عندما جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرؤساء التنفيذيين لبعض شركات صناعة السيارات الكبرى في البلاد في مكالمة في وقت سابق من هذا الشهر، أصدر تحذيرًا لهم بعدم رفع أسعار السيارات بسبب الرسوم الجمركية.
وقال ترامب للمديرين التنفيذيين إن البيت الأبيض سينظر إلى مثل هذه الخطوة بشكل غير موات، ما جعل بعضهم في حالة من الذعر والقلق من مواجهتهم للعقوبات إذا زادوا الأسعار، حسبما ذكرت «وول ستريت جورنال».
بدلاً من ذلك، قال ترامب إنه ينبغي عليهم أن يكونوا ممتنين لإلغائه ما أسماه بـ«تفويض الرئيس جو بايدن للسيارات الكهربائية»، والذي تضمن دعمًا ومتطلبات انبعاثات لتشجيع إنتاج السيارات الكهربائية.
وقال شخصان شاركا في مكالمة مع الرئيس الأميركي إنه عرض مطولاً كيفية استفادتهم الفعلية من الرسوم الجمركية، مضيفين أنه يعيد التصنيع إلى الولايات المتحدة، وأنه أفضل لصناعتهم من الرؤساء السابقين، وفق «وول ستريت جورنال».
أعلن ترامب يوم الأربعاء فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع المركبات وقطع الغيار المستوردة ابتداءً من 2 أبريل، وهي خطوة من شبه المؤكد أنها ستجبر شركات صناعة السيارات الأميركية على رفع أسعارها على العملاء.
وقال ترامب في هذا الحدث: «ستشهدون انخفاض الأسعار، ولكن هذا الانخفاض سوف يحدث؛ لأنهم سوف يشترون ما نقوم به؛ ما يحفز الشركات - وحتى البلدان - على القدوم إلى أميركا».
تعتمد معظم شركات صناعة السيارات على قطع غيار ومواد من دول أخرى لتصنيع سياراتها، بما في ذلك المركبات المُجمّعة في الولايات المتحدة.
واتسمت علاقة ترامب بشركات صناعة السيارات بالتوتر منذ توليه منصبه؛ ما يُظهر أحد التحديات التي تواجه سياسته الاقتصادية حتى الآن.
ويسعى الرئيس إلى كبح جماح التضخم، إذ يقول الخبراء إن مخاوف الناخبين بشأن غلاء المعيشة ساهمت في فوزه العام 2024، وهي الآن إحدى أبرز نقاط ضعفه، في حين يفرض رسومًا جمركية على قطاعات مثل صناعة السيارات، ويقول إنها ستُعيد صياغة النظام التجاري الأميركي.
أوضحت شركات صناعة السيارات وموردي الصناعة في ديترويت، على وجه الخصوص، أنه لا خيار أمامهم سوى رفع الأسعار في مواجهة الرسوم الجمركية.
وقد تستغرق إعادة المزيد من المصانع إلى الولايات المتحدة - وهو أحد مبادئ استراتيجية ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية - سنوات حتى تتمكن شركات السيارات من تحقيق ذلك.
كتب راي سكوت، الرئيس التنفيذي لشركة لير لتوريد قطع الغيار، في رسالة بريد إلكتروني موجهة إلى الموظفين يوم الثلاثاء: «لا يمكن تعويض أو استيعاب الرسوم الجمركية، مهما كان مستواها. سيكون من الضروري اتباع نهج شامل على مستوى الصناعة للتخفيف من آثارها»، وفق صحيفة وول ستريت جورنال.
في الوقت الحالي، يخزّن التجار كميات من السيارات الجديدة تكفي شهرين إلى ثلاثة أشهر؛ ما يعني أن تأثير الرسوم الجمركية قد لا يبدأ بالظهور حتى مايو. وفي تلك المرحلة، قد ترتفع أسعار السيارات بنسبة 11% إلى 12% لتعويض الرسوم، وفقًا لمحللي مورغان ستانلي في مذكرة صدرت يوم الخميس.
وليس واضحًا ما الذي يمكن أن تفعله إدارة ترامب إذا رفعت شركات صناعة السيارات أسعارها. فقد استهدف ترامب شركات المحاماة غير المرغوب فيها بأوامر تنفيذية، وتعتمد شركات صناعة السيارات على الجهات التنظيمية الفيدرالية للحصول على الموافقات الحاسمة.
داخل إدارة ترامب، كان التضخم مصدر قلق بين الفريق الاقتصادي لترامب، حتى لو كان نادراً ما يتناوله علناً.
وقال مات بلانت، رئيس مجلس سياسة السيارات الأميركية، الذي يمثل جنرال موتورز وستيلانتس، الشركة الأم لجيب، وفورد: «من الصعب أن نرى كيف أن الرسوم الجمركية المفروضة بمرور الوقت لن يكون لها تأثير في الأسعار».
بدوره، قال كوش ديساي، المتحدث باسم ترامب، إن «استعادة النشاط الاقتصادي، وإعادة ترسيخ هيمنة الصناعة الأميركية، ووضع الشعب الأميركي في المقام الأول، هي المصالح الوحيدة التي توجه قرارات الرئيس ترامب»
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد نشرت سابقًا خبرًا عن وجود مكالمة هاتفية بين ترامب والرؤساء التنفيذيين لشركات السيارات.
ولطالما كان القلق بشأن ارتفاع الأسعار مثار تردد دائم لدى المسؤولين التنفيذيين الآخرين الذين التقوا بترامب، في محاولتهم ثنيه عن فرض رسوم جمركية كبيرة.
وجادل مسؤولون تنفيذيون في قطاع النفط والغاز من معهد البترول الأميركي بأن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ارتفاع سعر البنزين، لا سيما في الغرب الأوسط.
ويقول أشخاص مطلعون على تفكير ترامب إنه من المرجح أن يفرض القليل من التعريفات الجمركية، إن وجدت، على قطاع الطاقة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تلك المخاوف.
على مدى عدة أسابيع، كانت شركات السيارات الكبرى وموردي الشركات الصغيرة في مختلف أنحاء الصناعة تعمل بحماس للاستعداد لأي تداعيات للرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب.
أحد المسؤولين التنفيذيين في إحدى شركات صناعة السيارات عبروا عن حيرتهم إزاء الرغبة في فرض الرسوم الجمركية، ولكن أيضًا إخبار شركات السيارات بأنهم لا يستطيعون رفع الأسعار، وفق «وول ستريت جورنال».
وقال المدير التنفيذي: «ستُظهر الحسابات أن هذا سيكلفنا مليارات الدولارات. فمن سيدفعها إذًا؟»
أبلغت شركات صناعة السيارات تجار التجزئة لديها بالضغوط الهائلة التي يتعرضون لها. وفي وقت سابق من هذا الشهر، صرحت شركة ستيلانتيس بأن الرسوم الجمركية البالغة 25% على البضائع الواردة من كندا والمكسيك تُصب في مصلحة المنافسين الآسيويين والأوروبيين، وأرسلت بريدًا إلكترونيًا إلى التجار الأميركيين يتضمن نقاطًا للنقاش لمشاركتها مع المشرّعين.