تعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بتخفيض تكاليف الطاقة والكهرباء إلى النصف خلال 18 شهراً من توليه المنصب، فيما يعمل فريقه الانتقالي حالياً على وضع استراتيجية لتحقيق هذا الهدف، وفق تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
وأوضح التقرير أن مستشاري ترامب يعتقدون أنه يمكن خفض الأسعار من خلال تعزيز إنتاج النفط والغاز، الذي يسجل بالفعل مستويات قياسية في الولايات المتحدة.
وأفادت الصحيفة بأن الحد الأدنى للسعر الذي يمكن لشركات النفط أن تحفر عنده دون تكبد خسائر يتراوح ما بين 45 و50 دولاراً للبرميل، في حين يبلغ سعر البرميل حالياً قرابة 70 دولاراً.
وأشارت إلى أن حوالي 40% من أسعار الكهرباء تتكون من تكاليف التوزيع والنقل التي لا تتغير مع السياسات الجديدة.
ووفقاً للمحللين، فإن تعهد ترامب بتعزيز صادرات الغاز الطبيعي المسال قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار محلياً، فإذا كانت الدول الأوروبية أو الآسيوية على استعداد لدفع سعر أعلى للغاز الأميركي، فإن ذلك قد يرفع الأسعار المحلية، مما ينعكس في فواتير كهرباء أعلى.
في الأثناء، كشف مصدران مطلعان عن استعداد الفريق الانتقالي لترامب، منح تراخيص لمشروعات جديدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، وزيادة التنقيب عن النفط لمدة خمس سنوات في المياه القريبة من السواحل الأميركية، وفي الأراضي الاتحادية.
وتعكس هذه الجاهزية حزمة واسعة النطاق في مجال الطاقة سيتم طرحها خلال أيام من تولي ترامب المنصب. وبحسب المصدرين، فإن الحزمة تتعلق بالوعود التي قطعها ترامب خلال حملته الانتخابية. لكن تنفيذ هذه الحزمة منذ اليوم الأول له في المنصب يؤكد أن إنتاج النفط والغاز سيكون من أولويات جدول أعماله، تماماً مثل قضية الهجرة.
كما سيسعى الرئيس المنتخب إلى الموافقة على خط أنابيب «كيستون» لنقل النفط الخام الكندي إلى الولايات المتحدة، والذي كان محل خلاف، وتوقف بعد تولي الرئيس الأميركي جو بايدن المنصب في أول يوم له، حيث ألغى ترخيصاً مهماً للمشروع.
وذكر المصدران أن ترامب يعتزم إلغاء بعض التشريعات واللوائح الرئيسة المتعلقة بالمناخ، والتي أصدرها الرئيس الحالي جو بايدن، مثل الإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية ومعايير محطات الطاقة النظيفة الجديدة التي تهدف إلى التخلص التدريجي من الفحم والغاز الطبيعي.
وأضافا أن من ضمن الأولويات المبكرة إلغاء الوقف المفروض على تراخيص التصدير الجديدة للغاز الطبيعي المسال، الذي فرضه بايدن، والتحرك بسرعة للموافقة على التراخيص المعلقة.
لم تكن وعود ترامب، وليدة اللحظة، بل هي جزء من وعوده في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية، والتي تتضمن خفض الأسعار مرة أخرى، حيث يتوق الشعب الأميركي إلى العودة إلى ما كانت عليه الأسعار قبل جائحة كوفيد-19، وهو ما اعتبره الاقتصاديون حينها وعوداً غير واقعية، وفقاً لتقرير نشرته شبكة (CNN) الأميركية.
ومع أن الحكومة الفيدرالية قد تساعد في التأثير على أسعار بعض السلع والخدمات، إلا أن انخفاض الأسعار على نطاق واسع ليس بالأمر السهل، كما يرى الخبير الاقتصادي في جامعة ميشيغان، جاستن وولفيرز، في حوار مع الشبكة الأميركية، قائلاً: «لا شك أن هذا ما يريد الناس سماعه. لكن بلا شك، هذا غير واقعي».
وأضاف وولفيرز أن محاولة إبطاء معدل التضخم ليجعل الأسعار ترتفع بوتيرة أكثر تدريجية أمر مختلف، وهذا هو بالضبط ما كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يعمل على القيام به خلال العامين الماضيين.
من جهته، يرى الكاتب الأميركي ليام دينينغ، المختص بشؤون الطاقة والتعدين والسلع، أن التجارب السابقة تشير إلى نتائج سلبية في عام 2025، سواء للمستهلكين أو لصناعة النفط. وعلى مر التاريخ، كانت لترامب وعود مشابهة، فسجل البعض منها في تصريحات مثيرة للجدل، مثل تغطية الجدار الحدودي بالألواح الشمسية، الذي اعتبره وسيلة لتمويل تكلفته الباهظة بطريقة ما.
وبحسب دينينغ، فإن تعهده بخفض أسعار الطاقة، رغم افتقاره إلى الواقعية، يعد وسيلة فعّالة لإعادة تسليط الضوء على قضية التضخم، التي كانت من العوامل الرئيسة التي ساهمت في استياء الناخبين من إدارة جو بايدن. ووفقاً لما نقلته «بلومبرغ» عن الكاتب، فإن الرؤساء لا يمتلكون نفوذاً كبيراً في تحديد أسعار الطاقة، ما يدفع مختصين إلى التركيز على توفير خيارات للمواطنين الأميركيين لتقليل تعرضهم لتقلبات تكاليف الطاقة، بما في ذلك الآثار الجانبية مثل انبعاثات الكربون.
ويشمل هذا التركيز أيضاً تعزيز كفاءة الطاقة ودعم التقنيات البديلة مثل السيارات الكهربائية والمضخات الحرارية. وخلص الكاتب الأميركي في مقالته إلى أن الحلول الواقعية تكمن في تعزيز كفاءة الطاقة ودعم التقنيات البديلة، بينما يركز ترامب على وعود غير واقعية.
من جانبها، تُصر حكومة ترامب على الوفاء بالوعود التي قطعتها، حيث قالت كارولين ليفات، المتحدثة باسم ترامب، في بيان: «إن الشعب الأميركي يمكنه الاعتماد على الرئيس ترامب، لأنه سيستخدم سلطته التنفيذية من أول يوم في المنصب لتنفيذ كافة تعهداته التي قطعها خلال حملته الانتخابية».
وأضافت ليفات أن العديد من بنود الخطة تحتاج إلى وقت لإقرارها عبر الكونغرس أو الجهات التنظيمية في البلاد. وكان ترامب قد تعهد بإعلان حالة الطوارئ في مجال الطاقة، مما سيختبر قدرته على تجاوز العقبات وفرض التغييرات بناءً على جدول زمني سريع، حسبما نقلت وكالة رويترز.
وكان ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي عن اختياره كريس رايت لشغل منصب وزير الطاقة في إدارته الجديدة التي ستتسلم السلطة في 20 يناير المقبل. ورايت هو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «ليبرتي إنيرجي»، وهي شركة لخدمات الحقول النفطية مقرها في دنفر.
وقال ترامب، خلال إعلانه، إن رايت «عمل في مجالات الطاقة النووية والطاقة الشمسية والحرارية والنفط والغاز. والأهم من ذلك أنه أحد الرواد الذين ساعدوا على إطلاق ثورة الصخر الزيتي الأميركية».
ومن المتوقع أن يدعم رايت خطة ترامب لزيادة إنتاج النفط والغاز إلى أقصى حد، بالإضافة إلى السعي لإيجاد سبل لزيادة معدل توليد الكهرباء، التي تشهد أول زيادة كبيرة في الطلب عليها منذ عقود، بحسب رويترز.