تُظهر الصين تريثًا في اتخاذ تدابير تحفيزية جديدة، رغم استعدادها لخطط التحفيز لهذا العام. فهي تُفضل الحفاظ على هدوئها مع الرهان على تراجع الولايات المتحدة في حرب تجارية طويلة الأمد.
وكان المكتب السياسي، الهيئة العليا في الحزب الشيوعي، قد تعهد يوم الجمعة، بدعم الشركات والعمال المتأثرين بشدة من الرسوم الجمركية الأمريكية المرتفعة على المنتجات الصينية، دون الإعلان عن أي نفقات إضافية.
أدى قرار عدم ضخ تحفيزات جديدة إلى خيبة أمل بين المستثمرين، مما تسبب في انخفاض بنسبة 3% في أسهم الشركات العقارية الصينية اليوم الاثنين، رغم الجهود الرسمية لتهدئة الأسواق في ظل التباطؤ الكبير في النمو.
لقد بدأت بكين بالفعل في تسريع وتيرة التحفيز، وهو ما يمكنها الاستمرار فيه خلال الأشهر القادمة لتقليص الخسائر، على الأقل مؤقتًا، من فقدان أكبر عملائها، وفقًا للمحللين والمستشارين السياسيين.
عدم اتخاذ تدابير جديدة لا يعني أن الصين قد تخلت عن طموحاتها في تحقيق نمو قوي هذا العام، مثل نمو بنسبة 5% الذي تحقق في العام الماضي. بل يعكس ذلك رغبتها في الحفاظ على مرونتها في مواجهة الحرب التجارية التي تقودها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وكانت الصين قد بدأت في تنفيذ خطط التحفيز المقررة لعام 2025 في وقت مبكر، ومن المتوقع أن يستمر هذا التحفيز.
وفي الربع الأول من العام، ارتفعت النفقات العامة بنسبة 4.2% على أساس سنوي، بينما تراجعت الإيرادات بنسبة 1.1%، مما أدى إلى عجز مالي قدره 1.26 تريليون يوان (173 مليار دولار)، وهو رقم قياسي في بداية العام، وفقًا للبيانات الرسمية.
وفي الوقت ذاته، أصدرت الحكومات المحلية ما يقارب تريليون يوان من السندات الجديدة خلال هذه الفترة، بزيادة تقارب 60% مقارنة بالعام الماضي. كما كثف البنك المركزي الصيني قروضه للمستثمرين المدعومين من الدولة لدعم سوق الأسهم.
وصلت زيادة التمويل الاجتماعي الإجمالي، وهو مقياس واسع للائتمان والسيولة، إلى أعلى مستوى في عشرة أشهر في مارس بنسبة 8.4%، وفقًا للبنك المركزي.
وبلغت القروض الجديدة الممنوحة للمؤسسات غير المصرفية 284.4 مليار يوان في فبراير، وهو ثاني أعلى مستوى منذ ذروة 886 مليار يوان في يوليو 2015، في أثناء آخر أزمة كبرى في سوق الأسهم الصينية. وقد تراجعت هذه القروض في مارس، لكن المحللين يتوقعون انتعاشًا في أبريل.
ويرى المستشارون السياسيون أن هناك إمكانية لوجود تدابير إضافية إذا دعت الحاجة. وذكر بيان المكتب السياسي أيضًا احتمالية إجراء تخفيضات في أسعار الفائدة وزيادة السيولة، مثل خفض نسبة الاحتياطات الإلزامية للبنوك. ومع ذلك، قال مصدر مقرب من بنك الشعب الصيني إن المؤسسة ليست في عجلة من أمرها للتصرف، نظرًا لأن تأثير الرسوم الجمركية لا يزال غير مؤكد.
وقال المصدر: «البيئة الخارجية تتغير بسرعة»، مضيفًا: «إذا تدهورت المؤشرات في الأشهر المقبلة، فإن البنك المركزي سيطرح بلا شك تحفيزات نقدية جديدة».
وتبنت إدارة ترامب الأسبوع الماضي نبرة أكثر تسامحًا، ووصفت الرسوم الجمركية بأنها غير قابلة للاستدامة، وأعربت عن استعدادها للنظر في خفض التصعيد في الحرب التجارية. لكن الصين تبدو مصممة على مواقفها، حيث نفت تصريحات ترامب التي تشير إلى أن المفاوضات جارية، ودعت واشنطن إلى رفع الرسوم.
ويتوقع محللو مورغان ستانلي أيضًا تدابير تتراوح بين 1 إلى 1.5 تريليون يوان في النصف الثاني من العام، وهو ما لن يعوض تمامًا تأثير الرسوم الجمركية.