سلط اكتشاف الجزائر لاحتياطيات كبيرة من الليثيوم في عام 2024 الضوء على إمكانات تعدينية هائلة وأهمية استراتيجية كبيرة، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع التعدين المهمل في البلاد.
وحذر الخبراء من أن نقص التطوير والخبرة قد يؤخر الاستفادة من هذا الاكتشاف لعقد أو أكثر، ووفقاً لتقرير موقع (AGBI).
وتم تحديد الليثيوم ومعادن حيوية أخرى في مايو 2024 في المناطق الجنوبية من تمنراست وعين قزام في الجزائر.
ويُعد الليثيوم مكوناً رئيسياً في بطاريات السيارات الكهربائية، وهو أساسي للانتقال العالمي إلى الطاقة الخضراء.
ويتوقع أن يتضاعف الطلب العالمي على الليثيوم ثلاث مرات ليصل إلى 3.3 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، مما يجعل احتياطيات الجزائر مورداً استراتيجياً.
من جانبه، وصف وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب، الاكتشاف بأنه فرصة تحويلية تضع الجزائر كلاعب رئيسي في قطاع التكنولوجيا الخضراء.
وأوضح التقرير أن قطاع التعدين في الجزائر، الذي طغى عليه تاريخياً قطاع الطاقة، لا يزال متراجعاً. ففي عام 2016، ساهم التعدين بنسبة ضئيلة بلغت 0.6% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس عقوداً من الإهمال.
من جانبه، قال هاري فان شاويك، رئيس تحرير إفريقيا في مجموعة أكسفورد للأعمال: «كان تركيز الجزائر يكاد يكون حصرياً على استثمارات الطاقة»، موضحاً أن هذا النقص في استغلال قطاع التعدين، إلى جانب نقص الخبرة في الإنتاج وإدارة المشاريع، يشكل تحديات كبيرة.
بدوره، قدّر جستيناس ليويما، مدير الرؤى الصناعية في شركة «يورو مونيتور إنترناشونال»، أن الجزائر قد تحتاج إلى 10 إلى 15 عاماً للاستفادة الكاملة من موارد الليثيوم.
وبدأت الجزائر في تنويع اقتصادها وإصلاح قطاع التعدين لمواجهة هذه العقبات. وفي نوفمبر 2024، وصلت مسودة قانون يهدف إلى مواءمة قطاع التعدين الجزائري مع المعايير الدولية إلى مراحلها النهائية. كما سبق ذلك سلسلة من الإصلاحات، بما في ذلك قانون الاستثمار لعام 2022 وقانون المالية لعام 2023، اللذان قدّما حوافز للمستثمرين الأجانب.
كما أنشأت الجزائر مناطق حرة تعفي المستثمرين من الضرائب، وطبقت إطاراً لتخصيص الأراضي المملوكة للدولة للاستثمار، وأطلقت منصة رقمية لتبسيط العمليات.
وقال فان شاويك: «تشير هذه التطورات إلى تحول نحو إحياء صناعة التعدين»، مؤكداً أن الجزائر تعتمد بشكل كبير على الخبرات والاستثمارات الأجنبية.
وتم اكتشاف الكميات الكبيرة من الليثيوم في مايو الماضي بالتعاون مع شركة «غانفينغ ليثيوم» الصينية، مما يبرز اعتماد الجزائر على الشركات الأجنبية.
ويتوقع ليويما استمرار المشاركة الصينية، الأمر الذي قد يزيد من التوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة، محذراً: «على الرغم من أن تأثير هذه التوترات ليس واضحاً بعد، إلا أنها تضيف مزيداً من عدم اليقين إلى بيئة اقتصادية عالمية مضطربة بالفعل».
ورغم التحديات، يرى الخبراء أن احتياطيات الليثيوم الجزائرية قد تكون محفزاً للتغيير.
وقال فان شاويك: «ستلعب الشركات الأجنبية دوراً أساسياً في استغلال إمكانات الجزائر، مما يسهل نقل المعرفة وبناء القدرات».
ووفق التقرير، فإن اكتشاف الليثيوم في الجزائر يعد نقطة تحول، ويقدم فرصاً كبيرة، ولكنه يتطلب تجاوز عقبات جمة لاستثمار ثروة البلاد المعدنية غير المستغلة.