logo
اقتصاد

«اتفاق المركزي».. هل ينهي تدهور الدينار الليبي؟

«اتفاق المركزي».. هل ينهي تدهور الدينار الليبي؟
ليبيون داخل مصرف في مدينة مصراتة لسحب ودائعهم بعد نشوب أزمة البنك المركزي- 25 أغسطس 2024 المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:26 سبتمبر 2024, 11:09 ص

اتفاق أممي ليبي أوّلي أنهى مؤقتاً أزمة المصرف المركزي، عدَّه محللون ضمن مساعي وقف نزيف الاقتصاد، ولا سيما العملة المحلية التي تلقت ضربات متوالية أمام الدولار جعلتها تكسر حاجز الـ 8 دنانير في أكبر زيادة منذ العام 2011، مقترباً من تحذيرات سابقة لرئيس البرلمان عقيلة صالح بأنها قد تتجاوز الـ 10 دنانير.

الاتفاق الذي يدفع أزمة إغلاقات النفط المرتبطة به، إلى انفراجة وفق خبراء تحدثوا لـ«إرم بزنس» بينهم مسؤول ليبي حالي، مشترطين أهمية تنفيذ الاتفاق وتسليم قيادة المصرف في «أسرع وقت» وفتح الاعتمادات لتعزيز الهبوط التدريجي للدولار أمام الدينار وخفض الارتفاعات في السلع جراء أزمة المصرف التي دخلت أسبوعها الخامس.

وكشفت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في بيان الأربعاء، أنه في «ختام جولة جديدة من المشاورات التي تيسرها البعثة لمعالجة أزمة مصرف ليبيا المركزي، توصل ممثلا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة اليوم إلى تسوية بشأن تعيين قيادة جديدة للمصرف»، دون مزيد من التفاصيل.

ووفق بيان البعثة «وقع الطرفان بالأحرف الأولى على اتفاق بشأن الإجراءات والمعايير والجداول الزمنية لتعيين محافظ ونائب محافظ ومجلس إدارة لمصرف ليبيا المركزي، على أن تقام حفل توقيع (اليوم) الخميس بحضور عدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية في ليبيا».

ونقلت وكالة الأنباء الليبية الأربعاء، عن مصادر إعلامية أنباء بشأن اتفاق على تكليف «ناجي عيسى» محافظاً للمركزي و«مرعي البرعص» نائباً له، ويشغل الأول منصب مدير إدارة الإصدار بالمصرف المركزي منذ سنوات.

ورحب النائب بالمجلس الرئاسي، موسى الكوني، في بيان، الأربعاء، بالتوصل لاتفاق، مؤكداً أن «المحافظة على وحدة المصرف وممارسة مهامه بشكل انسيابي ومهني يساهم في استقرار الوضع الاقتصادي للبلاد».

ورصد العضو السابق في لجنة تعديل سعر الصرف بمصرف ليبيا المركزي، مصباح العكاري، مساء الأربعاء، عبر صفحته بفيسبوك سعر الدينار أمام الدولار بالسوق الموازي بعد الصعود وبدء التراجع والاتفاق قائلا: «8.22 دينار، 7.86 دينار، 7.42 دينار، 7.26 دينار»، متوقعاً مزيداً من الانخفاض. 

ومقابل سعر رسمي بالبنوك، 4.74 دينار، الخميس، سجل في السوق الموازي 7.30 دينار بالمتوسط، وفق إعلام ليبي.

جذور أزمة المركزي

ومنذ منتصف أغسطس، نشب خلاف بين السلطتين المتنافستين في ليبيا، عندما قرر المجلس الرئاسي إقالة محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، في خطوة رفضها كل من مجلس النواب في بنغازي والمجلس الأعلى للدولة في طرابلس، فيما أعلنت الحكومة المكلفة برئاسة أسامة حماد وقف كل عمليات إنتاج النفط وتصديره «حفاظاً على المال العام ورفضاً للقرار».

وليبيا تعتمد على نحو 95% من احتياجاتها للطاقة من النفط والغاز، ويمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي، إذ يشكل قرابة 96% من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98% من إيرادات خزينة الدولة، وأدت إغلاقات النفط المتكررة منذ 2011، إلى خسائر تصل إلى نحو 100 مليار دولار، وفقاً للإحصاءات الرسمية.

وعقب الأزمة، شهدت صادرات النفط الليبية انخفاضاً حاداً بنسبة تزيد على 60% خلال سبتمبر الجاري، لتصل إلى 400 ألف برميل يومياً من 1.02 مليون برميل يومياً في أغسطس، بخسائر نفطية، مقدرة وفق أحدث بيانات للمؤسسة الوطنية للنفط في أواخر أغسطس، بمليون و504 آلاف برميل، بإجمالي 120 مليوناً و378 ألفاً و640 دولاراً، في 3 أيام وقتها.

أخبار ذات صلة

اتفاق بين طرفي الصراع في ليبيا على تعيين محافظ جديد للبنك المركزي

اتفاق بين طرفي الصراع في ليبيا على تعيين محافظ جديد للبنك المركزي

 

ووسط ارتفاع أسعار السلع والدولار، أعلن محافظ مصرف ليبيا المركزي المقال، الصديق الكبير الذي غادر ليبيا عقب الأزمة، أن المصارف الدولية كلها أوقفت التعامل مع المصرف بسبب الأزمة، وفق ما أوردته وكالة «رويترز» في 13 سبتمبر الجاري، قبل أن تنفي إدارة المركزي الجديدة ذلك في بيان وقتها. 

ووسط استمرار تلك الارتفاعات، حذر وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، محمد الحويج، في مؤتمر صحفي في 22 سبتمبر من تداعيات الأزمة قائلاً إن «الدولار أصبح كأنه سلعة، ولا يجوز أن نحول العملة إلى تجارة»، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الليبية الرسمية تزامناً مع إعلانها أن سعر الدولار سجل 8.14  دينار، وتأكيد أن «سوق العملة يشهد اضطراباً ملحوظاً وارتفاعاً متزايداً منذ أزمة مصرف ليبيا المركزي».

وقبل 3 أيام، حذر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، من أن الأزمة «ستتسبب في ارتفاع حاد لسعر صرف الدولار، الذي قد يتجاوز 10 دنانير، ما لم تحل الأزمة وتعود الأمور لوضعها الطبيعي». 

انفراجة مشروطة

وفي حديث لـ«إرم بزنس»، قال وزير الدولة لشؤون الاقتصاد السابق، سلامة الغويل: إن «إقفال المركزي عطّل الاستيراد بسبب عدم توفر العملة الصعبة، ورأينا ارتفاعاً بالأسعار ونقصاً بالسلع، وتراجعت قيمة العملة أمام الدولار إلى 8 دنانير وكان متوقعاً أن يتجاوز 10».

وباعتقاد الغويل الذي يرأس حالياً مجلس المنافسة ومنع الاحتكار الليبي، فإن «الاتفاق قد يدعم الاستقرار النقدي ويعالج الارتفاعات ويوقف الانهيارات بالعملة، حال تم تنفيذه سريعاً ودون أي عراقيل أو أزمات، وإلا العملة ستضرر أكثر».

ويتفق معه الخبير الاقتصادي الليبي، خالد بوزعكوك، في حديث لـ«إرم بزنس»، معتقداً أن الاتفاق «سينعكس إيجابياً على سعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار»، مشيراً إلى أنه ينتظر بعد توقيع الاتفاق تسليم قيادة المصرف وسرعة تعاون المصارف الدولية. 

و«حال حدوث تلك الأمور بسلاسة وسرعة لا سيما في تسليم قيادة المصرف»، وفق بوزعكوك، فستكون هناك «انفراجة في ضوء ذلك ولكن ليست سريعة في سعر الصرف وسنرى الدولار يتأرجح بين 7 إلى 8 دنانير وسنتفادى صعوده، وذلك لحين ضخ سيولة جديدة وفتح الاعتمادات وتوفير العملة الصعبة للاستيراد».

أخبار ذات صلة

تراجع صادرات ليبيا النفطية نحو 60% في سبتمبر بسبب الأزمة السياسية

تراجع صادرات ليبيا النفطية نحو 60% في سبتمبر بسبب الأزمة السياسية

 

وكان المستثمرون في ليبيا أحد أكبر أضلاع المتضررين من أزمة «المصرف المركزي» مع عدم توفر عملة صعبة، وقال المستثمر الليبي حسني بي، في حديث لـ«إرم بزنس»: إن «الأزمة قديمة وتتكرر للعام العاشر على التوالي ما يؤدي لاستمرار انخفاض في قيمة الدينار الذي فقد خلال السنوات العشرة أكثر من 82.5% من قيمته الحقيقية مقارنة بالدولار ببلد جل إيراداته الحكومية من دولارات النفط، ما تسبب في انزلاق الدينار من 1.4 للدولار إلى ما يقارب 8 دنانير».

وبعد الإعلان الأممي، «نرى تحسناً ملحوظاً بأداء الدينار الليبي بالأسواق مع انتعاش قيمة الدينار ما يقارب 8% إلى سعر 7.260 دينار للدولار (حتى مساء الأربعاء)»، وفق حسني بي، الذي يرى أن الاتفاق بحاجة إلى ترجمة وتنفيذ في أسرع وقت لعلاج أزمة العملة والاستيراد.

وبخلاف البدء في حل أزمة المركزي، لمنع تجاوز الدولار حاجز 10 دنانير، يضيف حسني بي أن «أزمة نقص السيولة والعملة قديمة متجددة، سببها قرارات نقدية وسببها الرئيس هو تمويل الميزانية بالعجز، الذي ينتج عنه ارتفاع عرض النقود، والتسبب في التضخم وانهيار الدينار، وخلق فرص المضاربة على سعر الصرف في السوق الموازي».

ويوضح أن «السوق الحقيقي هو قيمة الدولار بالسوق الموازي، لذلك أي ارتفاع للدولار بالسوق إن كان من أجل المضاربة أو واقع حقيقي لقيمته؛ يؤثر في معدل عام أسعار الخدمات والمواد»، محذراً من أن عدم التعجيل بتنفيذ سريع وفعال للاتفاق الأممي لن يدعم الاستقرار النقدي المأمول، وستقود المضاربات الدولار ليتجاوز 10 دنانير».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC