفر، والذهاب إلى السينما، والحفلات الموسيقية.

وأدى الطلب المرتفع - الذي ازدهر عندما أعيد فتح الاقتصاد الأميركي على نطاق واسع - إلى جانب نقص السلع إلى ارتفاع الأسعار.

أسباب إضافية 

ويسل أشار أيضًا إلى أنه لم يكن لدى شركات صناعة السيارات ما يكفي من رقائق أشباه الموصلات اللازمة لبناء السيارات، في حين باعت شركات تأجير السيارات أساطيلها؛ لأنها لم تعتقد أن الركود سيكون قصير الأجل، مما جعل استئجار السيارات أكثر تكلفة عندما انتعش الاقتصاد بسرعة. 

وقال زاندي إنه مع وصول حالات الإصابة بفيروس كورونا إلى مستويات قياسية في العام 2022، أدى إلى مزيد من تعطيل سلاسل التوريد، كما أن الحرب الروسية في أوكرانيا "أدت إلى زيادة" التضخم من خلال تأجيج أسعار السلع الأساسية، مثل: النفط (والبنزين)، والأغذية، في جميع أنحاء العالم.

ونتيجة لذلك، شهد الاقتصاد العالمي ارتفاع معدل التضخم إلى مستوى "أعلى مما شهدناه منذ عدة عقود"، وهو ما أقر به صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2022.

وفي غضون ذلك، كتب ستيفن براون، نائب كبير خبراء الاقتصاد في أميركا الشمالية لدى كابيتال إيكونوميكس: "نحتاج فقط إلى النظر إلى معدلات التضخم المرتفعة في أغلب الاقتصادات المتقدمة الأخرى لنرى أن معظم فترة التضخم هذه كانت في واقع الأمر مرتبطة بالاتجاهات العالمية، وليس بالإجراءات السياسية المحددة التي اتخذتها أي حكومة بعينها (رغم أنها لعبت بطبيعة الحال بعض الدور)".

بعض الأخطاء

ومع ذلك، فإن لدى بايدن وترامب بعض الأخطاء، فعلى سبيل المثال، قال خبراء الاقتصاد إنهما أعطيا الضوء الأخضر للإنفاق الحكومي الإضافي في عصر الوباء والذي ساهم في التضخم، فضلاً عن دور بعض الحزم المعلنة من جانبهما.

كما اعتبر الخبراء أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي يتحملون أيضًا بعض المسؤولية عن التضخم، إذ يرون أنه كان بطيئًا في بداية رفع الفائدة، فقد رفعها لأول مرة في مارس 2022، بعد عام تقريبًا من بدء ارتفاع التضخم.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC